الأربعاء 5 فبراير 2025
كتاب الرأي

سعيد جعفر: هل يمكن للمغرب أن يفكر في حج صوفي؟

سعيد جعفر: هل يمكن للمغرب أن يفكر في حج صوفي؟ سعيد جعفر
بعض الأفكار المجنونة قد تكون حكيمة ومبدعة
قبل سنوات فكر أردوغان في جعل مسجد آنا صوفيا قبلة للمسلمين، وقبل الإسلام فكر سادة قريش في جعل الكعبة مكانا للحج والتقرب من اللات وعزى ومناة.
هناك سياق وأسباب وجيهة دفعت قريش وأرد وأردوغان لإحداث محج ديني.
-الناس دائما في حاجة للروح والإله وبالتالي هي في بحث دائم عن وسيلة تتعبد بها للقاء ذلك الإله روحيا ووجدانيا. المسلمون يرحلون لمكة والنصارى يرحلون للفاتيكان واليهود يرحلون للهيلولات أينما وجدوا، والبوذيون يرحلون للجبال.
- ويحدث أن محجات قد لا تبقى بنفس طبيعتها وهويتها، وهذا يطرحه الناس اليوم بعد أن اختار بن سلمان أن يدخل كثيرا من عناصر المادة من خمر ورقص وقمار وجنس إلى مدن جديدة بالسعودية،
وأردوغان عند افتتاح آنا صوفيا قال هذا بشكل ما، قال لا يمكن للناس أن تحج في أمكنة غير طاهرة. أردوغان رجل براغماتي جدا وسبق له أن استعمل الإسلام لينجح سياسيا وسيستخدمه اقتصاديا.
ليس وحده أردوغان من يقول هذا، الأموال الضخمة التي تصرف على الكرة والمهرجانات ينظر لها على أنها من أموال الحج وهناك من يطالب من الاستفادة منها.
ستحدث أشياء كثيرة في المستقبل لأن نيوم الجديدة في السعودية ولا سيما المراحل القادمة فيها ستجعل من المملكة قبلة سياحية متكاملة ستلبي للسائح الأجنبي كل طلباته بدون استثناء، هناك تصور لتعزيز السياحة الدينية لكن جزء من السياح سيطلب الخمر والجنس ولحم الخنزير والرقص والخمار.
لا يمكن للسلطات في السعودية أن تنجح الأمر رغم كل الجهود، إذ كلما ستتقدم المادة ستتراجع الروح.
في السنوات القادمة وكلما تلقى المسلمون صورا واخبارا وتصريحات وبرامج حول السعودية الترفيهية ستتراجع ثقتهم في السعودية الدينية وسيبحثون عن وجهات روحية أخرى.
أردوغان رجل استراتيجية وقد فكر في هذا الأمر، وعندما قام بكل تلك الجهود السياسية لمسح آثار تركيا العلمانية وتأسيس الجمهورية التركية الإسلامية بما في ذلك الامعان في ترؤس الاتحاد الإسلامي،
وعندما قام بكل تلك الحملة الاشهارية لجعل آنا صوفيا محجا روحيا سنويا للمسلمين لأنه يعرف أن الأشياء تتغير في المحيط الإقليمي والدولي.
ما الذي يمكن للمغرب أن يقوم به روحيا؟
المغرب بلد السادات والأولياء حيث تعيش بيننا روح ما يفوق 500 ولي ومتصوف وأكثر من عشرين زاوية منها من لها فروع وأتباع في إفريقيا وفي العالم.
هذا كنز ورأسمال وطني يمكن أن يستثمر روحيا لغايات روحية ربانية خالصة.
لقد بدأ قبل مدة التفكير في جامعة صوفية عالمية نواحي آسفي، وقد كان الأمر قريبا من التحقق لولا أن بعض الملاحظات والاعتراضات الايديولوجية خصوصا أجلت الإجراء.
سيكون هناك طلب على الروح في السنوات القادمة، والمغرب له أرضية في احداث مواقع ومنصات للروح في المواسم وفي الدروس الحسنية وفي مسجد الحسن الثاني وفي الزوايا والمزارات وفي مداغ وفي الهيلولات وفي كناوة وفي موسيقى الشعوب وفي كل منابر الجمعة،
وسيكون بإمكانه إطلاق محج روحي صوفي يفد عليه كل الناس من كل فج عظيم مسلمون ونصارى ويهود وبوذيون ولا أدريون وغيرهم طلبا للإشباع الروحي.