الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

أبونعمة نسيب: إلى أين ستنقل الجزائر مخيمات تندوف؟

أبونعمة نسيب: إلى أين ستنقل الجزائر مخيمات تندوف؟ أبونعمة نسيب
الحكومة الجزائرية وتحت ضغط شركات دولية والقرارات الأممية وانتفاضة الصحراويين بتندوف الأخيرة، تريد إزالة مخيم الداخلة ومخيمات اخرى في الطريق. وعزت أوساط متتبعة القرار من المخيم قربل من منجم غار اجبيلات التي قررت الحكومة الجزائرية إعادة خط إنتاجه بعد توقف دام لعقود، وكذلك لدخول شركة روسية وصينية في عرض استغلال هذا المنجم، وهو القرار الذي سبقته أعمال الدراسة المرتبطة بطرق وكيفيات استغلال هذا المنجم، الذي ترى الجزائر انه يتوفر على أهم احتياط عالمي من الحديد.
 
وقد حاولت الجزائر عبر وسائلها الإعلامية التهليل للمشروع والثناء عليه، وتصويره كمنقذ للجزائر وشبابها، وثمنت ما سمته إجماعا شعبيا على المشروع، وترحيبا به داخل كل مكونات الدولة خاصة سكان ولاية تندوف، متناسية مصير ألاف الصحراويين الذين استقدمتهم للاستقرار فوق أراضيها واعتبرتهم لاجئين. وها هي تريد ان تتخلى عنهم في أبشع صور الخذلان والتنكر، بعدما ظلت لسنوات وعقود تعلل دفاعها بالاحتكام للمبادئ والقيم، وليس بدافع استغلالهم لضرب المغرب أو الحصول على منفذ مؤدي إلى المحيط الأطلسي على حساب تراب المملكة الشريفة من جهة الصحراء.
 
واليوم، وبعد أن ضاقت درعا بطول أمد النزاع الذي اختلقته، وتصاعد الاحتجاجات الداخلية بالجزائر وبالمخيمات وفي بلد غني، أنفق قادته أموال شعبه على لوبيات لدعم أطروحة البوليساريو التي تفرق عنها الجميع وأصبحت منبوذة تلجأ بعد كل مصيبة إلى الجزائر التي أثقلتها المشاكل هي الأخرى، وصارت تبحث عن حل تسكت به أفواه الجياع، لتهتدي فيما اهتدت إليه إلى فكرة بعث المنجم الميت وإحيائه بحثا عن ثروات قد تجد فيها من البركات ما لم تجده في غيرها على أهميته.
 
الجزائر تسعى للتضحية بمدينة من مدن الصحراء الشرقية المغربية والتي انبعثت من جديد من خلال الوثائق التي قدمتها الدولة المغربية مؤخرا حيث اسكنت فيها عصابة انفصالية وأعطتها صفة دولة البوليساريو الوهمية. مشروع غار جبيلات ترى فيه الجزائر مجموعة مشاريع اقتصادية جديدة، ستجد بعدها دولة الكراغلة نفسها ابتلعت أركان دولة بنتها فوق أراضيها المؤقتة ظلت تتشدق في نشراتها الإخبارية بأنشطة سفاراتها وتمثيلياتها في دول حليفة للجزائر . 

فيا ترى أين ستقيم الجزائر دولة البوليساريو الجديدة ؟ وكيف ستبرر أمام العالم نقل ما تسميه دولة وهمية من مكان إلى آخر؟ ان الشركتين الروسية والصينية قدمت للحكومة الجزائرية خطة من أجل اجلاء ساكنة تندوف من اجل استغلال هذا المنجم .
 
ما لا تعرفه الجزائر أن الصحراويين لن ينتظروا كما لم ينتظروا في السابق أن تبتلع مخيماتهم، وهم الذين خبروا البوليساريو على مدى عقود، ويعلمون إن قادتها سيقبلون إقامة دولة في احد أحياء العاصمة الجزائر إن تطلب الأمر، لأن الأهم عندهم تطبيق أجندة الجزائر وليس الدفاع عن الصحراويين، وحتى من يدافع عن جماعة ليس بقادر على منحها وطنا، لان الوطن الحقيقي لا يبتلع أبناءه بل يتقبلهم كيفما هم ويغفر أخطاءهم.
 
من هنا، يتبين كما أثبت التاريخ أن الصحراويين لا أرض لهم ولا وطن لهم إلا في المغرب الذي يفتح ذراعيه لهم دون ميز ولا مساومة، وهو الوطن الوحيد الذي سامح من عارضه وحاربه منهم.ولا زال إلى اليوم يرفع شعارا أمام كل من أراد العودة: ” إن الوطن غفور رحيم “. وحتى إن طبقت الجزائر قرارها بتشريد ألاف الصحراويين بمخيم الداخلة، فالأكيد لن يفكروا سوى بالعودة إلى وطنهم الحقيقي المغرب، وليس البقاء في بلد يتاجر بمعاناتهم.