السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

الصديق معنينو: أرذل العمر

الصديق معنينو: أرذل العمر الصديق معنينو
في أسبوع واحد حضرت ثلاث حفلات مخصصة لتكريم عدد من الرجال والنساء من تخصصات مختلفة... كانت الأجواء عاطفية توحي بالاعتراف بما أسداه المكرمون من خدمات لصالح القطاعات التي اشتغلوا فيها... ووسط أجواء احتفالية وعلى نغمات أجواق موسيقية، تمت المناداة على المكرمين واحداً واحداً وسلموا دروعا وشهادات شكر وامتنان.
 
تكريمات
سعدت لهذه الاحتفالات لأنها تكرم عوض أن تؤبن تُسعد عوض أن تُحزن.... ذلك أن الاعتراف بخصال وجهود المكرمين والمكرمات دليل على الاحترام والتقدير ومكافأة للمخلصين والعاملين بصدق ومثابرة. هكذا حضرت في الدار البيضاء حفلا تم خلاله تكريم الفنان المقتدر عبد الوهاب الدكالي... حضرت كذلك حفل تكريم عدد من السيدات في إحدى أكبر القاعات بالرباط وذلك بدعوة من الفنان عبد العالي الغاوي وجمعية نادي الفنانين المغاربة.... خلال هذا الحفل سلمت ذرع التكريم لحفيدة الزعيم الصحراوي خطري ولد سعيد الجماني، وهي خريجة أكبر المدارس الفرنسية... لقد رغبت في أن أتولى تكريمها وفعلتُ ذلك بكثير من التأثر نظرا لعلاقتي مع جدها...
في فاس وبدعوة من رئيسة جمعية بوابة فاس السيدة ليلى بنيس حضرت حفلا كبيرا تم خلاله تكريم عدد من السيدات الناجحات في ميادين الأعمال والإحسان والبحث العلمي..... وتميز الحفل في يومه الثاني بوقفة ربانية مع عيساوة ،فاس في إطار لقاء تميز بإعداد «ماء الزهر» على الطريقة التقليدية إضافة إلى حلويات يكثر استهلاكها في شهر رمضان.
 
أول موثقة
خلال حفل قاس، شاءت الأقدار أن أقدم درع التكريم للسيدة رتيبة الصقلي أول امرأة موثقة بالمغرب... حكت لي.. «أن ولوج هذه المهنة كان صعباً بالنسبة للرجال ومستحيلا بالنسبة للنساء، ورغم محاولاتها العديدة وجدت نفسها بعيدة عن بلوغ طموحها كانت الصعوبات قانونية وإدارية ودينية وتعسفية.. لكن الحسن الثاني حسم في الموضوع عندما علم بالأمر، وأصدر ظهيرا يعين بمقتضاه السيدة الصقلي موثقة وبذلك فتح طريقا» سيارا» أمام السيدات لمهنة لازالت علاقتها بمهنة «العدول» تحتاج إلى توضيح ومتابعة.
قالت لي المكرمة ... هناك اليوم في المغرب حوالي ألفي موثق وموثقة، وولوج هذا الميدان أصبح أقل صعوبة من الماضي... واندهشت عندما أضافت.. من بين الألفين من الموثقين والموثقات بالمغرب، هناك اليوم حوالي خمسين في المائة من السيدات أي ما يفوق تسعمائة من الموثقات....
 
رجال ونساء
عندما يتعلق التكريم بنساء ورجال بصموا مهنتهم واجتهدوا وكافحوا من أجل بلوغ القمة ووصلوا سنا متقدمة عليهم أن يرتاحوا فاسحين المجال أمام غيرهم... غير أني ألاحظ كثرة التكريمات بعضها لشباب لازال في بداية مشواره، ومعنى ذلك أننا عوض التنويه بعمله، ودعوته إلى المزيد من الاجتهاد، فإننا بتكريمنا لمبتدئين نقتل فيهم الرغبة في التألق فيصيبهم نوع خبيث من الغرور... أيها الناس شكرا على التكريم لكن كرموا من أفنى حياته في العمل... كرموا من هم في الطريق إلى السفر الأخير... كرموا كل الفئات وألا يقتصر على نخبة عالمة مرتاحة وسعيدة....
 
أرذل العمر
أود أن أشكر كل الذين كرّموني في أكثر من أربعين مناسبة وفي مدن مغربية مختلفة، لقد أسعدوني بكلماتهم وابتسامتهم حيث ذكروني بماض جميل... لكني مع ذلك أشعر أن هناك زملاء آخرين، في ميدان الاتصال والإبداع، يرحلون دون أن ننتبه إليهم ونقدّر عطاءاتهم.... بل منهم من فارق الحياة، وهو في أرذل العمر، لا يجد ما يقتات به أو ما يخفف به من آلام مرضه... لن أذكر الأسماء ولكن أبناء هذه «القبائل غير المتضامنة» يعرفونهم ويُطنبون بكلمات فضفاضة بعد رحيلهم....
فالرجاء أكرموهم ولو بكلام وهم في أرذل العمر.