السبت 18 مايو 2024
اقتصاد

مراقبو الجو بمطارات البيضاء يخوضون معركة بهذه العناوين

 
 
مراقبو الجو بمطارات البيضاء يخوضون معركة بهذه العناوين فضاء المراقبة الجوية

بداية القصة

لم يكن يوم 15 فبراير 2023 يوما عاديا في تاريخ المكتب الوطني للمطارات على مستوى العلاق الشغلية / الاجتماعية مع النقابة الأكثر تمثيلية بالقطاع ومكاتبها النقابية بالمؤسسة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.

خروج "اليوم" عن سياقه العادي، وقّعت عليه بامتياز وفي خطوة يمكن وصفها بغير المسبوقة كما تؤكد قراءة أولية في المعطيات المتعلقة بمسار العلاقة الشغلية بين الإدارة العامة والنقابات الأكثر تمثيلية، جاء بعد أن تقدمت إدارة المكتب يوم 15 فبراير 2023، إلى رئيس المحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدارالبيضاء بوصفها محكمة موضوع، بمقال افتتاحي رامٍ إلى الحكم ببطلان اضراب دعا إلى تنفيذه المكتب النقابي للمراقبين الجويين بمطارات الدارالبيضاء يوم الثلاثاء 21 فبراير 2023 زعمت أنه "عشوائي" و"تضامني".

وبدأت فصول المواجهة القانونية والقضائية والاجتماعية

من هنا، ووسط أجواء مشحونة لبس معها فضاء مطارات الدارالبيضاء كومة غيوم بدت السماء معها بعيدة بمسافة شبه ضوئية عن شروق الشمس وانبعاث جرعة حرارة تستعيد معها الحياة المهنية حصانتها الاجتماعية..

ومن هنا، انطلقت فصول قصة معركة قانونية وقضائية واجتماعية بين المكتب النقابي للمراقبين الجويين بمطارات الدارالبيضاء، والإدارة العامة للمكتب الوطني، حيث لازالت تداعياتها ترخي بظلالها على شغيلة القطاع بكافة مطارات المملكة، زاد من سيولة حالة التوتر والارباك الإداري كما يتضح من سياق الأحداث وتطورها، "انحباس" باب اجتهاد هيئة دفاع الإدارة الممثل في شخص الأستاذة أسماء العراقي، والأستاذة بسمات الفاسي الفهري، عند نقطة وردت في مقدمة القضايا/ المطالب التي دفعت بالمكتب النقابي الكونفدرالي إلى اتخاذ قرار الاضراب، تتمثل في تشبث الجهاز النقابي بعودة زميلهم يونس عزدي بعد قرار الإدارة تنقيله من برج المراقبة إلى مديرية الجودة بالدارالبيضاء، بدعوى انخراطه في جمعية مخالفة للقانون.

هيئة دفاع المكتب الوطني، لم تتوقف في باب الاجتهاد كما يبدو واضحا في نص المقال المرفوع إلى رئيس المحكمة عند هذه النقطة المطلب، بل انها دفعت بحزمة قرائن لتعزيز طلبها للمحكمة في الدعاوى الرامية على الحكم ببطلان اضراب تصفه المذكرة بـ"اضراب عشوائي وغير مشروع لكونه اضراب تضامني". حيث جاءت في هذا الشأن، بمقتضيات مدونة الشغل ــ وهي من النظام العام ــ بما يفيد أن مقتضايتها "تمنع منعا باتا الاضراب التضامني"، مبرزة من جهة، "أن الاجتهاد القضائي مستقر بدوره على اعتبار عدم مشروعيته"، ومن جهة أخرى، ما اسمته "الضرر الجسيم الذي يلحقه تنفيذ الاضراب بالنقل الجوي وهو مرفق عمومي"، وطالبت في جانب ذي صلة، من المحكمة، باعتبار ان القضاء هو حامي المرفق العمومي من أية خروقات للقانون، وهو الحريص على ان يتقيد الجميع باحترام القانون وعدم الانحراف بالعمل النقابي، "الحكم ببطلان بطلانا مطلقا الاضراب المعلن عنه من طرف الأطراف المدعى عليهم، وهم المكتب النقابي للمراقبين الجويين بمطارات الدارالبيضاء المنضوي تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل"، والأمر بجعل الحكم المنتظر صدوره مشمولا بالنفاذ المعجل، وترك الصائر على عاتق الطرف المدعى عليه".

وصدر الحكم ابتدائيا

وسط أجواء من الترقب وسط المراقبين الجويين بمطارات الدارالبيضاء وباقي مطارات المملكة، أدرج قاضي المستعجلات بالمحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدارالبيضاء المكلف ناهض لمصدق، القضية في جلسة 16 فبراير 2023، تخلف عن الحضور أعضاء المكتب النقابي المدعى عليهم، وتم حجز القضية للتأمل قصد النطق بالحكم بجلسة 17 فبراير 2023.

وفي جلسة 17 فبراير 2023 جاء الحكم القضائي، كما نطق به القاضي ناهض لمصدق نيابة عن رئيس المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء بصفته قاضيا للمستعجلات وبمساعدة السيدة هند الراجي كاتبة الضبط، وأصدر الأمر الآتي نصه:

"نأمر علنيا وابتدائيا وحضوريا في حق المدعية وبمثابة حضوري في حق المدعى عليهم في الشكل بقبول الطلب.

في الموضوع: نأمر المدعى عليهم المكتب الوطني للمراقبين الجويين بمطارات الدارالبيضاء المنضوي تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مأخوذ في شخص أعضائه، بإيقاف تنفيذ اضراب المراقبين الجويين بمطار الدارالبيضاء مؤقتا والمعلن عن تنفيذه من طرفهم بتاريخ 21ـ 02 ـ 2023 وذلك إلى حين البت بصفة نهائية في الدعوى الرامية إلى بطلان الاضراب مع شمول هذا الأمر بالنفاذ المعجل بقوة القانون وإبقاء الصائر على من أداه".

وبدأت المعركة القانونية .. هيئة دفاع المكتب النقابي تلتمس من المحكمة

التصريح بعدم اختصاص هذه المحكمة محليا

الأمر بإحالة القضية والأطراف إلى المحكمة المختصة محليا

القول والحكم بعد قبول الدعوى الحالية

التصريح بمشروعية وقانونية الاضراب

انطلقت فصول المواجهة القانونية بالمحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدارالبيضاء، في جلسة 16 مارس 2023 يرأسها هيئتها القاضي المكلف كريم بنعدي، حيث تقدمت هيئة دفاع المكتب النقابي للمراقبين الجويين بمطارات الدارالبيضاء ممثلة في الأستاذين محمد اوبرايم وحبيبة بيروك بمذكرة جواب على المقال الافتتاحي، أبرزت فيها أن المنازعات الخاصة بتحقيق المرفق العام وباستخدام السلطة العامة يرجع الاختصاص فيها للمحاكم الإدارية، كم أنها "تندرج ضمن القضاء الشامل الذي يختص بالنظر في القضاء الإداري، بغض النظر عن طبيعة العلاقة التي تربط المستخدمين بالمؤسسات العمومية التي تشغله، أو خضوعها للقانون العام أو الخاص".

وأوضح محاميا المكتب النقابي في مذكرتهما الجوابية على المقال الافتتاحي، أنه وبمقتضى المادة 12 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، فإن الدفع بعدم الاختصاص النوعي مقبول في جميع مراحل الدعوى"، لافتين أن الدعوى قدمت في مواجهة غير ذي صفة، لأن المكتب النقابي لا يتوفر على الشخصية المعنوية على غرار فروع الشركات التجارية، وأن حق التقاضي مخول فقط للنقابات وليس للمكاتب المحلية، مما يتعين معه تقول المذكرة الجوابية "التصريح بعدم قبولها ـ الدعوى ـ"

واعتبرت المذكرة الجوابية أن اضراب المراقبين الجويين بمطارات الدارالبيضاء احترم جميع الشروط التي حددها القضاء المغربي في هذا الباب وكذا مشروع قانون الاضراب، مبرزة أن الاضراب المزمع تنفيذه جاء مرفقا بملف مطلبي متكامل ومشروع، وبالتالي تقول فإنه "بعيد بأن يوصف بالعشوائية".

وبخصوص طلب ارجاع المراقب الجوي عضو المكتب النقابي إلى مقر عمله السابق ببرج المراقبة، بينت هيئة الدفاع إلى المحكمة، أنه لا يمكن "اعتباره اضرابا تضامنيا، لأن الطلب المذكور انما هو مطلب مشروع لأن العارضين يعتبرون قرار تنقيله تضييقا على العمل النقابي باعتبار أن السيد يونس عزدي أمين المال بالمكتب النقابي للمراقبين الجويين ".

وبناء على ما سبق تقول المذكرة "يتضح جليا بأن طلب المدعي ــ المكتب الوطني للمطارات ــ لا يستند على أساس قانوني"، فإن المكتب النقابي يلتمس من المحكمة بعد ملاحظة مشروعية إضراب تنظيمه النقابي شكلا ومضمونا، وكذا بعد ملاحظة عدم تأسيس دعوى المدعي بشكل قانوني وواقعي، التصريح بعدم اختصاص هذه المحكمة محليا، و المر بإحالة القضية والأطراف على المحكمة المختصة وهي المحكمة الإدارية بالدارالبيضاء، والقول والحكم بعدم قبول الدعوى الحالية ، التصريح بمشروعية وقانونية الاضراب المزمع تنفيذه، وبالتالي رد جميع دفوعات المدعي والحكم برفص الطلب.

الأستاذ العتيقي

وبدأت دفوعات هيئة دفاع المدعي تتهاوى، وتتلاشى متونها، قدماً قدماُ بعد أن فككت شيفرة مزاعمها للترامي على حق دستوري ومكتسب كوني للطبقة العاملة، قبل أن تتحول حزمة الاستناد إلى كرة هوائية تتقاذفها أمواج المحيط وباتت على مرمى حجر من زبده تحت أشعة شمس حارقة، في عز صيف مشمس لا يبالي بمظهرها أحد ويتحاشى لمسها الصغار كما الكبار.

تفاصيل "المعركة" القانونية لـ"إبطال" مضامين المقال الافتتاحي حملتها إلى المحكمة، المذكرة الجوابية التي تقدم بها الأستاذ عبد العزيز العتيقي عضو هيئة دفاع المكتب النقابي للمراقبين الجويين إلى رئيس المحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدارالبيضاء في جلسة 30 ـ 03 ـ 2023 التي يرأس هيئة الحكم فيها القاضي المكلف الأستاذ كريم بنعدي.

الاستاذ العتيقي أوضح في الجانب المتعلق بـ"الدفع بعدم الاختصاص النوعي "إلى أنه ما دامت المدعية مؤسسة عمومية، فإن نزاعات الشغل التي تنشأ في علاقتها الشغلية مع أجرائها ومستخدميها تخضع لاختصاصات المحاكم الادارية".

وحول "بطلان الاضراب" الذي دعا إليه المكتب النقابي، وادعت الادارة كما جاء في المقال الافتتاحي، أنه غير مشروع لكونه اضرابا تضامنيا، أوضح الأستاذ العتيقي، بأن مدونة الشغل لا تتناول الاضراب التضامني مطلقا، لأن ذلك يقول "ليس من اختصاص القانون التنظيمي الموعود صدوره دستوريا"، مبرزا أن الاشارات التي تضمنتها هاته المدونة بخصوص الاضراب تتعلق فقط بتوقف "عقد الشغل خلال الاضراب"، و"تحريم التشغيل المؤقت"، و"ابرام عقود الشغل المحددة المدة خلال فترة الاضراب".

الجدل حول مدى مشروعية الاضراب التضامني

أوضحت المذكرة الجوابية للأستاذ العتيقي بخصوص هذه النقطة مثار جدل قانوني وفقهي، أنه وفي ظل غياب القانون التنظيمي يمكن تعريف الاضراب التضامني بكونه يقول "الاضراب الذي يتم شنه تضامنا مع أجير أو أكثر داخل المؤسسة أو مع أجراء مؤسسة أخرى".

وهو ما يعني يضيف، أن الاضراب التضامني "ليوصف كذلك، يجب أن يكون سببه وموضوعه التضامن مع أجير أو أكثر ولا يتضمن مطالب أخرى"، وزاد شرحا حول دعوى "بطلان الاضراب" بتساؤل قانوني وتشريعي عمّا إذا كان هذا الوصف ينطبق على الاضراب الذي دعا لتنظيمه المكتب النقابي للمراقبين الجوي؟

وبالرجوع إلى بلاغ الاضراب يقول الاستاذ العتيقي في مذكرته المرفوعة إلى رئيس المحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدارالبيضاء، فإن المطالب الواردة فيه هي المطالبة بتنفيذ التزام عقدته ادارة المكتب الوطني على نفسها بمقتضى المحضر المذكور، وعليه، فإنه ليس هناك استنادا إلى بعض الأحكام والقرارات القضائية، وكذا قرارات محكمة النقض الفرنسية، ومنظور منظمة العمل الدولية أي وجه لمفهوم الاضراب التضامني في مثل هذه الحالة.

وحول ادعاء المقال الافتتاحي بالضرر الجسيم، أوضح الأستاذ العتيقي، أنه من الطبيعي أن يؤدي الإضراب باعتباره توقفا جماعيا عن العمل إلى الحاق الضرر بالمشغل للضغط عليه ودفعه للتفاوض حول المطالب المقدمة إليه، لافتا أن الأجراء بدورهم يتكبدون أضرارا في توقف أجرتهم طيلة مدة الاضراب، ولذلك فإن اضراب المكتب النقابي للمراقبين الجويين بمطارات الدارالبيضاء يقول "لم يكن ولم يستهدف تعطيل أداء هذا المرفق، وإنما فقط تقييد سيره العادي لدفع الإدارة إلى تقييد التزاماتها وفق المحضر المصادق عليه بين طرفي الانتاج".

انطلاقا من المعطيات والحقائق والقرائن التي دفع بها عضو هيئة دفاع المدعى عليهم، التمس نيابة عن المكتب النقابي للمراقبين الجويين بمطارات الدارالبيضاء من المحكمة،

أساسا: بالحكم بعدم الاختصاص والقول باختصاص المحكمة الادارية.

واحتياطيا: رفض الطلب وبالتالي إقرار مشروع الإضراب الذي دعا إليه المكتب النقابي للمراقبين الجويين بمطارات الدارالبيضاء، وتحميل الصائر للمدعية (المكتب الوطني للمطارات).

وتستمر فصول المعركة القانونية والقضائية والاجتماعية ...