لماذا تسجل الدوائر الأمنية حدوث جرائم النهب أثناء الكوارث الطبيعية؟ كيف يرى علماء الاجتماع هذه الظاهرة المستفزة في الوقت الذي تستدعي اللحظة من الجميع الإنخراط في تقديم العون والإغاثة والتعاون والتضامن الإنساني؟
في هذا السياق تقدم جريدة "أنفاس بريس" للقراء ملخصا لتقارير إعلامية تناولت الظاهرة استنادا على دراسات لعلماء الاجتماع الذين رصدوا الظاهرة مع استثناءات قليلة جدا.
وبالرجوع إلى كوارث سابقة سجلت قديما تناولت التقارير الإعلامية سنة 1917 حين وقع انفجار بميناء "ماليفاكس" بكندا حيث اصطدمت سفينة إغاثة بلجيكية وناقلة ذخيرة فرنسية في الميناء، أدت إلى تكوين موجة تسونامي أغرقت شوارع مدينة "ماليفاكس" تسبب في قتل حوالي عشرة آلاف شخص تقريبا. وسجلت خلالها وقوع حوادث نهب كثيرة.
وحسب نفس التقارير الإعلامية فقد كانت هذه الكارثة من "أوائل الحوادث التي درسها علماء الاجتماع لفهم طبيعة الجرائم التي ترافق الكوارث ومنها الطبيعية كالأعاصير والزلازل والتي أصبح يرافقها مع مرور السنوات جرائم عنف ضد النساء والأطفال والاتجار بالبشر والاحتيال والنهب...".
من المعلوم أن علماء الاجتماع والقانونيين "يفرقون بين حوادث النهب والسرقة"، على اعتبار أن السرقة "هي أخذ شيء دون إذن أو صفة قانونية بينما قد يحدث النهب علانية وأحيانا في حضور المنهوب، مع تشديد علماء الاجتماع والقانونيين على "أن السائد في الكوارث هو المساعدة والتعاون بين أفراد المجتمع".
وأوضحت التقارير الإعلامية في سياق الحديث عن ظاهرة النهب أن "آخر حوادث النهب المرتبطة بالكوارث وقعت في تركيا بعد زلزال 2023"، حيث طرح سؤالا غاية في الأهمية يرتبط بـ "هل النهب هو رد فعل لا مفر منه بعد هذه الكوارث؟"
واستندت التقارير الإعلامية في دراسة الظاهرة على كتاب (CRIMINOLOGY OF DISASTER) حيث خلص الباحثان "كيلي فريلنغ" و "دي ود هاربر" إلى أن وقوع النهب مرتبط بأمرين:
الأمر الأول:
أن نسبة حوادث النهب والسرقة قبل الكارثة مثلا عند مقارنة حوادث السرقة قبل إعصار "كاترينا" الذي وقع في أمريكا عام 2005، وجدوا أنها لم تكن نادرة ولذلك زادت بعد وقوعه لأن المنطقة التي تضررت من إعصار "كاترينا" كانت أصلا مناطقة مهمشة ودخل سكانها منخفض.
الأمر الثاني:
كيف كان رد فعل السلطات عند وقوع الكارثة؟ إذ أنه خلال إعصار "كاترينا" كان رد فعل السلطات متأخرا لتقديم الدعم ونشر قوات الأمن مما سهل عمليات النهب، والسمة المشتركة بين الدول التي تحدث فيها حوادث النهب بعد الكوارث مثل (هايتي وتشيلي ومدينة نيوا ورليانز) التي ضربها إعصار "كاترينا" مثلا، هو "ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وارتفاع نسبة النساء كمعيلات وحيدات للعائلة وانخفاض نسبة التعليم بالإضافة لتأخر رد فعل السلطات في أعمال الإغاثة وحفظ الأمن".
في هذا السياق يضيف Bethany L. van Brown الأكاديمي بعلم الاجتماع بجامعة كابريني ببنسلفانيا "أن النهب يعد أيضا وسيلة لتفريغ الحزن والسخط على بطء الإغاثة" .
لكن سجلت الدراسات ذات الصلة بعمليات النهب أثناء حدوث الكوارث بأنه لكل قاعدة استثناء حيث أدرجت مثال دولة اليابان التي كان فيها الأمر مختلفا جدا، على اعتبار أنه "عندما وقع زلزال بمارس 2011، بالكاد سجلت حوادث النهب". وأرجعت التقارير الإعلامية ذلك لسببين:
السبب الأول: أن الشعب الياباني يميل لتقدير خُلُق الأَمَانَة
السبب الثاني: نشر قوات الشرطة وتعاون عصابات "الياكوزا" معها للسيطرة على الأمن