دعا المشاركون في ندوة "تعزيز مساهمة مغاربة العالم في تنمية الجهات" التي نظمها مجلس الجالية المغربية بالخارج وجمعية وجهات المغرب، إلى تقوية مساهمة مغاربة العالم في تنمية الجهات " من خلال إعادة النظر في القانون التنظيمي للجهات، عبر إحداث آلية تشاورية جديدة تهم مغاربة العالم لإشراكهم في صناعة القرار على المستوى الترابي.
كما شدد المشاركون في ختام هذه الندوة التي احتضنتها، الخميس8 مارس 2023 الرباط، على ضرورة الإسراع بوضع خطة طريق واضحة تؤطر العلاقات ما بين الكفاءات المغربية بالخارج ومختلف الفاعلين المؤسساتيين في ميدان التنمية الجهوية مع العمل على ضمان استمرارية هذا النوع من اللقاءات الحوارية والتشاورية بين مغاربة العالم و الجماعات الترابية.
استراتيجية وطنية شاملة
ومن بين التوصيات والمقترحات التي قدمت خلال الندوة التي تميزت بمشاركة عدد من المنتخبين الجهويين وجمعيات الهجرة ومؤسسات عمومية وباحثين من المغرب وبلجيكا وهولندا وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وكندا والولايات المتحدة، التأكيد على ضرورة تطوير الإطار المؤسساتي مع إقرار استراتيجية وطنية شاملة، وملاءمة القوانين والتنظيمات مع المقتضيات التي ينص عليها الدستور في مجال الجالية والهجرة بمغاربة العالم.
مخاطب واحد
وبعدما سجل المشاركون غياب مخاطب واحد في شؤون الجالية، وتعقد المساطر الإدارية التي تواجه مغاربة العالم، اوصوا ببحث السبل الكفيلة بالارتقاء بمستوى مساهمة كفاءات المغربية بالخارج في مسلسل التنمية من خلال تغزيز الثقة وجعل الثقافة والابداع عنصرا هاما في هذا المجال.
وأبرز عدد من المشاركين على أهمية الربط بين الخصوصيات المجالية والجاليات المستهدفة بهدف استدامة المشاريع، مع تعزيز الثقة المتبادلة وتعميق التعاون الأكاديمي والبحث العلمي، والاستفادة من تجارب مغاربة العالم وجعلها في خدمة التنمية الترابية والجهوية.
سياق متميز
وخلال هذه الندوة أشار إدريس اليزمي رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إلى أن هذه الندوة تنظم في سياق تميز بعدد من الديناميات الأساسية المختلفة التي تتطور باستمرار وفي مقدمتها النقاش الوطني الذي جاء في أعقاب خطاب الملك محمد السادس في 20 غشت 2022 بمناسبة الذكرى الـتاسعة والستين لثورة الملك والشعب، الذي دعا فيه الملك إلى وضع سياسات والحكامة في مجال الهجرة، وتقوية مساهمة مغاربة العالم في تنمية المملكة.
وأضاف أن هذه الندوة، تندرج كذلك في إطار مسلسل الجهوية المتقدمة الجاري، لا سيما أن الجماعات الترابية، وخاصة الجهات، تعد شريكا لا محيد عنه في مجال تعبئة الكفاءات المغربية بالخارج.
خلاصات لمجموعات عمل
وأوضح أنه، منذ انعقاد اللجنة البين وزارية المكلفة بمغاربة العالم التي اجتمعت تحت رئاسة رئيس الحكومة، تم احداث خمس مجموعات عمل التي عقدت عدة اجتماعات بوتيرة متواصلة، وتوجت هذه المرحلة بخلاصات، جرى تجميعها وتوليفها من لدن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج (قطاع مغاربة العالم)، وأن هذه الخلاصات رفعت الى رئيس الحكومة، مبرزا أن مجلس الجالية المغربية بالخارج ساهم بفعالية كبرى، وإخلاص في اجتماعات مجموعات العمل الخمس هاته.
تلاؤم مع التحولات
وعبر ادريس اليومي عن اعتقاده، أن أية سياسة تتعلق بمغاربة العالم، يتعين أن تأخذ بعين الاعتبار ارتفاع حركية وتنقل النخب المهنية وظاهرة التأنيث وشيخوخة الأجيال الأولى في بلدان المهجر، لا سيما من خلال استهداف الأجيال الصاعدة والفئات الهشة موضحا أن ذلك يتطلب أساسا العمل على ملاءمة السياسات المتعلقة بمغاربة العالم مع التحولات المرتبطة بالعوامل الجغرافية والديمغرافية والثقافية والاجتماعية الراهنة.
وفي هذا الصدد ركز ادريس اليزمي على أهمية البعد الثقافي الذي ينبغي أن يصبح شأنا مركزيا خاصة في العلاقة مع الأجيال الجديدة لمغاربة العالم، مع العمل على تكريسه في بلدان الإقامة، مع دعم الإبداع لدى أبناء المهاجرين.
وكالة للعمل الثقافي بالخارج
وبعدما ذكر بالمقترحات التي سبق لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن طرحها من بينها إحداث وكالة مغربية للعمل الثقافي بالخارج، إعداد قانون إطار يحدد بدقة اختصاصات ومجال تدخل كل قطاع في ميدان مغاربة العالم.
ومن جهة أخرى أشار الى أن هناك نماذج ملموسة ومتنوعة لإشراك مغاربة العالم على المستويين المحلي والجهوي، وتهدف كذلك الى الحفاظ على روابط متينة بالمناطق التي ينحدرون منها، ملاحظا بأن عددا من جهات المملكة ترتبط بعلاقات مثمرة مع الجالية المغربية بالخارج خاصة منها الكفاءات المغربية المهاجرة.
وأضاف اليزمي أن هناك عددا من المشاريع لمغاربة العالم تم إنجازها جهويا، تهم بالخصوص ميادين الاستثمارات المنتجة، مبرزا مساهمات شبكات الكفاءات العالية، واتفاقيات الشراكة المبرمة فيما بينها وبين الجماعات الترابية الوطنية والأجنبية في إطار التعاون اللامركزي الدولي للجماعات الترابية.
الإشراك في البرامج التنموية
ودعا إلى استحضار برامج التنمية الجهوية، والعمل على المزيد من إشراك مغاربة العالم فيها، موضحا في هذا السياق أن جهات المغرب الـ 12 لا تعد المجال الترابي الضروري للتنمية الاقتصادية فحسب، بل باتت كذلك المجال الأمثل لتنفيذ السياسات القطاعية وتعزيز المشاركة الفعلية للمواطنين في إدارة الشؤون الجهوية، وذلك باعتبار أن المقاربة الترابية تشكل حجر الزاوية في بلورة سياسة متجددة لتعبئة الجالية المغربية بالخارج.
أما مباركة بوعيد رئيسة جمعية جهات المغرب ورئيسة مجلس جهة كلميم واد نون، فأكدت من جهتها على ضرورة مأسسة الحوار مع مغاربة العالم عبر الهيئات الاستشارية الجهوية على غرار تلك المتعلقة بالطفولة والشباب والمجتمع المدني، داعية في هذا الصدد إلى إحداث هيئات استشارية جهوية من شأنها تحديد كفاءات مغاربة العالم وتيسير التواصل بينهم والجماعات الترابية حول آفاق العمل.
توطيد التواصل وتبادل الخبرات
كما شددت على ضرورة استغلال الإمكانات التي يتيحها التعاون اللامركزي والتمويلات الدولية الموجهة للشبكات الوطنية، إلى جانب العمل على عناصر أخرى، منها توطيد التواصل وتبادل الخبرات، وبذل المزيد من الجهد لتعزيز خطوط النقل الجوي بين مختلف جهات المملكة وشتى بقاع العالم.
وعبرت بوعيدة عن استعداد جمعية جهات المغرب، للتفاعل مع مختلف الاقتراحات بشأن مراجعة القانون المتعلق بالجهات، وذلك بهدف تمكين مغاربة العالم من القيام بأدوارهم بفعالية في التنمية المجالية.
تعبئة الكفاءات المغربية في الخارج
وسلط المشاركون الضوء على دور ومساهمة الجماعات الترابية، لا سيما الجهات، في تعبئة الكفاءات المغربية في الخارج وفي إبراز انتظارات واحتياجات الجهات في هذا المجال، فضلا عن الممارسات الفضلى والمبادرات المتخذة من أجل إدماج مغاربة العالم على المستوى الترابي، خاصة وأن المجالس الجهوية، وهي بصدد بلورة خططها للتنمية الجهوية، التي يمكنها أن تساهم في تنزيل التوجيهات الملكية بالنظر إلى صلاحياتها الجديدة واعتبارا للارتباط الوثيق لمغاربة العالم بالأقاليم التي ولدوا فيها أو التي وُلد فيها آباؤهم.