الاثنين 20 مايو 2024
سياسة

أي ثمن تقاضته الأحزاب والجمعيات مقابل صمتها عما يحدث بتندوف؟

 
 
أي ثمن تقاضته الأحزاب والجمعيات مقابل صمتها عما يحدث بتندوف؟

ملف الصحراء يغلي على نار ملتهبة، وأحزابنا وجمعياتنا بمختلف ألوانها وتخصصاتها "نائمة". الصمت المطبق إزاء "خرجات" الشباب الثائر في مخيمات تندوف، ممثلا في حركة شباب التغيير، يعني "العار" و"الخيانة" لقضية وطنية تهم المغاربة جميعا، في الوقت الذي تزرع الجزائر ومعها البوليزاريو "القنابل الموقوتة" في العيون والسمارة والداخلة، وتستغل أي حادث عابر لتوتر الأجواء وتخلق البلبلة كي تظهر لعدسات المصورين أن الصحراء "مستعمرة" مغربية، وأن أحداث الشغب المفتعلة هي شكل من أشكال "النضال". وهنا وجه المفارقة بين دولة "معتدية" تكشر عن أنيابها وهي تحاول أن تسرق "ترابك"، وبين أحزاب نائمة تنكرت لصرخات المحتجزين بتندوف، وجمعيات لا يهمها من هذا الصراع سوى الاسترزاق والمتاجرة بقضية الصحراء. 

"إننا في مخيمات تندوف نعيش بين نارين: نار طغمة البوليزاريو وقيادتها الفاسدة، ونار المدعين بالدفاع عن حقوقنا وهم ليسوا سوى سماسرة ينهبون المساعدات الإنسانية الدولية ويلوكون عبارات المسكنة والاستجداء باسمنا".

إنها صرخة واحد من المحتجزين في مخيمات العار، يقول أحمد الخر رئيس جمعية الوحدة والتنمية للدفاع عن حق المحتجزين في العودة، معلقا على الوضع القائم في المخيمات، بأنه يسير من سيء إلى أسوأ بعدما طالت معاناة ساكنة المخيمات وأحست منذ وقف إطلاق النار بين أطراف النزاع سنة 1991 بأن في الأمر مكيدة تستدعي الرفض، وهو ما أنتج هذه الصحوة وبداية تفكير الساكنة في مراجعة مواقفها خاصة لدى الشباب الذين تبين لهم زيف الادعاءات ويعبرون عن تمردهم مثل حركة شباب التغيير. إذ كانت قيادة البوليزاريو مدعمة من الجزائر تعمل على إجبارهم على البقاء في محيطهم، وذلك بتحفيزهم على ممارسة أنشطة لا قانونية كالتجارة في المخدرات وتهريبها والمضاربة في المواد الغذائية التي تصل كهبات ومساعدات إنسانية إلى ساكنة المخيمات. لقد تبين لهؤلاء الشباب أن نزاع الصحراء مفتعل، وهو ليس من أجل الصحراء والصحراويين، وإنما هو خطة جزائرية لخلق نوع من التوتر خدمة لأهدافها التوسعي. لكن كما أن الجزائر صنعت الأزمة وفبركتها، فإن صحوة الشباب الصحراوي اليوم بدأت في تفكيك هذه الأزمة بعدما رفضوا اللعبة التي انطلت على آبائهم منذ عقود. وهذا التوجه هو ما أشار إليه لغزال إبراهيم رئيس رابطة المدافعين عن الحقوق الإنسان بالصحراء بشكل آخر، حيث اعتبر أن هذه الصحوة تأتي في سياقات متعددة تتميز بحراك التغيير الذي قاده الشباب في المنطقة ككل ووصل إلى مخيمات تندوف رغم الحصار الإعلامي الأمني والعسكري. فقد ضاقت ساكنة المخيمات المحتجزة من الطغمة الحاكمة التي تجثم على صدورهم، منوها (أي لغزال إبراهيم) بالمواكبة المتميزة لقناة "العيون" الجهوية لحركة شباب التغيير والتي تبث تحركاتها المتمردة على القيادة الفاسدة، وهو ما يفرض مساندة جميع الفعاليات الحقوقية الأخرى محليا وطنيا ودوليا على الأقل. 

من جهته اعتبر رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالعيون أحمد حمو أكليدأن التعاطي مع حقوق الإنسان الذي تتبناه الجمعية يراعي الحياد والموضوعية والنزاهة، "ولهذا –يقول- كنا نقترح دائما آلية أممية لمراقبة وضعية حقوق الإنسان تتصف بصفة الحياد والنزاهة سواء هنا أو هناك، مبديا تحفظه إزاء ما يبث في الإعلام الرسمي الذي يعبر عن وجهة نظر رسمية، وطالبا أن يفسح المجال للجمعية والجمعيات الأخرى للتعبير عن مواقفها بنزاهة دون خلفية سياسية".

أما المعتقل السياسي السابق المغراوي، فيرى بأنه من أجل الوقوف على الحقيقة ينبغي النظر إلى ما يجري في مخيمات تندوف بحياد مطلق ومن جهة أخرى، فإن الحراك الذي تشهده المخيمات يدخل في إطار المتغيرات الدولية التي يعرفها بصفة عامة وبصفة خاصة شمال إفريقيا.. السؤال هو هل هذا الحراك داخل مخيمات البوليزاريو هو من أجل المطالبة بمراجعة فكرية فيما يتعلق بالنزاع في الصحراء الغربية أو أن هذا الحراك يدخل في عدم رضى هؤلاء الشباب على الطريقة التي تسير بها الأوضاع داخل المخيمات.. وكموقف شخصي، يضيف، أرى بأن الأيام المقبلة وحدها هي التي ستحسم في هذا الأمر ومسألة الانتفاضة قادتنا إلى طرح سؤال حول دوافعها وتداعياتها على الداهي كاي رئيس جمعية المفقودين من البوليساريو وعضو منظمة العفو الدولية، فأفاض في التحليل التاريخي والاجتماعي للانتفاضة مبينا بأن مخيمات تندوف عرفت سلسلة من الانتفاضات منذ 1974 عقبتها عدة اعتقالات من طرف قيادة البوليساريو للعديد من أفراد ساكنة المخيمات حيث أطلقت على كل مجموعة بالنسبة لكل انتفاضة اسما خاصا بها. هكذا كانت قيادة البوليساريو تتلقى الضربات الموجعة من داخل المخيمات تتهم فيها القيادة التي لم يكن لها مكانا أصلا في المجتمع الصحراوي المكون من قبائل وكل قبيلة لها قيادة تدعى الخيمة الكبيرة وقيادة البوليساريو تم تنصيبها من الجزائر، فهي لم يكن لها تاريخ وسط القبائل، لذلك نهجت أسلوب التسلط بدعم من الجزائر وتقوم بسجن وقتل كل العائلات التي كانت لها علاقات البيعة مع الملوك العلويين ذلك تبعا للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لاهاي التي أثبتت هذه العلاقات. مضيفا أن الانتفاضة الجديدة تأتي في إطار سلسلة الانتفاضات القديمة التي خضناها ضد قيادة البوليساريو، وها هم أحفادنا يتسلمون المشعل ويقودون الانتفاضة الجديدة رغم أنف الدولة الجزائرية وآلات قمع جبهة البوليساريو، كما أن هذه الانتفاضة نقوم بها نحن أيضا بعدما وضعنا ملف خروقات البوليساريو لدى محكمة الجنايات الدولية والمحكمة العليا الاسبانية من أجل الإطاحة بالجلادين، كما يعزز لذلك الاستجابة للنداء الملكي "إن الوطن غفور رحيم" والذي التحق على إثره بأرض الوطن ما يقارب 11 ألف من العائدين.