الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

إدريس الملياني: الوضع الحالي لاتحاد كتاب المغرب سوريالي وعبثي  ولا معقول!

إدريس الملياني: الوضع الحالي لاتحاد كتاب المغرب سوريالي وعبثي  ولا معقول! إدريس الملياني
يعيش اتحاد كتاب المغرب اليوم تحديات غير مسبوقة، بعد فشل تنظيم مؤتمري طنجة والعيون، ليعتبر البعض بما فيهم عدد من أعضائه أن معقل المثقفين يمر بأزمة حقيقية، ليبدأ على إثر ذلك التذكير بما لعبه من أدوار منذ تأسيسه ومقارنتها بأدواره الحالية، وكذا التشكيك في نوايا حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي جعل من وضعية هذه المؤسسة الثقافية موضوع نقاش.
 
وفي هذا السياق ولرصد مواقف النخبة المثقفة بالمغرب من الوضع الحالي للاتحاد، وكذا الغوص في خلفياته، تواصلت صحيفة "أنفاس بريس" مع الشاعر والكاتب والمترجم إدريس الملياني، بصفته نائب رئيس اتحاد كتاب المغرب.  
 
 
ما هي قراءتك للوضع الحالي لاتحاد كتاب المغرب أو ما اعتبره البعض أزمة؟
الوضع الحالي لاتحاد كتاب المغرب سوريالي وعبثي  ولا معقول، ما يزال  يحاول النهوض من كبوته، والتقاط أنفاسه الأخيرة التي كاد أن يلفظها، وهو حتى هنا والآن بالكاد يتماثل للشفاء من داء وبيل وعضال عز دواؤه وعجز عن علاجه الحكماء.
 
ومهما تعددت الأسباب فالموت واحد: فهو سواء كان في أزمة  أم مازق أو عرقلة بين أيد غير رحيمة غنيمة ورهينة لن تطلق سراحها حتي تحقق لها ما تريد وترضي لها ما تبتغي من الإياب وتقضي منها وطرها وتلبي لها ما تشاء من الرغاب.   
 
بماذا تفسر هذه الصحوة المفاجئة للاتحاد وأعضائه؟
منذ مؤتمر طنجة المجهض، على الأقل،  واتحاد الكتاب يعاني من الانتظار والاحتضار والتأجيل والتعطيل، لأسباب كثيرة، ومريرة، وخطيرة، كانت في الظاهر تبدو موضوعية ولكنها في الباطن ذات عمق ذاتي ربما أبعد من مجرد البحث عن دعم لعقد مؤتمر استثنائي. لا أود محاكمة النيات، إنما ذلك ما بدا للعيان أنها مغرضة.وقد كانت حقا صحوة مرجوة، من غيبوبة طالت أكثر من اللازم،أو أريد لها أن تطول، غير أنها ليست مفاجئة، لأن المصلحة العامة كانت هي الراجحة غالبا على أي منفعة خاصة. لذلك كان كل عضو حريصا على سلامة الجسد حتى يستعيد عافيته، ويعود إلى طبيعته ومجرى حياته الثقافية داخل المجتمع. كان الحوار الديموقراطي، النقدي والندّي والودّي، والمؤدّي دائما إلى تدبير الخلاف الثقافي. 
 
ولم تأت هذه الصحوة والخطوة إلا بعد أن نفد الصبر وبلغ السيل الزبى وبدا أنه لابد منها وضرورية وملحة أكثر من أي وقت مضى،للتعجيل بالدعوة إلى التدخل السريع، لإنقاذ اتحاد الكتاب وإسناد جسده المتداعي والمترنح الروح، ولأمر في غاية الغرابة والبساطة لا يكلف غير مشقة الحضور والوقوف لانتخاب مكتب تنفيذي جديد لاتحاد الكتاب أو عناء دقيقة صمت للحداد والترحم عليه.  

كيف يمكن أن يستعيد الاتحاد والمثقفون دورهم المتوهج في المجتمع المغربي ويعودوا للواجهة؟
المثقفون دائما في الواجهة، يضطلعون بدورهم المجتمعي الطبيعي والطليعي، المتوهج على واجهات نظر وفكر وفن عديدة،  ويبدعون بجمال النضال ونضال الجمال وكل أنواع الإبداع والإمتاع والإشباع والإرواء الإنساني.
 
والمثقفون، والكتاب المفكرون والأدباء والفنانون يقاومون باتحادهم من أجل حداثة الثقافة والحفاظ عل وحدته واستقلاليته وديموقراطيته. وما اتحاد الكتاب إلا إطار جمعوي تنظيمي، يعمل من أجل مأسسته وتطوير أساليبه وديبلوماسيته لأداء واجبه الوطني والقيام بمهام الدفاع العالمي عن  قضايا وطنه وشعبه وأدبه المغربي.
 
وهو كالحب الذي قال عنه الشاعر نزار قباني إنه لو لم يوجد على الأرض لاخترعناه. وهو بالتالي كما يحلو لي القول دوما، اتحاد تحابّ الكتّاب والانتخاب ولكنه تحول للأسف الشديد إلى اتحاد أحقاد الكتاب والاحتراب. والمساعي والمحاولات الحالية كلها الآن لإنعاش جسد اتحاد الكتاب وإبقائه على قيد الحياة.

ماذا تقول في الاتهامات التي تفيد أن هذه الصحوة جاءت لأغراض حزبية لكون حزب الاتحاد الاشتراكي يقف خلفها؟
اتحاد الكتاب جزء لا يتجزأ من ثقافة الأحزاب الوطنية والتقدمية، ويتقاطع معها في أفكار كثيرة ومبادئ شتى وحتى على خلفية دستورية، تشترك معه فيها، كما تشترك مع هذه الخلفية جميع الهيئات والمنظمات والجمعيات الأخرى بما فيها الأحزاب، وعلى اتحاد الكتاب واجب الاحترام والتوقير التام لهذه المنظمات الحزبية والشعبية التي يقرها القانون. وهناك علاقة وطيدة وعتيدة وعنيدة ومنذ عقود عديدة تربطه بهذه الأحزاب والجمعيات ذات المنحى الوطني الديموقراطي والتقدمي. لقد عشت نصف قرن في اتحاد تحابّ الكتّاب والانتخاب وفي مكاتبه المركزية والتنفيذية والمحلية منذ أيام الطلب الجامعي، في منتصف الستينيات، ولعدة ولايات، ولم  يقدم أي رئيس على اتهام أي حزب وطني، لا لشيء، إلا لأنه يقف خلفه، لمساندته دائما، ومساعدته حاليا لاستعادته من هذه  الغيبوبة الطويلة، التي أدخل فيها ولم يستطع إلى الحياة سبيلا ولا حتى إلى الموت وصولا. ولذلك وجهت "نداء استغاثة" لبث الروح في جسد اتحاد الكتاب وبعث الحركة والحياة في هياكله المشلولة. وعسى أن يلبى النداء.