الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: وزارة التربية الوطنية في ورطة !!

إدريس المغلشي: وزارة التربية الوطنية في ورطة !! إدريس المغلشي
أمام تصاعد الاحتجاج الذي عرفته الساحة التربوية والذي أفرز عدة اشكالات قانونية وتراجعات حقوقية القاسم المشترك بينها انها وجهان لعملة واحدة فهناك من أحيل على المحاكم لتقول كلمتها في سابقة خطيرة يهان فيها رجل وامرأة التعليم ضدا على الاحتجاج السلمي الذي يكفله الدستور. لتليها فضيحة الإحالة على مجالس تأديبية غير قانونية. فتكتمل بذلك صورة بؤس الوزارة وتؤكد اننا نعيش اسوا زمن تدبير للشأن التعليمي يفند كل الشعارات الكبيرة من قبيل: (الجودة والاستقرار التربوي بالمدرسة العمومية والاستراتيجيات المستقبلية الضامنة للريادة...) وغيرها من الشعارات الفضفاضة التي يصعب قياسها، مما يؤكد أننا نعيش زمن الهشاشة بامتياز.
لانشك لحظة أن نضالات الساحة وعملية شد الحبل بين الاساتذة والوزارة أفضت لخلاصات أهمها أن هذه الأخيرة فشلت في الحوار فشلا ذريعا عكس ما روج له البعض لعدة اعتبارات سنفصل فيها.
السؤال الذي يفرض نفسه لماذا لازالت الاحتجاجات مستمرة أذا كانت النتائج مرضية؟ دعونا نتفق أن حق التلميذ في الحصول على نقطه مشروعا ومقدسا وبنفس القياس هناك حقوق ومكاسب للأستاذ لا يمكن التفريط فيها ولا مقايضتها. من يسعى لفصل الأول عن الثاني فهو يمارس ظلما بينا على الأخير. لأننا لم ننتبه لمعطى اساسي ارتكبت من خلاله الوزارة خطأ جسيما عندما غيبت قراءة واعية تستحضر المآلات والنتائج في نهايتها. فبدت خطواتها متعثرة ونظرتها محدودة.
ألم تكن تدري بالمسار الذي سلكه المحتجون منذ البداية وهم يلوحون بأشكال نضالية عبر بياناتهم، أين هو الحس الاستباقي لتقليل الخسائر؟ يبدو أنها راهنت على الوقت وبعدما ضاع منها لجأت لاستعمال القوة في غير موضعها فخسرت المعركة مرتين اخلاقيا وتربويا.
لكي نؤطر النقاش منهجيا لهذا الإشكال لابد من طرح سؤال حول هوية المرجع القانوني لقرار الإحالة على المجالس التأديبية. هل بالرجوع للنظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديمية يوليوز 2018 أم للظهير الشريف رقم 1-58-008 (1958) .
أم بنظام أساسي متفق بشأنه مؤخرا 14يناير 2023 والذي لم ير النور بعد؟ من دفع الوزارة الى اتخاذ قرار التوقيفات يعلم جيدا أن إجراءاته التدبيرية مجروحة قانونيا وفقهيا باعتبار أننا سنشهد مجالس تأديبية صورية وفاقدة لحلقة مهمة في تشكيلتها وهي ممثلي الفئة المعنية بالحضور والتي تعتبر احدى الضمانات الأساسية التي حرص عليها المشرع لتأمين نزاهة القرار.
من سيدافع عن الماثل بعد انتهاء النقاش ويحقق ذاك التوازن المنشود في القرار داخل لجنة اختل فيها التساوي بعدما اصبحت محتكرة من طرف من يعتبر الخصم والحكم في نفس الوقت؟ ألم يكن حري بالإدارة ان تتدرج في العقوبة لتصل إلى حل مع الأساتذة أم انها استعجلت الشدة فتورطت في مأزق قانوني.
من العبث انتظار تدبير عقلاني من طرف فاقد للتروي وبعد نظر فليس دائما الحل هو الزجر وقطع الأرزاق والذي يعزز فقدان الثقة ويوسع الفارق. ليس غريبا على وزارة فشلت في الحوار وعمقه الدلالي ومضامينه أن تكون قادرة على النجاح في واجهات اخرى لا تقل أهمية عن الأول.
من يعتقد أن سياسة التشدد في العلاقة تحت عنوان الانضباط والحزم في مثل هذه الحالات لها جدوى فعليه أن يمتلك جرأة في النهاية لإحصاء الخسائر وتقديم استقالته بعد فشله في التدبير لكننا في المغرب السعيد لا يستمر في الكراسي والمسؤولية الا من ينتجون الأزمة ويغامرون بمصير قطاع حيوي له راهنيته والضريبة في النهاية تؤديها المدرسة والمواطن وما دمنا قد عاينا كيف يتم حبك وإخراج سيناريوهات للمحظوظين من أجل الإفلات من المحاسبة بل منهم من تتم مكافأته بمنصب أعلى دون محاكمته. لا أمل في شعارات الإصلاح والتصحيح ما دمنا غير قادرين على القطع مع هذه العقليات.