الجمعة 7 فبراير 2025
كتاب الرأي

عتيقة الموساوي: كوكتيل الحشرات وجنون البشر ..

عتيقة الموساوي: كوكتيل الحشرات وجنون البشر .. عتيقة الموساوي
تناولت قطعة شوكولاتة محشوة برقائق الكاكاو.. قدمها لي أحدهم كهدية لقدومه من أروبا، لكنني لا أعرف لما لم أستسع طعمها بعد أن قفزت إلى ذهني محتويات مكونات في ما قد تحتويه من نسبة مسحوق الحشرات .. من طرف الشركات المصنعة للمواد الغذائية.. شيء يدعو للاشمئزاز والقرف فالموضوع ما فتئ يشكل مادة إعلامية خصبة هذه الأيام للشركات المصنعة لبديل البروتين الحيواني، صور التحميص والطحن والعجن والعصر للديدان واليرقات والصراصير بالمعامل تتير حالة الغثيان، وعلى رفوف المتاجر تثير المخاوف، فهل هي دعاية لنشر الهول بين الناس أم هو فعلا التطبيق صار علنا ؟!
حلويات حبوب مجففة، خلطات جافة مخبوزات بسكويت منتجات المعكرونة المحشوة أو غير المحشوة صلصات منتجات البطاطس الجاهزة المقرمشة، منتجات العجين البيتزا، مسحوق الحليب، بدائل اللحوم، وشوربات والمركزات، وجبات خفيفة من دقيق الذرة مشروبات وحلويات الشوكولاتة، مكسرات البذور والعبوات الزيتية وصناعة الأغدية بشكل مقزز، فمند أن أقر البرلمان الأوربي إدماج مسحوق الحشرات واستبدال الطعام دو الأصل الحيواني بالبديل الحشري، والرافضون والمتحفظون يتزايدون حول العالم لما لهذه الأطعمة من خطر مضر على الصحة.
صحيح أكلات الزواحف كان مقتصرا على الصينيين واليابانيين وأمثالهم من الأسيويين حين يلتهمون الطبقات المختلفة من الحشرات المشوية والمقلية في أطباقهم المعتادة، تثيرنا الدهشة والرفض لعادات ما أنزل الله بها من سلطان، فنحمد الله على نعمة الاسلام ومجتمعاتنا العربية ومعتقدات الحلال والحرام على موائدنا وأسواقنا، ولم نكن نتوقع أن طعام الصينيين من الملتويات الزاحفة سيغزو حتما عالمنا حتما ويحشو أطعمتنا ولو بالتدليس.
فالطعام يتنقل والمواد الغذائية في تبادل مستمر.. ولا يمكن أن تحتج على أحد إن وجد مسحوق الديدان واليرقات وصراصير الليل وديدان القمح والجراد المهاجر في كل الاطعمة، تلك هي الحقيقة الصادمة والواقع الذي يتربص بنا.
أكاد أتصور الأمر ضربا من الجنون وفق قرار الاتحاد الأوروبي بسن قانون بيع منتجات مسحوق الحشرات للأوروبيين في 24 من فبراير الماضي وتصديره لإفريقيا وباقي البلدان مدعما من المفوضية الأوربية للأغذية والزراعة بحضر أكل اللحوم المختلفة وإغلاق مزارع الأغنام والأبقار والدواجن. وتشجيع مشاريع تربية الحشرات والديدان ومحاولة اقناعنا بها كبديل للبروتين والقيمة الغذائية، وما مغريات الخطاب وتفاعل وسائل الاعلام والتواصل بخطابات لمَّاعة لم تكن لتستهوي المستهلكين الأوربيين بل معظمهم غير مستعد لتجربتها بتاتا، وهذا ما أكدته استطلاعات الرأي في تقارير خَلُصت الى أن 13% غير متأكدين و 80 % من الناس يشعرون بالاشمئزاز من فكرة أكل الحشرات وفقاً لتقرير منظمة الأغدية العالمية في 2022، وحتى لو أخدنا بعين الاعتبار أكل لحوم الخنزير من طرف الأوربيون فالمشكلة بخلافنا نحن المسلمين في ما نستورده من منتجات من أوروبا والغرب رغم التطمينات التي تدعونا لتفحص ملصقات المنتجات التي يتم وضع توصيف لها بهذا الأمر، وتترك هامش حرية الاختيار للمستهلك، ومع دالك لا أعتقد أن الاختيار حر فالتمويه وارد والحيطة والحدر واجب، ففوبيا الخوف من رؤية الصراصير ليست أشد هلعا من قرف أكل الصراصير...!!
إنه عالم الجشع المجنون يتحرك بنا في سلسلة بأيادي من يحركون العالم للسنوات القادمة..وما تغيير الطعام على عِلتَه إلا مسافة سير نحو المجهول، ولن يكون طعامنا غريبا إذ ما دخلنا يوما مطعما وصادفنا لائحة مقبلات ب "كوكتيل غريب مندمج بالحشرات " أو عصير "بناشي" بِسٌم قاتل..، قد يصير الأمر معتادا.. لأننا حُمِلْنا على حين غرة إلى عالم يَنقُلنا لجُنُون البشر البطيء بعد جُنون البَقر .
 
عتيقة الموساوي، كاتبة