الخميس 28 مارس 2024
خارج الحدود

بعد تحذير سعيّد.. توقيفات تطال مئات المهاجرين تثير نقاشا حقوقيا في تونس

بعد تحذير سعيّد.. توقيفات تطال مئات المهاجرين تثير نقاشا حقوقيا في تونس مهاجرون على الحدود التونسية الليبية (أرشيف)
أوقف الأمن التونسي مئات المهاجرين  الوافدين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، خلال الأيام الأخيرة، وذلك بالتزامن مع تشديد السلطات للإجراءات الرقابية على وضعية المهاجرين في هذا البلد المغاربي.
وقال المتحدث باسم الحرس (الدرك) الوطني، حسام الدين الجبابلي، في تدوينة له، إن وحدات الحرس أوقفت 151 مهاجرا من دول أفريقيا جنوب الصحراء في مناطق متفرقة من البلاد يوم الأحد 26 فبراير 2023.
وفي تحديث سابق، ذكر المتحدث  أنه تم  خلال الليلة الفاصلة بين 24 و 25 فبراير ضبط 166 مهاجرا من دول جنوب الصحراء وذلك في إطار "مجابهة ظاهرة إجتياز الحدود الجزائرية التونسية خلسة والإقامة على غير الصيغ القانونية".
تصعيد بعد "وعيد" الرئيس
وصعدت قوات الأمن التونسية حملاتها ضد المهاجرين غير النظاميين عقب اجتماع للأمن القومي عقده الرئيس قيس سعيد الأسبوع الفائت خُصص "للإجراءات العاجلة التي يجب اتخاذها لمعالجة ظاهرة توافد أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس"، وفق بلاغ رئاسي.
وشدد سعيد في الاجتماع على "ضرورة وضع حد بسرعة لهذه الظاهرة خاصة وأن جحافل المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء ما زالت مستمرة مع ما تؤدي إليه من عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة فضلا عن أنها مجرّمة قانونا".
وأثار هذا الموقف حفيظة الاتحاد الأفريقي ومنظمات عاملة في مجال  تعزيز حقوق الإنسان، وسط دعوات لوقف الخطابات العنصرية ضد المهاجرين.
ودان الاتحاد الأفريقي مواقف الرئيس سعيّد بشأن المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء ودعا دوله الأعضاء إلى "الامتناع عن أي خطاب كراهية له طابع عنصري قد يلحق الضرر بأشخاص".
كما تظاهر المئات من النشطاء والحقوقيين التونسيين، السبت، تضامنا مع المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء على خلفية تنامي مظاهر العنصرية والاعتداءات التي تستهدفهم.
والسبت، قالت الداخلية التونسية إن "كافة مصالحها حريصة على التقيّد التام والتزامها بالتعامل مع كافة الأجانب من مختلف الجنسيات المتواجدين بالتراب التونسي وفق مقتضيات التشريع الوطني النافذ والمواثيق والمعاهدات الدولية في كنف الاحترام التام لمبادئ حقوق الإنسان".
توضيح رسمي
من جانبه، أكد وزير الخارجية التونسي نبيل عمّار الاثنين في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن بلاده تبعث برسائل "طمأنة" لكنها تستبعد الاعتذار إثر الانتقادات التي اعتبرت خطاب الرئيس قيس سعيّد في خصوص المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء "عنصريا".
وقال وزير الخارجية "إنه تأويل مغرض لتصريحات السلطات التونسية العليا حول هذا الموضوع. لقد مرت أيام قليلة منذ حدوث ذلك ويجب علينا الآن أن نتحلى بهدوء ورسائل الطمأنة تم إرسالها عبر القنوات الرسمية وغيرها".
وأضاف الوزير "بالنسبة للمهاجرين القانونيين، لا مشكلة. على العكس، نريد المزيد". أمّا "المهاجرون غير القانونيين فمدعوون للعودة إلى ديارهم، ولكن مع احترام حقوقهم وكرامتهم".
وبخصوص حملة التوقيفات قال عمّار "يجب ألاّ نخلط بين السلوك الفردي وما تقوم به السلطات. فالسلطات تتخذ كافة الإجراءات لحماية جميع المهاجرين في تونس سواء كانوا قانونيين أو غير قانونيين".
وعلّل الوزير، المعيّن في منصبه منذ ثلاثة أسابيع، خطاب سعيّد، قائلاً إن "السلطات التونسية من حقها أن تنبه عندما تتزايد تدفقات المهاجرين غير القانونيين مع كل العواقب التي قد تترتب على ذلك".
وتابع الوزير "نحن في وضع صعب بين الشمال والجنوب. وعندما نقول إن هناك مشكلة يتهموننا بالعنصرية، هل ترون كم ذلك غير عادل؟".
وتابع في سياق حديثه "كلا، مسألة الاعتذار غير مطروحة، لم نؤذ أحدا".
تداعيات الخطوة
وفي قراءة لهذه التطورات، يقول النائب السابق بالبرلمان التونسي والناشط الحقوقي في مجال الهجرة، مجدي كرباعي، إن "خطاب سعيد حظي بترحيب من قبل الحكومة الإيطالية والشخصيات اليمينية في أوروبا"، محذرا من أن "التضييقات وقرارات الترحيل ستلحق أضرارا بالمهاجرين التونسيين".
ووصف كرباعي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، الحملة التي تقوم بها تونس إزاء المهاجرين بالاستعراضية للضغط على أوروبا بهدف الحصول على دعمها لدى المؤسسات المالية الدولية، معتبرا أن "تونس بلد عبور للمهاجرين في ظل تسجيل توافد آلاف المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء نحو أوروبا".
كما حذر المتحدث ذاته من أن "المهاجر التونسي المقيم بطريقة غير نظامية في إيطاليا سيكون أول الأطراف التي ستكتوي بقرارات الترحيل والتضييقات".
ولا توجد أرقام دقيقة حول أعداد المهاجرين غير النظاميين في هذا البلد المغاربي، غير أن تقارير إعلامية تقدر عددهم بأزيد من 20 ألف شخص.
وحسب أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فقد بلغ عدد اللاجئين وطالبي اللجوء بتونس في نهاية العام 2020 نحو 6.355 شخصا بزيادة تجاوزت نسبتها الـ100 بالمئة مقارنة بالعام الذي سبقه.
وينحدر طالبو اللجوء في العام 2020 من نحو 45 دولة مقارنة بـ20 دولة في العام 2019، وفقا لتقرير سابق للمفوضية.
 
عن/ اصوات مغاربية