الأربعاء 8 مايو 2024
فن وثقافة

بلقايد: الخلفية السوسية في العيطة الحوزية 

بلقايد: الخلفية السوسية في العيطة الحوزية  الباحث عبد العالي بلقايد
في سبيل التقعيد للعيطة الحوزية نصدر من زاوية نظر نبتغي من خلالها التفرد بمقاربة تتكيء على معالجة تكون صدى لدواخلنا لا استنساخ لما يقوله الآخر، فالموسيقى التقليدية الحوزية بكل أصنافها  تكاد تتعالق وتشترك في هذه الخلفية لا كمصدر الهام بل باعتبار الإنسان الحوزي بمختلف القبائل التي توطنت منطقة الحوز وبالتحديد قبائل بني معقل سواء الرحامنة، وقبائل احمر، وأولاد مطاع شبانات ، سميت بعرب سوس وهي تسمية لائمت هيمنة هذه القبائل على مجال سوس منذ أن تم استقدام بني هلال من طرف الموحدين إلى المغرب، وحيث أن المعقليين كانوا أقلية ضمن التغريبة الهلالية فقد أثاروا التوجه إلى الجنوب بعد أن أجبرهم الهلاليون على ذلك لحيازتهم للغلبة ليكون الإستقرار بسوس والتمدد نحو درعة وسجلماسة وصحراء الساحل ليشمل الإمتداد كذلك موريتانيا ومالي.

بعد هذا التلميح التاريخي ومن خلال بعض الملاحظات البسيطة لا يمكن أن نفصل العيطة الحوزية عن باقي الألوان الأخرى التي توطنت الحوز وبالتحديد مدينة مراكش الحمراء سواء تعلق الأمر بالهواري المراكشي، أو الدقة المراكشية، أو حمادة كرقصة شكلت لونا تقاطعت حوله الذائقة الفنية لكل المعاقلة قاطني حوز مراكش، فهذه الألوان تشكلت انطلاقا من الخلفية الجمالية لسوس، وبالأخص اللون الهواري الذي لا يكاد أن يكون بعيدا عن لون حمادة، فحتى طقيطقات المراكشية تبقى هي كذلك لون شعبي يعتمد على الميزان مما يقربه من هذه الألوان التي ترتكز على الإيقاع بالدرجة الأولى وخاصة الكف. 
 
وحتى تبقى مقاربتنا مسنودة بمراجع أو مصادر كشاهد على ما نقول نحيل على ما أشار إليه محمد المنبهي المدلاوي : (قد لا حظت مند مدة وبينت ذلك في أعمال منشورة...مدى اختراق الميزان الخماسي لكثير من ألوان الموسيقى المغربية مما يبدو لأول وهلة متباعدا مثل (أحواش) و(أجماك) وبعض أغاني (الروايس). وقد أشار المنبهي للهواري، وسرابات الملحون، وكذلك أحيدوس الأطلس المتوسط الذي يتراوح فيه الميزان الخماسي ما بين المنفرد 8\5    أو 8\10. أما الإختلاف حسب المنبهي فيكون في التواشي التفصيلية المرتجلة أو نوعية الآلات الموسيقية (دفوف، طبول، طامطام) .

 
والمنبهي من الباحثين الكبار الذي عمل على إيقاع الكلمة في الملحون والأمازيغية، وهو بذلك اشتغل على جوهر الإشكال القاضي بكتابة التراث المحلي موسيقيا، وقد تطلب منه الأمر سنين طويلة من البحث ضمن مجموعة من البحث ضمت موسيقيين ولسانيين وتخصصات أخرى. ما جعله يستنتج اختراق هذا الميزان كافة ألوان الموسيقى المغربية في تمايز عن موسيقى الشرق والغرب، وهو ميزان رغم بساطته فهو يستعصي على كبار الموسيقيين في ضبطه موسيقيا ما جعل الموسيقى المغربية التقليدية تتفرد بهذه الخصيصة التي لا نجدها إلا عند الصينيين الذين حافظوا على هذه الميزة ما دفع البعض بنعثها بمملكة السماء .  يتبع