الثلاثاء 19 مارس 2024
مجتمع

العسري: الوزارة تروج للأباطيل بشأن أخذ التلميذ رهينة من قبل المقاطعين لمنظومة مسار

العسري: الوزارة تروج للأباطيل بشأن أخذ التلميذ رهينة من قبل المقاطعين لمنظومة مسار جمال العسري أستاذ وقيادي بالحزب الاشتراكي الموحد
لوحظ أن العديد من الأساتذة يرفضون اليوم إدراج النقط التي حصل عليها التلاميذ في برنامج (مسار) احتجاجا على ما وصفوه من تجاهل الوزارة لمطالبهم، والمشكل الذي يطرح اليوم، هو ما ذنب التلاميذ في الصراع بين الوزارة والأساتذة؟ وماهي استفادتهم وأسرهم من هذا الصراع؟
في هذا الإطار اتصلت جريدة
"أنفاس بريس" بجمال العسري أستاذ وقيادي بالحزب الاشتراكي الموحد والذي وافانا بالتصريح التالي: 

في خطوة غريبة واعتبرت تصعيدية أقدمت وزارة الداخلية في شخص عاملها على إقليم تاوريرت بالتدخل في الصراع القائم بين وزارة التربية الوطنية، وفئة واسعة من موظفيها الذين أعلنوا مقاطعة منظومة (مسار)، حيث خرجت للوجود مراسلة للعامل يدعو فيها المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية لاتخاذ اللازم في حق المقاطعين لهذه المنظومة. 

بداية لابد أن نشير إلى أن عامل الإقليم استند على الفصل 145 من الدستور المغربي الذي يمنحه حق تنسيق المصالح الخارجية والسهر على حسن سيرها، فقد جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل 145 مايلي "يقوم الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها"، ومع ذلك قوبل هذا التدخل الذي اعتبر تعسفيا من قبل أغلبية أسرة التعليم، بل اعتبر "عودة لسنوات الرصاص"، لما تحمله من "لغة تهديد مبطنة" وأنها "إساءة للدولة" كما صرح بذلك " عبد الله اغميميط" الكاتب الوطني للفيدرالية الوطنية للتعليم، في حين اعتبره يونس فيراشين، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم/كدش، أسلوبا من "الأساليب الترهيبية"، وعلى أن مثل هذه "التدخلات مرفوضة بالبت والمطلق، خاصة حين تصدر عن جهة خارج وزارة التعليم." 

ومع هذا الرفض المطلق والاستنكار الكبير لهذا التدخل من قبل وزارة الداخلية في شأن داخلي من شؤون وزارة التربية الوطنية، تطرح مجموعة من الأسئلة حول منظومة مسار نفسها، وحول حقيقة تضرر التلميذ من هذه المقاطعة، وحول حقيقة أخذ التلميذ رهينة من قبل المقاطعين للمنظومة، جميعنا نتذكر وإلى زمن قريب كيف كانت توضع النقط وكيف كانت تسلم النتائج للتلاميذ، فإلى سنوات قريبة جدا، كان الأستاذ وبعد أن ينتهي من تصحيح امتحانات التلاميذ، يسجلها ورقيا في لائحة التلاميذ ويسلمها للإدارة التي كانت تتكلف بتعبئتها في سجل التلاميذ وفي سجل كل تلميذ على حدة لتسلم له نتيجته بعد ذلك، ولكن وقبل بضع سنوات أقدمت وزارة التربية الوطنية على خلق منظومة مسار لتسهيل عمليات التعبئة بالانتقال من العمل اليدوي إلى العمل الالكتروني وأوكلت في البداية العملية إلى الإدارة، التي طلبت وفي إطار المساعدة لا غير وفي إطار العلاقات الأسرية بين أفراد الطاقم الإداري والتربوي من الأساتذة القيام بتعبئتها مباشرة داخل منظومة مسار بدل وساطة الإدارة، و هكذا كانت البداية مجرد عمل مساعد وعمل اختياري لا إلزامي، خاصة وأن على الأستاذ وهو يتعامل مع منظومة مسار أن يوفر هو نفسه كل الشروط المادية، الحاسوب، الصبيب.. والمعنوية (الوقت والغلاف الزمني..) دون أدنى مساعدة من الإدارة. 

وعليه فالتعامل مع منظومة (مسار) من قبل السادة الأساتذة هو عمل تطوعي إرادي، لا إلزامي إداري.. خاصة وأن الإدارة لا توفر للأستاذ ولا وسيلة واحدة لهذا التعامل، فيكفي لأي أستاذ أن يتحجج بعدم توفره على حاسوب أو على صبيب أو على تغطية ليبرر عدم استطاعته القيام بهذا العمل الذي لم توفر له الوزارة أدنى شروطه..
 
هذا جواب عن حقيقة منظومة (مسار) التي قد يجهلها البعض، أما عن سؤال تضرر التلاميذ من هذه المقاطعة وعدم معرفتهم بنتائجهم والتي تبقى حقا من حقوقهم، فهذا حق يراد به باطل، فالمعروف والمعلوم لدى الجميع أن التلاميذ وبعد اجتيازهم للامتحانات النصفية، أوالمراقبات المستمرة، يحصلون على نقطهم مباشرة من الأساتذة، بل يتسلمون أوراق امتحاناتهم، ويقوم الأستاذ إلى جانب تلاميذته بعمليات التصحيح الجماعي والفردي للإمتحانات وللمراقبات المستمرة، ليقف الجميع عند أخطائهم وتذكيرهم بأهم ملخصات الدروس أثناء عمليات التصحيح، وهكذا فالتلاميذ أول من يطلع على النقط مباشرة بعد أن ينتهي الأساتذة من تصحيح أوراق الإمتحانات والفروض.. 

فأين هو هذا الإستبداد؟ وأين هو ذاك الاتهام بأن الأستاذ يأخذ التلميذ رهينة عنده؟ وأين هو ذلك الاتهام بأن الأستاذ يجعل التلميذ درعا في معركة ليست معركته؟ ويبقى سؤال الأسرة وحقها في الحصول على معلومات حول ابنها وحقها في تتبع نتائج فلذات أكبادها، هذا الحق هو الآخر لم يتم المس به بتاتا فمن حق أولياء التلاميذ الاتصال بالأساتذة عبر الإدارة، ومن حقهم الإطلاع على نتائج أبنائهم مرفوقة بملاحظات وتوجيهات ونصائح الأساتذة مباشرة من الأساتذة أنفسهم. فأين هذه القطيعة التي يريد البعض إحداثها بين الأسرة والأستاذ، وهي الحرب التي تبدو تباشيرها من خلال هذا التدخل المدان من قبل وزارة الداخلية في صراع بين الوزارة وموظفيها؟ 

نعم مطلوب من عامل أي إقليم أن يمارس مهامه الدستورية ومنها مهمة مساءلة المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية عن مصلحة التلاميذ، و لكن لماذا لا يسأل مثلا عن البنية التحتية التي يدرس فيها هؤلاء التلاميذ؟ وعن أوضاع هذه المؤسسات ومرافقها الصحية والرياضية والترفيهية.. بل وقاعات الدرس بها؟ وعن أوضاع التلاميذ الصحية والاجتماعية وتنقلاتهم خلال هذه الأجواء الباردة من وإلى مؤسساتهم.. نعم لا يمكن إلا أن نقدر اهتمام وزارة الداخلية واهتمامها بحسن سير مصلحة من المصالح الخارجية. ولكن هذا الاهتمام يجب أن يكون لكل المصالح الخارجية لا أن يقتصر على وزارة التربية الوطنية، الأسئلة يجب أن توجه لباقي رؤساء المصالح الخارجية عن حسن عمل موظفيهم: بالسؤال عن موظفي الجماعات وحسن أدائهم لعملهم والسرعة فيه.. وموظفي الصحة وسهرهم على صحة المواطنات والمواطنين.. وموظفي الأمن وحرصهم على أمن المواطنات والمواطنين وحسن استقبالهم بإدارت الأمن.. وموظفي العمالة حيث مكتبك ومدى التزامهم بالسرعة المطلوبة لإنجاز وإتمام مصالح الساكنة والابتسامة تعلو وجوههم.. وهل سألت الشيوخ والمقدمين عن مدى إنجازهم لمطالب الساكنة.. ووزارة العدل وكيف تجري الأعمال بردهات المحاكم.. 

أما الاقتصار على تطبيق الفصل 145 من الدستور على وزارة بعينها، بل وعلى فئة من الموظفين، فلا يمكن اعتبار هذا الأمر إلا تغولا للسلطة، واستغلالا لها، ومحاولة بئيسة لضرب معركة قانونية للسادة الأساتذة وتدخلا قمعيا واستبداديا في وجه خطوة احتجاجية حضارية وسلمية .

وفي الختام وقبل محاسبة الأساتذة على مقاطعة منظومة مسار، على الوزارة الجواب على السؤال الأكبر، ماذا وفرت للأساتذة من مواد أساسية وضرورية - الحواسيب والصبيب مثلا - للتعامل مع هذه المنظومة خارج قنهم السري الذي يتغير باستمرار؟