الخميس 18 إبريل 2024
سياسة

تحرك‭ ‬خيوطه‭ ‬فرنسا: الابتزاز يكشف الوجه الخبيث لأوروبا

تحرك‭ ‬خيوطه‭ ‬فرنسا: الابتزاز يكشف الوجه الخبيث لأوروبا الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
أكد‭ ‬تصويت‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬19‭ ‬يناير‭ ‬2022،‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬بإدانة‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬تتعلق‭ ‬بحرية‭ ‬الصحافة‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬بلادنا‭ ‬تحولت،‭ ‬بفعل‭ ‬اختياراتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الجديدة،‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬إزعاج‭ ‬لأوروبا‭. ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬تفوح‭ ‬منه‭ ‬روائح‭ ‬كريهة‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬الحملة‭ ‬الممنهجة‭ ‬والمأجورة‭ ‬الموجهة‭ ‬ضد‭ ‬المغرب،‭ ‬ظنا‭ ‬من‭ ‬اللوبي‭ ‬الضاغط‭ ‬(الفرنسي‭ ‬بالأساس)‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬"بلد‭ ‬ضعيف‭ ‬وبارد"،‭ ‬وأن‭ ‬قراره‭ ‬الحشري‭ ‬كفيل‭ ‬بهز‭ ‬أركان‭ ‬الدولة‭ ‬وتحويل‭ ‬مؤسساتها‭ ‬إلى‭ ‬دموع‭ ‬تسيل‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق‭. ‬
 
لقد‭ ‬أثبت‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬أنه‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬مؤسسة‭ ‬للابتزاز‭ ‬السياسي‭ ‬وأداة‭ ‬"تشريعية"‭ ‬للفرملة‭ ‬الممنهجة‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬صاعدة،‭ ‬ومطرقة‭ ‬جاهزة‭ ‬لدق‭ ‬عنق‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تطمح‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬نموذجها‭ ‬التنموي‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬إملاءات‭ ‬أوروبا‭ ‬الاستعمارية‭. ‬ولقد‭ ‬اتضح‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المؤشرات،‭ ‬نجملها‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يلي:
 
أولا:‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬أعده،‭ ‬أواخر‭ ‬سنة‭ ‬2020،‭ ‬المعهد‭ ‬الألماني‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‭ ‬والأمنية،‭ ‬والذي‭ ‬أوصى‭ ‬بضرورة‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬المغرب‭ ‬وعرقلة‭ ‬نموه‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬له‭ ‬بأن‭ ‬يصبح‭ ‬أقوى‭ ‬مغاربيا،‭ ‬خاصة‭ ‬أمام‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬البطيء‭ ‬للجزائر‭ ‬وتونس‭.‬
ثانيا:‭ ‬الهجوم‭ ‬الممنهج‭ ‬ضد‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬نتائج‭ ‬باهرة‭ ‬باعتراف‭ ‬الأوروبيين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬واتهامها‭ ‬بالتجسس‭ ‬بواسطة‭ ‬البرنامج‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بيغاسوس‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬ووزراء‭ ‬وسياسين‭ ‬أوروبيين،‭ ‬لإظهاره‭ ‬بمظهر‭ ‬الدولة‭ ‬الاستبدادية‭ ‬البوليسية‭ ‬القامعة‭.‬
ثالثا:‭ ‬مهاجمة‭ ‬المؤسسة‭ ‬القضائية‭ ‬المغربية‭ ‬عبر‭ ‬"تتفيه‭ ‬أحكامها"‭ ‬ومحاولة‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬شرذمة‭ ‬من‭ ‬"الخوارج"‭ ‬اختاروا‭ ‬عن‭ ‬طواعية‭ ‬خوض‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬بلادهم‭ ‬لفائدة‭ ‬الأعداء‭.‬
 
فهل‭ ‬تحول‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬حضن‭ ‬للاسترزاق‭ ‬للجهة‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬أكثر،‭ ‬وأداة‭ ‬تسخرها‭ ‬الجهات‭ ‬المعادية‭ ‬لترهيب‭ ‬بلادنا؟
لماذا‭ ‬هذا‭ ‬التركيز‭ ‬المرضي‭ ‬والغريب‭ ‬على‭ ‬المغرب؟(112 سؤالا‭ ‬برلمانيا‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الدورة‭ ‬التشريعية‭ ‬الجارية،‭ ‬و18‭ ‬مشروع‭ ‬تعديل،‭ ‬و4 مشاريع‭ ‬قرارات،‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬وحدها)،‭ ‬ولماذا‭ ‬هذا‭ ‬الإصرار‭ ‬المريب‭ ‬على‭ ‬حشره‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأزمات‭ ‬الساخنة،‭ ‬وإسقاط‭ ‬اسمه‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالانتهاك‭ ‬والفساد‭ ‬وخرق‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬للمغرب‭ ‬مؤسساته‭ ‬التشريعية‭ ‬والقضائية‭ ‬والسياسية‭ ‬والمدنية‭ ‬التي‭ ‬تدبر‭ ‬أمور‭ ‬المغاربة‭ ‬بحرص‭ ‬على‭ ‬الدمقرطة‭ ‬والتطور؟
هل‭ ‬يحب‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬المغاربة‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬قاده‭ ‬إلى‭ ‬المطالبة‭ ‬بتمتيعهم‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬التعبير،‭ ‬وإصدار‭ ‬"قراره‭ ‬الآمر"،‭ ‬كأنه‭ ‬أمام‭ ‬دولة‭ ‬قاصرة‭ ‬وجانحة‭  ‬تنتظر‭ ‬من‭ ‬يعيد‭ ‬تربيتها؟
ما‭ ‬سر‭ ‬سكوت‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬الفساد‭ ‬التي‭ ‬يتابع‭ ‬فيها‭ ‬مسؤولون‭ ‬أوروبيون‭ ‬سابقون‭ ‬وحاليون-‭ ‬وهي‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تحصى-‭ ‬واختيارهم‭ ‬لبلادنا‭ ‬بهذا‭ ‬التركيز‭ ‬الممنهج،‭ ‬بينما‭ ‬هناك‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬الجوار‭ ‬الإقليمي‭ ‬مشهود‭ ‬لها‭ ‬بالإمعان‭ ‬المريح‭ ‬في‭ ‬ملاحقة‭ ‬الصحافيين‭ ‬الأحرار‭ ‬وسجنهم‭ ‬وإغلاق‭ ‬صحفهم‭ ‬أو‭ ‬التدخل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬طردهم‭ ‬وتجويعهم‭ ‬لإركاعهم؟‭ ‬
لماذا‭ ‬أتى‭ ‬القرار‭ ‬الأوروبي‭ ‬متزامنا‭ ‬مع‭ ‬تورط‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬برلمانه‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬ترتبط‭ ‬بالرشوة‭ ‬والتلاعب؟‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬لصرف‭ ‬النظر،‭ ‬والظهور‭ ‬بمظهر‭ ‬ملقن‭ ‬الدروس‭ ‬للغير،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬خير‭ ‬ما‭ ‬يصدق‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬المثل‭ ‬المغربي‭ ‬الدارج‭ ‬"كون‭ ‬كان‭ ‬الخوخ‭ ‬يداوي‭ ‬كون‭ ‬داوا‭ ‬راسو"؟
لماذا‭ ‬تستميت‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬إشاحة‭ ‬الأنظار‭ ‬عن‭ ‬وضعها‭ ‬الداخلي‭ ‬الفاسد‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬تعبيراته،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬أقوال‭ ‬شرذمة‭ ‬من‭ ‬الخونة‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتركون‭ ‬أي‭ ‬فرصة‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬سيادة‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة،‭ ‬بل‭ ‬كراء‭ ‬حناجرهم‭ ‬للجهة‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬لهم‭ ‬لتشويه‭ ‬وطنهم؟
لماذا‭ ‬يتجاهل‭ ‬الأوروبيون‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أصعدة‭ ‬متعددة‭ ‬ومختلفة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان؟‭ ‬وهل‭ ‬هذه‭ ‬المناورات‭ ‬غير‭ ‬المبررة‭ ‬تهدف‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬إبطاء‭ ‬الدينامية‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي؟
ما‭ ‬السر‭ ‬وراء‭ ‬"ازدواجية‭ ‬المعايير"‭ ‬التي‭ ‬يعتنقها‭ ‬الأوروبيون‭ ‬كلما‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالمغرب،‭ ‬إذ‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬استقلالية‭ ‬القضاء،‭ ‬لا‭ ‬يفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬سوى‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬أحكامه؟‭ ‬هل‭ ‬معنى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬قضاءنا‭ ‬تابع‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ولفرنسا‭ ‬بالأساس،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬قاصر‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تأهيل؟
لماذا‭ ‬اختار‭ ‬البرلمانيون‭ ‬الأوروبيون‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جوقة‭ ‬ابتزاز‭ ‬المغرب،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬ضرب‭ ‬للشراكة‭ ‬المغربية‭ ‬الأوروبية؟‭ ‬

 
لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬أوروبا‭ ‬بلا‭ ‬مبادئ،‭ ‬حين‭ ‬تحول‭ ‬"برلمانها"‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬لوبي‭ ‬ضغط‭ ‬يمارس‭ ‬عنجهيته‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الفريده‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة،‭ ‬ولها‭ ‬نظامها‭ ‬القضائي‭ ‬وتوجهاتها‭ ‬المؤسساتية‭ ‬التي‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬إملاءات‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السعار‭ ‬لن‭ ‬يُؤثر‭ ‬على‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬اختاره‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية،‭ ‬حكومة‭ ‬وأحزابا‭ ‬ونقابات‭ ‬وجمعيات،‭ ‬أعلنت‭ ‬عن‭ ‬التفافها‭ ‬حول‭ ‬التوابث‭ ‬والخيارات‭ ‬السياسية‭ ‬للمغرب‭.‬
             
                        تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن".