الخميس 18 إبريل 2024
خارج الحدود

قضاء "العصابة الحاكمة" يردم قلعة عميد الحقوقيين الجزائريين

قضاء "العصابة الحاكمة" يردم قلعة عميد الحقوقيين الجزائريين الراحل علي يحيى عبد النور الذي يوصف بعميد الحقوقيين الجزائريين
أصدر القضاء الإداري بالجزائر العاصمة، حكما يقضي بحلّ الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق للإنسان، وهي جمعية تأسست منذ 32 سنة على يد الراحل علي يحيى عبد النور الذي يوصف بعميد الحقوقيين الجزائريين، وذلك بناء على شكوى لوزارة الداخلية تتهمها فيها بممارسة أنشطة تحريضية.
وعلى الرغم من أن الحكم قد صدر في 29 يونيو 2022، إلا أنه لم يظهر للعلن إلا في الساعات الأخيرة، وهو ما استغربته الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان التي ذكرت في بيان لها أنها فوجئت بنشر هذا الحكم على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما أكدت أنه لم يتم إخطارها لا بالشكوى ولا المحاكمة ولا حتى الحكم.
ويشير الحكم الذي نشرته صفحة الرابطة على فيسبوك، إلى عدم امتثال الأخيرة لقانون الجمعيات لسنة 2012 وعدم تنظيمها الجمعية العامة وانقسامها لخمسة أجنحة، الأول يقوده حسين زهوان والثاني مصطفى بوشاشي (خلفه نور الدين بن يسعد) والثالث صالح دبوز الذي قالت إنه فار خارج الوطن (موجود في بلجيكا) بسبب متابعته في عدة قضايا والرابع الشيخ حسين ضياء والخامس سيد علي خماري.
ويلفت الحكم كذلك إلى أن الرابطة الحقوقية قامت بعدة نشاطات وصفها بالمشبوهة، وقدمت تقارير مغلوطة لمنظمات دولية حول حرية تكوين الجمعيات في الجزائر، وذكر أنه مع بداية الحراك الشعبي سنة 2019 حاولت الرابطة تأطير معظم المسيرات مع إصدار بيانات تتهم السلطة بقمع المتظاهرين.
وأبرز منطوق الحكم أن “الرابطة أصدرت أيضا بيانات تحريضية تتهم السلطة بقمع المسيرات مع تبني مواقف متشددة تعرقل مسار الإصلاحات للإخلال بالنظام العام والتحريض على القيام بحركات احتجاجية، ومنها نشر بيانات لتدويل ظاهرة الهجرة غير الشرعية ونشر الفتنة بين المالكية والإباضية بتبني فكرة الدفاع عن الأقلية الميزابية المضطهدة (أزمة ولاية غرداية سنة 2013)، ومحاولة تدويلها لدى مختلف الهيئات والمنظمات الدولية، ومحاولة التأثير على القضاء عبر تنظيم احتجاجات أمام المحاكم وهي وقائع تفيد صراحة بحياد هذه المنظمة عن أهدافها المسطرة في قانونها الأساسي، وفق القضاء الجزائري”.
وبعد صدور الحكم واطلاعها عليه، قالت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إنها فوجئت به ولم يتم إبلاغها قصد ضمان حقها في الدفاع. وتساءل بيانها عن سبب إخفاء هذا الحكم ثم نشره الآن، معتبرة أن ذلك يتزامن مع حملة تشويه السمعة التي تُشن ضد الرابطة ومناضليها. كما استغربت نشر الحكم في حين أن أطراف النزاع فقط، وتحديداً الرابطة ووزارة الداخلية، من يحق لهم الاطلاع على منطوق الحكم، وفق ما تشير القوانين الجزائرية.
ولدى الرابطة التي تأسست في 26 يوليوز 1989، تاريخ حافل في الدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة في فترة مؤسسها علي يحيى عبد النور الذي عرف بكونه محامي جميع التيارات السياسية التي دافع عن حقها في النشاط من الإسلاميين إلى الشيوعيين، وظل ثابتا على مواقفه الصارمة في انتقاد السلطة إلى أن وافته المنية أبريل سنة 2021 عن عمر يناهز المائة سنة. لكن الرابطة منذ سنة 2007 عرفت الكثير من الانقسامات التي أثرت على أدائها وتنازعت عدة تيارات على أجنحة اسمها.
ويأتي قرار حل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في سياق سلسلة متابعات قامت بها وزارة الداخلية منذ أكثر من سنتين ضد أحزاب وجمعيات، تتهمها بمخالفة قوانين النشاط المنصوص عليها في قانون الجمعيات وقانون الأحزاب. ومن بين الأحزاب التي رفعها في حقها دعاوى قضائية، الحركة الديمقراطية الاجتماعية والاتحاد من أجل الرقي والتغيير والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب العمال الاشتراكي الذي تقرر تجميد نشاطه تماما. أما من المنظمات، فقد تم متابعة جمعية “راج”، التي تقرر حلها هي الأخرى.
وكانت الإنذارات والدعاوى القضائية التي واجهتها أحزاب وجمعيات، محل ملاحظة وتنديد من منظمات حقوقية جزائرية ودولية على غرار “منظمة العفو الدولية” وتقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في العالم لسنة 2021.
لكن السلطات بالمقابل، تعتبر الأمر مرتبطا بمخالفة قانون الأحزاب والجمعيات وفق ما تذكر وزارة الداخلية في مبررات الملاحقة القضائية، بينما أشار الرئيس عبد المجيد تبون في حواراته مع وسائل الإعلام إلى أن حرية الأحزاب وإنشاء الجمعيات مضمونة وقد تعززت أكثر حسبه من خلال الدستور الجديد.