الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

تقرير يفضح نسب متردية للهدر المدرسي وتزويج القاصرات وحياة النساء في تارودانت

تقرير يفضح نسب متردية للهدر المدرسي وتزويج القاصرات وحياة النساء في تارودانت رصدت المؤسسة 500 حالة تزويج القاصرات ما بين 15  و 17 سنة
كشفت "مؤسسة يطو" أرقاما صادمة للهدر والتسرب الدراسي  وتزويج القاصرات وأوضاع النساء في ضواحي تارودانت في قافلة نظمتها على مستوى 6 جماعات ترابية  (تالوين، وتاسوسفي، وأسايس، وأسكاون، وإيمولاس، وتالكجونت) استهدفت 68 دوارا شارك في بلورتها 80 متطوعة ومتطوعا بمجموع ساعات تصل إلى 168 ساعة بمعدل 12 ساعة في اليوم ليصل عدد ساعات العمل التي أفاد بها كل المتطوعات والمتطوعين: 14787 ساعة، خلال 14 يوما، سواء من خلال البحث الميداني أو لقاءات مباشرة في البيوت للنقاش مع النّساء والشّابات والشّباب، تمت في الفترة المتراوحة ما بين 15 و 30 يوليوز 2022، ولاحقا بتفريغ المعطيات وتحليلها ما بين غشت وأكتوبر ، رغم كل الصعوبات والضغوطات التي واجهت القافلة استطاعت الوصول لكل تلك المناطق المسطرة في البرنامج حيث اشتغلت وتواصلت مع الساكنة والنساء واستطاعت أن تحقق 90% من أهدافها.

وسجلت القافلة، وفق تقرير لها أصدرته "مؤسسة يطو"، توصلت به جريدة "أنفاس بريس"، عددا من المشاكل التي تعاني منها الساكنة وخاصة النساء والطفلات، والشباب والشابات في هاته المناطق، إن على مستوى الفقر و العزلة والتهميش، أن عددا من الدواوير النائية كبير جدا وأغلبها يعيش في عزلة و تهميش وحالة الطرق مزرية جدا أو منعدمة. كما تعاني كل الدواوير من انعدام ربطها بشكبة الماء الصالح للشرب أو نذرة الماء إضافة إلى عدم استفادة الكل من الكهرباء، وكذا قلة فرص الشغل للجميع مما جعل أغلب الشباب يفكرون في الهجرة من أجل ضمان المستقبل والعيش الكريم. 
 
 وبخصوص وضعية التعليم التي وصفها التقرير بـ"المتردّية"، فقد خلصت حصيلة البحت الاجتماعي لارتفاع نسبة الهدر المدرسي بشكل مخيف خاصة وسط الفتيات والنساء بسبب ضعف الإمكانيات٫ بعد المؤسسات التعليمية، وقلة وسئل النقل المدرسي أو انعدامه٫، إلى جانب ارتفاع تكاليف الاستفادة من وسائل النقل ودور الطالب والطالبة الموجودة بحيث سجلت القافلة أنه من بين 998 مستفيدة، 863 يعانين من الأمية، و26 فقط استفدن من برنامج محو الأمية، و9 من الكتاب القرآني، و86 غادرن المدرسة من الإبتدائي، إضافة إلى 11 الإنقطاع بعد الإعدادي، و9 بعد الثانوي.

أما عن رغبة النساء في التعليم، فإن 711 من النساء اللواتي استجوبن وعبرن عن رغبتهن الملحة في الدراسة لأن فرصتهن في التعلم قد اغتصبت منهن إما بسبب تزويج الطفلات٫ أو الإقصاء أو الفقر والتهميش الذي تعاني منه مناطقهن، وأن تمت 152 امرأة غير راغبات في الاستفادة من برامج محاربة الأمية، بسبب فقدان الأمل، وكبر السن،والعادات والتقاليد، وضغط الأشغال المنزلية ومسؤوليات البيت، المرض، أو رفض الأزواج، وغيرها من العوامل والمسبات.

 وفي ما يتعلق بالمستوى الدراسي للأبناء، رصدت دراسة "مؤسسة يطو" أن القافلة سجلت وضعا جدّ مزر بحيث أنه فيما يخص 4503 طفلا و طفلة حيث أن عدد الذكور يصل إلى 2278 ، فيما عدد عدد الإناث يبلغ 2225، على أن عدد الأطفال دون سن التمدرس بلغ ، وفي الكتاب القرآني 257، وفي الابتدائي 570، وفي الإعدادي 221، وفي الثانوي 72، والجامعي 42.
 
كما رصد طاقم القافلة، وفق التقرير ذاته، أعداد المنقطعين والأميين بالمنطقة، إذ سجلت المعطيات أن عدد الذكور المنقطعين عن الدراسة بلغ 1044، فيما عدد الإناث المنقطعات نحو 1207، على أن الأميين وصل إلى 289 ذكرا، و390 أنثى.
 
وعلى مستوى آخر، رصد تقرير "مؤسسة إيطو" "اختلالات الهدر المدرسي من خلال نتائج البحث الإجتماعي وأن نسبته مرتفعة جدا، في وضع كارثي جدّا بسبب بعد المؤسسات التعليمية عن تلاميذ الدواوير النائية، وكذا انعدام أو نذرة وسائل النقل المدرسي  لتقريب المسافات ما بين الدواوير النائية و نقط تواجد المؤسسات التعليمية (وسيلتي نقل لـ11 دورا متباعدين)، إلى جانب حالة الطرق أو انعدامها، وتدني الداخليات المتواجدة وضعف التجهيزات وخدماتها، مع ارتفاع تكاليف الإيواء بالنسبة للأسر التي أغلبها تعاني من الفقر، فضلا عن الهشاشة وضعف الإمكانيات، ونتيجة ذلك يختار الآباء التضحية بتمدرس أطفالهم خاصة البنات إن احتاج الأمر الاختيار بين البنت والولد لضمان التمدرس، وخوفا عنهم من قطاع الطرق ومن أن يصبحوا ضحية الإجرام".
 
 ونبّه التقرير إلى أن "جلّ المنتخبين بهذه المناطق يجعلون التعليم رهانا لبناء تنمية اجتماعية مستدامة حقيقية عمودها الفقري العنصر البشري مما يضحض طموح الأبناء والآباء في ضمان الحق في التمدرس".
 
أما بخصوص الوضع القانوني للأسر، فإنه ضمن998 مستفيدة من البحث، رصد التقرير أن عدد المتزوجات 786، فيما عدد الأرامل 188، على أن عدد المطلقات 24. كما رصدت القافلة عددا من المشاكل المرتبطة الإنغلاق والتحصن بالعادات والتقاليد، والتحايل على القانون، وعدم الوعي بالحقوق والواجبات، إضافة إلى انعدام مراكز القاضي المقيم، وبعد الدواوير عن المراكز، عزلتها وتهميشها، وكذا حالة الطرق المتدنية وانعدام وسائل النقل، مع سيادة الأمية والتطرف في تأويل الدين.
 
 ولم تتوقف المشاكل القانونية التي رصدتها مؤسسة إيطو عند الحد، بل تعدتها إلى التسجيل بالحالة المدنية، حيث سجّلت تناقصا ملحوظا في عدد الأبناء غير المسجلين في الحالة المدنية، لكن الظاهرة لازالت مستمرة بسبب العزلة وتردي البنية التحتية وتضاف إليها حالة الفقر لدى الأسر وغياب عقد الزواج للآباء وأسباب أخرى لدى سجلنا  20 حالة عدم التسجيل في الحالة المدنية، إلى جانب تعدّد الزوجات، حيث رصدت 60 حالة تعدد، جاء في تصريح النساء '"أن التقاليد والعادات وبسبب الشرع والدين يسمح للرجل بفعل التعدد حيث هو المتحكم الوحيد في بيته وزوجاته".
 
وإلى جانب ذلك، رصد التقرير "الزواج الإجباري" الذي ينتشر في مجموعة من المناطق خاصة النائية والمنعزلة، حيث الفقر والتهميش يلجأ الآباء إلى إجبار بناتهم على الزواج بدون أي اعتبار لسنهن ولدراستهن ودون مراعاة استطاعتهن على تحمل مسؤولية هذا الزواج وتسيير أمور البيت الزوجية، حيث يتم سحب البنات من المدارس وحرمانهن من طفولتهن وضياع شبابهن وتدمير مستقبلهن. وفي هذا الصدد بلغ عدد الحالات المرصودة أزيد من 300 حالة ممن لجأن إلى القافلة خلال ورشات التوعية  وتحرير كلمة النساء.
 
 ويبقى تزويج القاصرات، مشكلا ما يزال يؤرق  وفق التقرير ذاته، إذ أن "تزويج القاصرات يشكل ظاهرة توجه ضربة قوية لتمدرس الطفلات ونموهن وإلى كل برامج التّنمية حتى وإن كانت طموحة وفعلية، حيث رصدت المؤسسة 500 حالة تزويج القاصرات ما بين 15  و 17 سنة إما بسبب انعدام فرص التعليم، أو الفقر، أو التطرف في التعامل مع النّص الديني".

ونبه التّقرير إلى أن "الأغلبية الساحقة من النساء والفتيات يرفضن رفضا قاطعا تزويج القاصرات نظرا للتجارب التي عشنها ولإصرارهن على الحق في التعليم بحيث أنه من أصل 998 امرأة مستجوبة 854 ترفض رفضا باتا تزويج القاصرات بنسبة 85% باعتباره عنفا جنسيا واجتماعيا يمارس على الطفلات، تحرمن من التمدرس وتغتصب طفولتهن وحقهن في النمو وبناء المستقبل، بينما 144 يقبلن بتزويج القاصرات بنسبة 15% فقط بسبب الفقر وانعدام فرص التعليم والشغل".
 
وفي موقف النساء من العنف بكل تجلياته، نقل التقرير ذاته أن "كل تصريحات النساء والفتيات اللواتي سئلن عن الموضوع رفض تام لكل أشكال العنف ، لكن بعض الرجال والشباب يعتبرونه عاد أو يلزمون الصّمت، فالقليل منهم من يعتبرون العنف الممارس ضد النساء شيئا مضرا بهن ويمس بكرامتهن. كما أنه من أصل 998 امرأة مستجوبة 867 ترفض رفضا تاما التعدد بنسبة 86% وتعتبره إهانة وعنفا في حق المرأة بل وتم إصرارهن على ضرورة منع القانون لهذا العنف وتنصيصه على عقوبات ضد الرجل الذي يمارسه، فيما فقط 131 امرأة تبدي عدم رفضها للتعدد بنسبة 14%  بسبب عدم وجود الأطفال وبعض الحالات المرضية، حيث يسمح به في بعض الحالات لعدم الاستقرار الاقتصادي وعدم وجود بديل لوضعهن".
 
كما أنه من بين 998 امرأة شملها البحث 544 على علم سطحي بوجود مدونة الأسرة عن طريق التلفاز والراديو بل كلهن لايعرفن فصولها أو حقوقهن وواجبتهن في إطار المدونة، على أن 454 امرأة ليست لديهن دراية نهائيا بوجود قانون مسمى بمدونة الأسرة"، وفق ما خلص إليه التقرير ذاته.