الأربعاء 8 مايو 2024
كتاب الرأي

إدريس الأندلسي: شكرا للمواطن فتح الله ولعلو 

إدريس الأندلسي: شكرا للمواطن فتح الله ولعلو  إدريس الأندلسي
اختار مهنة تكوين الأجيال في مجال الاقتصاد.  ولعلو لم يتعالى قط على طلبته لأنه مثقف ومجتهد ومناضل  ومتواضع حتى النخاع.  نعم كان وزيرا لقطاع الاقتصاد والمالية في ظرف صعب وصفه الملك الراحل والحكيم  الحسن الثاني بظرف "السكتة القلبية". جاء فتح الله ولعلو ولم يتعال على أطر الوزارة. انفتح على أفكارهم وأعطى لهم فرصا كثيرة للتعبير عن كفاءاتهم  وكان كثير الإستماع إليهم. تواضعه أدى إلى قلب موازين قراءة مديونية المغرب. ركز على إعادة هيكلة المديونية حتى أصبح الدين الخارجي لا يتجاوز  20% من الحجم الإجمالي للدين العمومي و لدين الخزينة.
 
قد ينسى بعض السياسيين ذوي الذاكرة الانتهازية أن مشكلة المغرب الأساسية في التوازنات المالية والماكرو اقتصادية هي ضعف الموارد الجارية.  وهذه الأخيرة تتكون من المداخيل الضريبية والجمركية وبعض مساهمات الشركات والمؤسسات العمومية وما تيسر من مداخيل الخصخصة.  وطبعا أراد بعض الانتهازيين قليلي الخبرة  وعديمي التكوين الإقتصادي والمالي والسياسي قلب الحقائق وبناء خطاب سياسي على باطل سياسي. قالوا بكثير من الخبث أن حكومة التناوب استغلت الخصخصة لزيادة الموارد وتناسوا أن جزءا كثيرا من مؤسسات القطاع العام كانت تشكل عبئا كبيرا على الميزانية و مجالا لسوء التدبير وللفساد. وللعلم فخصخصة إتصالات المغرب لا زالت تذر على المغرب مداخيل ضريبية مهمة  وبعض المداخيل من أرباحها الصافية. وكثير من المؤسسات التي تمت خصخصتها لم تصبح عبئا على الميزانية من خلال التحويلات المالية لتمكينها من مواجهة تكاليف تدبيرها. 

وينسى الكثيرون بتعمد سوء الفهم انطلاق الكثير من السياسات العمومية مع حكومة التناوب التوافقي الذي سهر على ضمانه الملك الراحل الحسن الثاني. فتح الله ولعلو كان ظله خفيفا  وكان طموحه كبيرا في مجال بناء الإقتصاد. كان حريصا على المؤسسات الاستراتيجية و من ضمنها لاسامير. ولكن خصخصة هذه سهر عليها وزير راحل كان خبيرا محاسباتيا تحول بعد تفويت لاسامير من المسؤولية "السياسية" إلى احتلال منصب مدير عام  للمؤسسة الخاصة التي استفادت من التفويت. نعم تراخت الحكومة في متابعة هذه المؤسسة بعد خوصصتها  وتعطلت متابعة تحصيل الموارد الضريبية والجمركية التي تراكمت.  وهذا أمر واقع تسبب فيه من اتخذ قرار الخوصصة دون حماية مصالح الدولة. 

كل هذا لقول كلمة حق في رجل لم يقبل أبدا أن يستفيد من منح وزارة المالية الكبيرة والتي تتجاوز رواتب الوزراء. عرفت هذا الرجل خلال مؤتمرات دولية ورافقته لفترة قليلة عاينت فيها عن قرب عفته وعمق  وعيه السياسي الأستاذ يظل أستاذا حتى النهاية.  

لم أكن متعمدا كتابة هذه السطور لولا تلك الدموع التي أذرفها في لقاء علمي والتي ركز فيها على الشخصية المغربية التي تحترم الجميع والتي يجب أن تفخر باعتزاز بما تنجزه. كلامه رزين  وعميق ودموعه فاضت فرحا ونشوة  ببلاده.
 
شكرا للأستاذ فتح الله ولعلو و للوزير الصادق الأمين. لم أكن يوما عضوا في حزبك والذي احترمته بكل صدق ولكني كنت دوما من مناصري كل المواطنين الذين ناصروه  وقدموا أرواحهم فداءا للوطن. ولروح عمر بن جلون ولكرينة ولأحمد بن جلون ولكافة المناضلين أحر السلام على أرواحهم الطاهرة.
ولمغربنا كل الأماني بالازدهار والتألق والتنمية المستدامة.