الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

حبيبي: مونديال قطر.. لا شيء أهم من الثقة في النفس...

حبيبي: مونديال قطر.. لا شيء أهم من الثقة في النفس... عبد الاله حبيبي
هي الأساس النفسي الأول الذي ينبغي بناؤه في وجدان الطفل، لأنه سيبقى معه طول العمر، وسيكون زاده الوحيد حينما يفقد كل زاد..  هي الرأسمال الروحي الذي لا يبلى ولا يفتر... إنه القوة الباطنية التي تقوي المناعة الذاتية ضد كل خوف أو توجس أو ارتباك في حضور خصم يتمتع بدرجة عالية من الثقة بالنفس..
طبعا الثقة بالنفس تأتي من تربية سليمة، من أسرة متوازنة، من بيئة اجتماعية لا تعاني نقصا في مفهوم الكرامة أو خصاصا في معاني تقدير الذات واحترام لشخص الفرد باعتباره القاعدة الأساسية في بناء مجتمع قوي، مجتمع سليم، نافع وقادر على الصمود في وجه كل التحديات والعواصف مهما كان حجمها أو قوة تدميرها...
أغلب لاعبي المنتخب المغربي ولدوا ونشؤوا في بيئات غربية تقوم تنشئتها على مبدأ تربوي أساسي يتعلق بالعمل المتواصل لخلق الثقة في النفس لدى الطفل منذ نعومة أظافره، وذلك بتشجيعه على أن يثق في قدراته، ومؤهلاته، وأن يتعود على الاستماع أولا إلى نفسه وتقدير طاقاته، ثم فهم و استيعاب ما يعتمل في بواطنه من مشاعر وحدوس وإيحاءات، قبل أن يقوم بتعديلها من خلال قياسها بمعطيات الواقع والعقبات التي توجد أمامه، ثم من هناك الاجتهاد في محاولة التوفيق بين درجة طموحه و الامكانيات المتاحة له حتى يحقق التوافق مع نفسه ومع محيطه الاجتماعي أو المهني أو المدرسي...
حينما تشاهد لاعبا "مغربيا" نشأ في بيئة غربية وهو يستعد لقذف ضربة جزاء أو تنفيذ ضربة خطأ تكتشف في ملامحه الخارجية والحركية انه يمتلك هذه القدرة، بل ويجيد التعبير عنها، حيث لا تراه  يلتفت إلى المشاعر السلبية أو ما قد ينجم عن فعله إذا لم يحقق الهدف المتوخى منه... وهذا يحيلنا كذلك على مفهوم آخر وهو الجزاء، أو فعل المكافأة التي بها نقابل الفعل الموفق من لدن الطفل، بحيث أن هذه الاستجابة الخارجية تعمق أكثر ثقة الطفل في نفسه، حيث هي المعول الذي به نشحن القوى الأخرى الكامنة وذلك لأجل الرفع من درجة الوعي بالذات لديه وتحريره من كل المخاوف غير العقلانية التي ستحد من وثبته واندفاعه في الواقع...
في بيئتنا المغربية هناك ألف سؤال وسؤال عن هذه الثقة بالنفس التي  نراها تصادر في كل مكان وفي كل زمان ولهذا ترى المغربي دوما مترددا ومرتبكا وهو يؤدي ابسط الأعمال، فما بالك حينما يتعلق الأمر بلحظة اتخاذه  لقرار حاسم  في حياته، منظره في الحقيقة يرثى له، قد يتصبب عرقا، تراه يلتف يمنة ويسرة، يتوسل المساعدة  من المقربين منه، يلتمس النصيحة  من أقرانه أو ممن هم أكبر منه سنا أو خبرة.. المهم هو أنه سيظل يبحث عن الدعم النفسي الذي ينقصه من لدن الجماعة المحيطة به حتى يتشجع لإنجاز الفعل المطلوب منه...
لا تسال عن الأمور  المدمرة التي تمارس على الصغار في مدارسنا وهي في الحقيقة بمثابة جرائم تربوية، وما يقع في بعض أسرنا من تخريب لنفسيتنا، هناك الكثير من الميادين التي يفترض فيها التأسيس للإنسان الفائق الثقة في النفس، لكن العكس هو الذي يحصل، حيث تنتشر غرائز تحطيم كيانه لتحويله إلى  مجرد كائن مطيع، سلبي، لا يبادر، بل ينتظر الأوامر والتعليمات حتى يتحرك كربوت صامت... وهنا مربط الفرس..