الخميس 28 مارس 2024
سياسة

طالع سعود الاطلسي: الصحراء..القرار الأممي يطارد القيادة الجزائرية

طالع سعود الاطلسي: الصحراء..القرار الأممي يطارد القيادة الجزائرية الكاتب الصحفي طالع سعود الأطلسي
أكد الكاتب الصحفي طالع سعود الأطلسي أن القوى الدولية المؤثرة في القرار الدولي عازمة على فرض الحل السلمي للنزاع حول الصحراء المغربية، عبر قرارات مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، وبالأخص القرارين الأخيرين، وأهمهما القرار 2654 لنهاية أكتوبر الماضي.

وأوضح الكاتب في مقال بعنوان "القرار الأممي يطارد القيادة الجزائرية" نشره الموقع الإلكتروني (مشاهد24) أن الحل الذي تسعى هذه القوى إلى فرضه قاعدته مائدة مستديرة، تجمع الأطراف الأربعة المعنية بالنزاع، للتفاوض حول مقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو المقترح الوحيد الموجود على المائدة، والذي يوصف بالجدي و ذو المصداقية، والذي يسمح بالتوصل إلى حل واقعي دائم ومتوافق عليه.

ويرى طالع سعود الأطلسي أن القيادة الجزائرية "لا يمكنها، بعد القرار الأممي، أن ترفض المشاركة في المائدة المستديرة، أو أن تزعم بأنها ليست طرفا في النزاع، كما لم يعد يجديها أن تردد بأن الحل هو "استفتاء تقرير المصير" "، مضيفا أن كل تلك الادعاءات المتآكلة، منذ سنوات، فقدت صلاحية ترويجها، في الفضاء الديبلوماسي بقوة القرار الأممي.

وأكد أن القيادة الجزائرية باتت "خائرة الفعل في مواجهة مجلس الأمن وهي وحدها، المطلوب منها أن تتجاوب مع قراره"، مشيرا إلى أن المغرب اليوم "متواري خلف قرار ذلك المجلس، بعد أن أسهم، عبر مقترحه الجدي، و قد صادف تجاوبا دوليا واسعا و نوعيا، في بلورة دفتر تحملات دولي لحل النزاع". فالسؤال الآن، يقول الكاتب، هو ماذا بعد القرار؟ ما هي احتمالات تصرفات القيادة الجزائرية إزاء القناعة الدولية، الصارمة والحاسمة ؟

ويتوقع صاحب المقال تعنت القيادة الجزائرية في التجاوب مع القرار الدولي، واستمرارها في التهرب من المسؤوليات التي يفرضها عليها، على الأقل في الزمن المنظور. فهي قيادة مشكلة من جنرالات الحرس القديم، ولهم على الجيش سطوة، وهم فيه حماة نفوذه ورعاة مصالح شبكة من الجنرالات الكبار، في استدرار المنافع من إدارة الشأن العام الجزائري، وهم ثلة من مدمني العداء للمغرب، يوفر لهم مسوغات تنفذهم في النظام، وانفرادهم بإدارة دواليبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ولهذا، يضيف الكاتب، " هم، جينيا ومطلقا ضد المغرب، يريدونه عدوا دائما، أو فزاعة دائمة، يرهبون به الشعب الجزائري، ويقدمون أنفسهم له، باعتبارهم المدافعون عنه، وهم الدرع الواقي من "الخطر المغربي" ولهذا لا يخدمهم حل النزاع حول الصحراء المغربية، ولا تفيدهم علاقات الأخوة والتضامن والتعاون مع المغرب، ويصمون آذانهم عن النداءات الملكية الأخوية والسلمية. لديهم حساسية من المياه والأجواء الصافية وتنعشهم وتغذيهم الأجواء والمياه العكرة".

ومن جهة أخرى، شدد طالع سعود الأطلسي على أن القرار الأممي "ليس مجرد بيان إعلان نوايا لجمعية إنسانية دولية، أو ملتمس أخوي لتجاوز خلاف عارض بين دولتين، إنه تراكم لمتابعة دولية، جدية وعلى مدى عقود، لمنازعة في مغربية الصحراء، تراكم وصل الآن إلى إنتاج عزم دولي على حل النزاع بالمفاوضات بين أطرافه الأربعة بعد أن تبين للمنتظم الدولي استحالة إجراء الاستفتاء لتقرير المصير كما صرح بذلك جيمس بيكر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، و ذلك قبل حوالي عقدين من اليوم ".

وأبرز الكاتب أن المقترح المغربي الرامي لتمتيع ساكنة الصحراء المغربية بالحكم الذاتي أرسى جسرا قويا للخروج من وضع الانسداد في النزاع إلى رحابة آفاق الحل السلمي. هكذا نضج العزم لدى المنتظم الدولي، يضيف سعود الأطلسي، لكي يفرض على الطرف المتعنت ولوج الجسر المفتوح أمامه، "ولوجه بقوة الإرادة الدولية على فرض الحل السلمي".

وأكد، في هذا الصدد، أن القيادة الجزائرية لا تملك خيارا آخر سوى الامتثال للعزم الدولي. قد تتلكأ وقد تماطل على أمل أن يحدث في أوضاع المنطقة، أو في مواقف الدول المتابعة للنزاع ما يلين الموقف الدولي، وهو ما دأبت عليه في السنوات الماضية، ولكن المنتظم الدولي لم يكترث بذلك، وصعد من حدة صرامته تجاه جهة العرقلة في المضي نحو الحل السلمي.

وأشار الكاتب إلى أنه سنة بعد أخرى، توالت قرارات المجلس نحو المزيد من الوضوح في العزم الدولي على فرض الحل السلمي واليوم أيضا لن ينفع قيادة الجزائر لا تثاؤبها ولا تباكيها ولا ممانعاتها في التملص من وجوب الانصياع للقرار الدولي. "لقد هب عليها" يقول سعود الأطلسي، "ولن تزيدها معاكسة مجراه إلا ضيقا في “التنفس” وتصدعا في البنيان... آثار قرارات مجلس الأمن، وآخرها أهمها وأوضحها، على القيادة الجزائرية لن تصيبها فقط من جهة العزم الدولي على فرض الحل السلمي... آثار تلك القرارات في وارد أن تتناسل من داخلها ومن داخل ملحقتها وأداتها في عداء المغرب، منظمة البوليساريو ".

فإعصار القرار الأممي ماض في زلزلة “تجمع” البوليساريو، يؤكد صاحب المقال ليجرد القيادة العسكرية الجزائرية من “منصة” إطلاق عدائها ضد المغرب. فتعابير الغضب من القيادة وممارسة الاحتجاج عليها، باتت علنية في تندوف كما هو قمعها علني، والقمع هو ما أبقى تلك القيادة في موقعها، حاكمة، ومستفيدة، وهي أقلية في مواجهة أغلبية الساكنة هناك، والتي تعيش قساوة الأوضاع في المخيمات، وتلاحظ تنعم القيادة ومحيطها وأعوانها بالرعاية الجزائرية لها، في المخيمات وفي الخارج ".

واضاف أن القرار الأممي أجج الغضب في المخيمات. فمن جهة نمى النقاش السياسي العام حول مصيرهم، بعد حوالي خمسين سنة من التيه والأوهام، ومن جهة أخرى كشف خضوع قيادة البوليساريو إلى الإدارة العسكرية الجزائرية، والتي ترفض التفاعل مع فرصة، وبخاتم دولي، لاقتحام أمل بتغيير أوضاعها.

فالأصوات ترتفع اليوم من داخل المخيمات ومن داخل القيادة نفسها، للمطالبة بالتعاطي مع مقترح الحكم الذاتي، وحول ذلك بدأت حركات تتشكل، وقد كانت أولاها “خط الشهيد”، وبعدها تحركات فردية، وصولا، اليوم، إلى “الحركة من أجل السلام.”

إنه شباب البوليساريو، يقول الكاتب ، على صلة بذويه في الأقاليم الجنوبية المغربية، وعبرهم يتابع النقلات النوعية في تنميتها، وما يجري في العالم من نفور من الانفصال، وأيضا هو يفكر، ويحدوه الأمل في حياة لها مواصفات الحياة، والقرار الأممي يفتح شهيته للتقدم بأمله نحو التحقق"، مؤكدا أن قيادة البوليساريو لن “تصمد” كثيرا أمام مد التغيير الجارف داخلها وحواليها.

وخلص طالع سعود الأطلسي إلى القول إن المغرب منصرف لتنمية الأقاليم الجنوبية المغربية، ضمن انكبابه على تطوير مساره التنموي الوطني. فحل النزاع حول الصحراء المغربية وفرض الحل السلمي، هو الآن مسؤولية دولية وقرار أممي وليس للقيادة الجزائرية من خيار غير التجاوب معه، إراديا أو سيسري القرار بمفاعيله وتداعياته، الداخلية منها أو الخارجية، لكي يزيح كوابح ومعيقات تقدمه نحو تحقيق السلم في هذه المنطقة، عبر المقترح السلمي المغربي.