الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد الحاحي: حديث عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية

رشيد الحاحي: حديث عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية رشيد الحاحي
في سياق المقالات التحليلية الأخيرة التي تناولنا فيها بعض الأسئلة الصعبة والمؤجلة، نطرح السؤال الآتي: ما هي وضعية المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية دستوريا وقانونيا، اليوم، بعد مقتضيات دستور 2011، وبعد حل مجلسه الإداري المنصوص عليه في ظهير تأسيسه؟ وما أثر هذه الوضعية الملتبسة على التدبير السياسي والمؤسساتي والاضطلاع بالمهام الكبيرة التي يتطلبها تفعيل ورش الأمازيغية؟
احتفل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية هذا الأسبوع بالذكرى 21 على الخطاب الملكي بأجدير وصدور الظهير الملكي المؤسس للمعهد، وهي مناسبة يستحضر فيها المعهد كل سنة أهمية هذا الحدث الهام في تاريخ الحياة السياسية والثقافية في المغرب المعاصر، كما يستحضر إنجازاته التأسيسية في مجال اللغة والثقافة الأمازيغية. هذا تقليد محمود، لكن لم يعد مقبولا أن تبقى مجرد مناسبة سنوية تحجبنا عن طرح السؤال المؤجل المصاغ أعلاه.
فوضعية الأمازيغية مند سنوات، والمستجدات السياسية والقانونية، والالتباس المؤسساتي العام والتدبيري الذي يكتنف وضعية الأمازيغية وتفعيل المقتضيات الدستورية والقانونية الخاصة بها، إضافة إلى الأداء المؤسساتي، السياسي والعلمي والثقافي، المتدني والخافت للمعهد مند أكثر من 10 سنوات، وارتهان مستقبل التدبير المؤسساتي لورش إدماج الأمازيغية في الحياة العامة بتوضيح التباسات هذا الوضع ، تفرض طرح هذا السؤال المؤجل، وتوضيح ما يلي:
- سبق أن حللت في مقال سابق وفي ندوة وطنية انعقدت باكادير قبل سنوات من تنظيم منظمة تماينوت والتنسيق الوطني الأمازيغي، أن وضعية المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية التي كانت قوية خلال تأسيسه سنة 2001، باعتباره مؤسسة ملكية استشارية وفق ظهير تأسيسه ومقتضيات الدستور السابق، لم تعد مجدية في مسار النهوض بالأمازيغية وتحقيق انتظارات الإطارات والفاعلين العاملين في هذا المجال ومتطلبات هذا الورش الكبير، مند أن تحول إلى مجرد إدارة ومركز للبحث بعد حل مجلسه الإداري المنصوص عليه في ظهير تأسيسه مند سنة 2009، حيث تأكد بأنه أضعف مؤسسة –بالمفهوم السياسي- في "السوق المؤسساتية" على غرار وضعية اللغة الأمازيغية في "السوق اللغوية"، في المغرب، وخاصة بعد سن دستور 2011 وصدور القانونين التنظيميين لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، مما جعله في وضعية تصريف إداري وتقديم الاستشارة المزاجية والشكلية وغير الملزمة لأحد.
- الوضعية الحالية للمعهد هي وضعية شكلية مؤسساتيا وملتبسة دستوريا وقانونيا، خاصة بعد صدور القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وفق مقتضيات دستور 2011، وتكرس هذا اللبس والجمود المؤسساتي بالاستمرار والإبقاء على نفس الأسماء في تولي تدبير المؤسسة مند 20 سنة، بعد حل مجلسه الإداري، وهذه سابقة في الحياة المؤسساتية في المغرب، وضعف بعض تصوراته وتدابيره وحضوره، وذلك بشكل غير واضح ومثير للأسئلة حول الرغبة في تقوية فعالية المؤسسة وتجديد دمائها وحكامتها التدبيرية، وهذا التساؤل المؤسساتي لا يهم شخص هؤلاء الباحثون الذين يستحقون التقدير على ما راكموه في مجالات انتاجهم العلمي والتدبيري خلال المراحل الأولى للتأسيس، بقدر ما يهم المؤسسة ومستقبل الأمازيغية ووضعها في البرديغم السياسي الوطني.
- لا شك أن المعهد قام بمجهودات هامة في مسار التأسيس، خاصة في معيرة وتقعيد اللغة، وانتاج الكتب المدرسية والخيارات البيداغوجية، وفي مجالات المعجم والبحث العلمي ودعم الانتاج والابداع الأمازيغي...، لكن الإشكال يطرح على مستوى وضعية المؤسسة في تدبير الملف الأمازيغي في علاقته بالمؤسسات التنفيذية، حيث تأكدت محدودية تأثيره ودوره الاقتراحي والتتبعي مند 2007، وتحول إلى مجرد إدارة أو مركز للبحث والترجمة، لا يطلب رأيه إلا في حالات نادرة وبطريقة شكلية غير ملزمة وأحيانا كمجرد مؤثث مؤسساتي يستحضر عندما يتم تذكر الأمازيغية في دواليب الإدارة والحكومة والدولة. وباستحضار الوضعية المتدنية والملتبسة للأمازيغية على مستوى السياسات العمومية والتدبير التنفيذي بعد سن دستور 2011 وصدور القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإدماجها في الحياة العامة، وكذا القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، يتضح أن المعهد يعرف شبه عطالة مؤسساتية وسياسية، مما يطرح سؤالا كبيرا حول وضعه السياسي والدستوري وفعاليته في السياق الراهن، خاصة أنه يحسب على الأمازيغية والأمازيغ باعتباره مؤسستهم وممثلهم الرمزي والمؤسساتي في الفضاء السياسي والعلمي والثقافي الوطني.