اهتدت فرنسا أخيرا إلى حل ترى فيه المخرج الملائم لتجاوز التصادم الذي يحدث غالبا ما بين الأرقام المعلنة عقب تنظيم مظاهرة من المظاهرات الاحتجاجية. هذه الأرقام التي قد يتيه معها المتتبع والمواطن عموما على خلفية الحسابات التي يحتفظ بها كل معلن من وجهة نظره، وخاصة الجهة المنظمة التي تسعى بشتى الطرق إلى النفخ في تلك الأعداد المشاركة كتعبير على نجاح مسيراتها، وأيضا الجهات الأمنية التي تحاول قدر الإمكان التقليل من حجم المتظاهرين عبر تقزيم عددهم، في إشارة إلى فشل المظاهرة. لذلك، قررت هذه الدولة التي تشهد عاصمتها باريس فقط 5000 مظاهرة احتجاجية سنويا أن تشكل لجنة حكماء مستقلة مكونة من دومينيك شنابير قيدومة أعضاء المجلس الدستوري ومديرة المدرسة العليا للعلوم الاجتماعية، وبيير مولير مفتش عام بالمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، ثم دانييل غاغسي أستاذ العلوم السياسية، أملا في أن يتكلف هؤلاء بالحرص على مصداقية الأرقام، خاصة في المسيرات المهمة عبر تولي لجنة الحكماء مرافقة المظاهرة وتقدير حجم المشاركين فيها، علما أن رقم المشاركين في مظاهرة ما ليس بريئا بالنظر إلى أن الأرقام تلعب دورا جوهريا في أي معادلة سياسية، وتوظف كفاعل قادر على قلب الموازين في أي لحظة، إن لهذا التيار أو ذاك.
خارج الحدود