الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

فوزي الصقلي: المغرب متجذر في أعراف وقيم الثقافة الصوفية

فوزي الصقلي: المغرب متجذر في أعراف وقيم الثقافة الصوفية

تحتضن مدينة فاس فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الثقافة الصوفية ما بين 12 و19 أبريل 2014، تحت شعار «على خطى ابن عربي». ولتسليط الضوء على هذا الاختيار لهذه الدورة بتخصيصها لأحد أهم أقطاب الفكر الصوفي التقينا بالأستاذ فوزي الصقلي، رئيس مهرجان فاس للثقافة الصوفية.

 

حاوره: حسن نور

 

+ الدورة الجديدة لمهرجان الثقافة الصوفية مهداة إلى ذاكرة الصوفي الجليل ابن عربي. ما سر هذا الاختيار الرمزي؟

- كل دورة بالنسبة لنا هي إبحار نوعي في عالم الثقافة الصوفية التي شكلت وما زالت تشكل تراثا روحيا وثقافيا واجتماعيا وفنيا. هذا الإبحار يكتسي دائما طابعا موضوعاتيا مقترنا بذاكرة شخصية صوفية وازنة. وفي هذا السياق استحضرنا شخصيات مرجعية أمثال: ابن عطاء الله، وابن خلدون، كما أننا احتفينا بشخصية معاصرة، أقصد محمد إقبال. هذه الدورة خصصناها للاحتفاء المعرفي بالشخصية الاعتبارية لابن عربي الذي يعتبر إطارا مرجعيا لا محيد عنه في تاريخ التصوف. فمنجزه المعرفي على مستوى التأليف الرصين علامة واضحة على عمق فكره الصوفي، وثراء روافده العرفانية. اختيارنا ليس اعتباطيا، بل أملته عدة اعتبارات موضوعية: فإقامة هذا الشيخ الأكبري بفاس عبر محطات مختلفة، وتشبثه الكبير بمسجد الأزهر يدلان دلالة بارزة على نزوعنا المشترك، في وقتنا الراهن، للاقتداء بمنارات هذا الدليل الروحي قصد فهم إرثه المعرفي الذي يعد من أخصب المدارات الفكرية، وأعمقها في مجال تعليم التصوف وتمثل الحكمة الكونية. علما أن المغرب متجذر في أعراف الثقافة الصوفية التي تترجم عبر تراثه الغني من حيث أبعاده المادية وغير المادية. وللإشارة فإن جامع الأزهر بفاس بحي عين الخيل، من المعالم التاريخية المتصلة بذاكرة ابن عربي. لا ينفصل تاريخنا الديني عن هذا العرف، وعن هذه الثقافة الروحية. قضيتنا المعاصرة تتمثل في كيفية إدماج هذا التراث الجامع للقيم، وللحكمة وللبعد الروحي والثقافي والفكري والفني.

 + ما هي خصائص هذه الدورة الجديدة التي ستساهم في ترسيخ تقاليد وقيم الثقافة الصوفية؟

- لقد أعددنا، بشكل دقيق، عدة ندوات وموائد مستديرة وأمسيات فنية، لإبراز بعض عوالم الفكر الروحي والمنجز الشعري لابن عربي. فمحيي الدين بن عربي (1165-1240)، أو الشيخ الأكبر، عالم عارف بشؤون الفكر العرفاني، حيث تناول عدة قضايا إنسانية بعمق وتبصر. ومؤلفاته الرصينة، التي تجاوزت سقف 400 كتاب، تعد مرجعا وشهادة حجاجية على نفاذ حكمته ورجاحة فكره التنويري. ستخصص هذه الدورة برنامجا متكاملا يضم عدة محاور فكرية كدليل مرجعي على خطى ابن عربي يمكن الحاضرين من التعرف على مساره ومنجزه المعرفي وإبراز بعض مواقفه الفكرية إزاء المرأة، والفتوة (عالم الأخلاق) وحوار المشرق والمغرب، وراهنيته المعاصرة... فضلا عن أمسيات ستشارك فيها عدة طرق صوفية بالمغرب (التيجانية، الشاذلية، القادرية، الوزانية، الشرقاوية)، والطريقة الناقشباندية (تركيا)، والقادرية بالبوصنة والهرسك، وأمسيات روحية للسماع والمديح من الشرق والغرب.

 + ما هو تصوركم ورؤيتكم للثقافة الصوفية التي يختص فيها هذا المهرجان؟

- مقاربتنا للصوفية تمكننا من تجاوز رواسب التصور الفولكلوري والعديد من الاكليشيهات، خاصة أن القليل من الناس يدركون بأن الصوفية تتعالى على هذا الأمر. إن مقاربة الثقافة الروحية عبر القيم الثقافية جامعة مانعة، ولكن ذلك لا يمنع من كون منابع الثقافة المذكورة هي التربية الأخلاقية والروحية داخل الطرق الصوفية. فهذه الثقافة الروحية هي التي تتيح المجال للذهاب مباشرة إلى ما هو جوهري، أي إلى ذخائر الصوفية. نحن نحاول أن نفتح فضاء كي نكتشف معا عالم التصوف، ونتمثل دوره الراهن بالنسبة للعالم الإسلامي اليوم، من حيث قيمه الخالصة وانفتاحه الكوني.