الخميس 18 إبريل 2024
اقتصاد

عمر مروك: ضرورة تنزيل الميثاق الوطني للاستثمار بعيدا عن البيروقراطية وتعقيد المساطر

عمر مروك: ضرورة تنزيل الميثاق الوطني للاستثمار بعيدا عن البيروقراطية وتعقيد المساطر عمر مروك
الخطاب الملكي لافتتاح الدورة التشريعية الخريفية يعتبر خطاب الواقعية بامتياز، إذ سلط الضوء على إحدى أهم نقطتين يشغلان الرأي العام الوطني و الدولي وخصص لهما محورين، الأول يتعلق بندرة المياه والثاني الذي هو صلب موضوعنا يتجسد في محور إكراهات الإستثمار و سبل إنعاش .
من الضروري الوقوف في البداية على الأبعاد والسياق الدولي والوطني، وعلاقتهم بالقابلية لجذب الإستثمار ، فالعالم بأسره يشهد تحولات جذرية جيوسياسية وحرب استنزاف إقتصادية سببت ركودا تضخميا عالميا، في ظل الضبابية واللايقين في المستقبل ،الشئ الذي حتم على المغرب الإنخراط في نوع من التقاطبات والإصطفاف أحيانآ وتنويع الشركاء حسب مبدأ رابح رابح والتعاون المبني على الثقة والإئتمان واستغلال الفرص والقدرات وحسن تدبيرالملفات، كل هذا من اجل تعزيز مناخ الأعمال و جذب الإستثمار، وبالتالي جلب العملة الصعبة وفرص الشغل والتنمية، والحرص على اخذ العبرة من تجارب انظمة هشة سياسيا و اقتصاديا دخلت الدائرة الحمراء للأنظمة القابلة للإفلاس أو تلك التي أعلنت إفلاسها فعليا.هذه كانت أبعاد وسياق محور الإستثمار  .
الخطاب الملكي تطرق  لاكراهات الإستثمار بالمغرب وسبل تعزيز مناخ الأعمال و اصلاحه وعلاقته المباشرة بصورة ومكانة المغرب و اندماجه في الإقتصاد العالمي من جهة، وإنعاش الإقتصاد الوطني وتحقيق التنمية من جهة ثانية  . 
مغرب اليوم يلزمه عدم إهدار الفرص، وبالتالي على الجهات المعنية وكافة المتدخلين أن يسهرو على حسن تنزيل الميثاق الوطني للإستثمار،وإعادة النظر في طريقة اشتغال المراكز الجهوية للإستثمار بعيدا عن البيروقراطية والبطء و تعقيد المساطر ، بل يلزمه تجويد خدماته و مواكبة حاملي المشاريع و تأطيرهم و تعزيز ملفاتهم بالدعم اللازم مركزيا وكذا ترابيا من خلال تفعيل ميثاق اللاتمركز الاداري . 
تحفيز مناخ الأعمال لن يكتب له النجاح بالقطع إذا لم يواكب ذلك انخراط القطاع البنكي والمالي لتمويل الجيل الجديد من المستثمرين الشباب اصحاب المقاولات الصغرى والمتوسطة،هنا نطرح السؤال ،هل فعلا نتوفرعلى أبناك بعقلية وطنية تدرك حجم الرهان الوطني لتحريك عجلة الإقتصاد؟ أم أنها ستظل رهينة جشعها المعتاد و مراكمة أرباح طائلة بدون وجه حق؟ في مرحلة تقتضي شراكة وانخراطا جادا ومسؤولا في مبادرات الدولة من قبيل برنامج مقاولتي و برنامج انطلاقة .
 
استغلال الفرص الضائعة يمر كذلك من خلال تعزيز جوالمنافسة الشريفة و الولوجية للصفقات العمومية ، وكذلك الإنفتاح أكثرعلى مبادرات أبناء الجالية المغربية بالخارج؛ أخذا بعين الإعتبار حجم العملة الصعبة التي أودعها مغاربة الخارج في السنتين الأخيرتين .
كما أن أهمية جلب الإستثمار الأجنبي لا تلغي ضرورة جعل القطاع الخاص المغربي كمحرك للإقتصاد الوطني المنتج والتنافسي ، وبالتالي ضرورة الانخراط في تعاقد وطني للإستثمار يضم الحكومة بتعاون مع القطاع البنكي والخاص في أفق خلق 500 الف منصب شغل بين 2022 و2026 و تعبئة 550 مليار درهم من الإستثمارات.
المغرب لديه اليوم من الإمكانات في ظل تنويع الشراكات والتعاون جنوب جنوب والإنفتاح على شركاء جدد في ظل تعدد القطبية، أن يجعل من المغرب في مصاف الدول الجاذبة للإستثمار في ظل مناخ ألإستقرار السياسي والأمن والثقة في الإلتزام بتعهداته ، إلا أن معركتنا الداخلية تبقى أصعب لتعزيز التنافسية والتخفيف من أعباء الليبرالية المتوحشة و اقتصاد السوق.
عمر مروك باحث وعضو مركز شمال افريقيا للدراسات والبحوث وتحليل السياسات العمومية