الجمعة 3 مايو 2024
اقتصاد

عبد الجليل زوهري: تحلية مياه البحر ستمكن على الأقل من تزويد المدن الساحلية بالماء الشروب 

عبد الجليل زوهري: تحلية مياه البحر ستمكن على الأقل من تزويد المدن الساحلية بالماء الشروب  عبد الجليل زوهري
المغرب بصفة عامة شأنه شان دول عديدة في العالم، يعرف تغيرات مناخية أثرت بشكل سلبي على مجالات عديدة سواء فلاحية صناعية سياحية و اجتماعية ،فالماء سواء في كثرته أو نقصه يخلق مشاكل عدة ، وبالتالي فعكس البلدان التي عرفت فيضانات كما وقع في آسيا كباكستان هنالك بلدان تعيش اجهادا مائيا من بينها المغرب الذي  يعيش السنوات الأخيرة  شحا في التساقطات. اثر ذلك بشكل سلبي على المخزون المائي، على جميع الأصعدة  ،ومنها السدود التي وصلت حقينتها إلى أدنى حد بحوالي 20  % من المخزون، علما بأن هذه النسبة غير صافية بحيث لا تخلو من الترسبات والوحل! كما أن الفرشة المائية شهدت هي أيضا استنزافا غير مسبوق، فهناك  مناطق التي  تجاوز فيها عمق الآبار من  200 إلى 300 متر بعدما كان لا يتعدى العمق 50 إلى 60 متر ، وهذا بات مشكلا مقلقا يعاني منه الجميع وخاصة الذين يزاولون  النشاط الفلاحي.
وأعتقد أن الأصل في هذا المشكل يعود إلى عدم ترشيد استعمال الماء، والكل يعرف  طبيعة هذه الإستعمالات في منتوجات فلاحية  ليست لها قيمة مضافة بالنسبة للمواطن مباشرة  بحيث ينتج  المغرب البعض منها بغرض التصدير،  في وقت يبقى  المواطن في حاجة إلى مواد أولية ،من قمح وزيت وغيرها من المواد ذات الاستهلاك الشعبي،وبالتالي فهو ليس في حاجة إلى مواد مثل الافوكا أو كيوي اوغيرذلك ، فهذه الزراعات ادت إلى استنزاف الفرشة المائية، و كان لها تأثير سلبي كبير  على المخزون المائي، وأصبح الأمر يستدعي إعادة النظر في هذا النوع من الفلاحة والزراعات والحد منها ، والخطاب الملكي جاء ليحث و يذكر المغاربة بأنهم أمام تحديات يجب مواجهتها، وتوخي الحذر في هذه المرحلة والظرفية الصعبة  حتى نمر بادنى الخسائر، وعلى الجميع والحكومة بصفة خاصة  أن تتحمل مسؤولياتها  في هذا الباب في تدبير وتخطيط أدق والالتزام بالخطط الناجعة لتوفير الماء والحفاظ عليه ؛وذلك باتخاذ إجراءات استباقية،وقد تطرق الملك في خطابه إلى عدد كبير من السدود التي تبنى الآن، والتي من الأكيد ان لها منفعة في المدى القريب أو المدى المتوسط، في الحفاظ وتخزين الماء وتزويد الفرشة المائية. 
كما أن هنالك نقطة أخرى ذات أهمية  وتتعلق بتوفر المغرب على سواحل مائية على البحرالأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي وبالتالي فعملية تحلية مياه البحر ،رغم كلفتها تبقى حلا ناجعا في هذه الفترة والظرفية ، حيث ستمكن هذه العملية على الأقل من استفادة وتزويد المدن الساحلية بالماء الشروب،بل وكذلك بمياه السقي و بالتالي يجب توفير الإعتمادات اللازمة لهذه العملية  مع البحث عن التقنيات الفعالة من أجل ضمان تزويد المغاربة بالماء. 
وفي نفس السياق يجب التذكير بعملية أخرى لا تقل أهمية كذلك وتتعلق بإعادة تدوير المياه المستعملة والتي يمكن في هذه الظرفية استغلالها في الفلاحة  وفي الصناعة ،بل وأنه لا قدر الله اذا تطور الأمر إلى أزمة حقيقية قد تمكن تقنيات تدوير المياه العادمة من استعمالها غدا لأغراض الشرب وهذا امر ما زلنا والحمد لله بعيدين عنه. 
ولابد  في الأخير من التأكيد بأن المجتمع المدني عليه هو كذلك تحمل مسؤوليته في هذا المجال على مستوى التوعية ،فكما أن كل واحد منا يريد ان يحافظ على حياته، وأن الماء هوعصب الحياة فيجب علينا جميعا الحفاظ على الماء  وتوفيره بشكل كافي للمواطن حتى نضمن العيش جميعا في استقرار ونحقق التنمية والحضارة .    
عبد الجليل زوهري استاذ باحث بكلية العلوم والتقنيات بسطات جامعة الحسن الأول تخصص علوم الماء والبيئة