الخميس 28 مارس 2024
في الصميم

عبد الرحيم أريري: أين تبخرت 20 في المائة من تلاميذ المدارس الخاصة؟

عبد الرحيم أريري: أين تبخرت 20 في المائة من تلاميذ المدارس الخاصة؟ عبد الرحيم أريري
في الندوة الصحفية التي عقدها يوم الثلاثاء 7 شتنبر 2022، قدم وزير التربية شكيب بنموسى أرقاما حول الدخول المدرسي، من أبرز تجلياتها أن التعليم الخاص (وللسنة الثانية على التوالي) يشهد تبخرا في أعداد التلاميذ الممدرسين بمؤسساته.
فحسب الوزير بنموسى، بلغ عدد المسجلين في أسلاك التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي مامجموعه 7.900.000 تلميذ وتلميذة، ضمنهم 6.900.000 بالتعليم العمومي. أي أن التعليم الخاص لم يستوعب سوى مليون تلميذ وتلميذة، وهو ما يمثل 12 في المائة من المجموع العام.
واعتمادا على أرقام بنموسى، نجد أن نسبة التبخر بالتعليم الخصوصي بالمغرب للموسم الجديد بلغت 20،1 في المائة. إلا أن النسبة تختلف باختلاف مستويات التعليم الخاص.
ففي المستوى الابتدائي فقدت المدارس الخاصة نسبة 8،4 في المائة من التلاميذ، مقارنة مع المسجلين في الموسم الماضي.
وفي المستوى الإعدادي نزل عدد الملتحقين بالمدارس الخاصة بنسبة 1،4 في المائة.
أما في الثانوي فقد سجلت أعلى نسبة انخفاض بشأن تسجيل التلاميذ بالقطاع الخاص، حيث وصلت إلى 10،3 في المائة مقارنة مع الموسم الفارط.
هذه الأرقام تكشف عنصرين مهمين: الأول يتجلى في تعثر الدولة في الوصول إلى جعل التعليم الخاص يحتضن خمس الممدرسين بالمغرب (أي تحقيق عتبة 20 في المائة من كافة التلاميذ بالمدارس الخاصة بينما حاليا لا تمثل سوى 12 في المائة)، فيما يكمن العنصر الثاني في استمرار التداعيات الكارثية لأزمة كورونا على الوضع الاقتصادي للآلاف من الأسر(تشريد المستخدمين، تخفيض ساعات العمل، تقليص الأجر، إلخ...) ، فضلا عن الغلاء الحالي والانكماش الاقتصادي الذي ضيق الخناق على فئة واسعة من أرباب الأسر التي اضطرت إلى "تهجير" أبنائها" من التعليم الخاص إلى التعليم العمومي. 
هذا المستجد خلق ضغطا رهيبا على المدارس العمومية (المضغوطة والمثقلة بالأعطاب أصلا)، بشكل زاد من حدة الاكتظاظ بالحجرات، لدرجة أن مدارس ابتدائية عمومية بالمدن الكبرى اضطرت إلى حشر أكثر من 40 تلميذا في القسم، وهو أمر لم يكن مألوفا في الابتدائي العمومي. وطبيعي أن هذا الوضع سيزيد من عذابات الهيأة التربوية (أساتذة وإداريين) بالمدرسة العمومية أمام ندرة الموارد البشرية من جهة، وأمام تأخر العديد من أوراش بناء المؤسسات التعليمية العمومية من جهة ثانية.
ورغم أن كل أسرة مغربية تقريبا معنية بقطاع التعليم (لوجود ابن أو بنت بالمدرسة)، فإن المثير هو أن موضوع التعليم لا يحتل أي مكانة في الأجندة العمومية، أكانت أجندة حزبية أو حكومية أو برلمانية أو نقابية: فالأحزاب لم تعد تنتج فكرة أو مفهوما حول المدرسة تعبئ المجتمع حوله وتترافع من أجله للضغط على السلطة العمومية، والنقابات أضحت "مضخات خبزية"، ولو أن هذا حق مشروع، لكنه ليس شرط وجود النقابات، إذ استقالت النقابات جملة وتفصيلا من لعب دور حارس قيم المدرسة والتعليم الجيد للمغاربة، والحكومة استأنست بالتدبير الروتيني والأورتوذكسي لقطاع التربية، والبرلمان (بغرفتيه)، منشغل بتصفية صناديق معاشات النواب والمستشارين أكثر من انشغاله بأقدس قضية لدى شعوب العالم المتحضر، ألا وهي قضية التعليم.
والنتيجة هاهي أمامنا: إهدار ربع المجهود المالي العمومي كل سنة على قطاع التعليم دون أن ينعكس ذلك إيجابا على حوالي 8 ملايين تلميذ وتلميذة، وبالتالي دون أن ينعكس  إيجابا على المغرب والمغاربة.