الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الإله الجوهري: ضرورة مواجهة ثقافة الكلاخ

عبد الإله الجوهري: ضرورة مواجهة ثقافة الكلاخ عبد الإله الجوهري
يخرجون من جحورهم عند كل محطة ثقافية مهمة، لأن الثقافة تزعجهم وتؤثر على أعصابهم، الأعصاب التي لا تحتمل الفكر والمعرفة الخلاقة.
 يضربون بكل خسة ونذالة عند كل مناسبة فنية لأن الفن يحرجهم ويظهر لهم حجم تفاهاتهم، ويكشف مدى نصرتهم لثقافة الموت ومحبتهم لشيوع الظلام.
هؤلاء التافهين الغارقين في مستنقع الحقد والجهل، لا وعي لهم غير وعي النظر للمؤخرات، ونشر معاني التفاهة، والعمل على جر بعض العباد، عبر خربشاتهم وفيديوهاتهم إلى حظيرة البهائم، حيث البرسيم والشعير الذي تعشقه فصيلة الحمير.
لم ينتظروا طويلا لكي يظهروا أنهم عصابة شبه منظمة تترصد خروج الأفلام الجديدة للقاعات السينمائية من أجل شن الحرب عليها وعلى أصحابها، ومحاولة الدفع بالناس لمقاطعتها انطلاقا من تهم قديمة، وصور زائفة، ومقالات مهلهلة في مواقع لا تزورها إلا النفوس الكليلة، والعيون الباحثة عن الأخبار والفيديوهات المقتطعة من سياقاتها، والتي تتحول بفضل مقص خستهم إلى صور ملفقة تلبي غرائزهم البهيمية المقولبة بخطب وجلسات بخور ورقص على ايقاع الخواء.
مناسبة القول، الحملة المنظمة الجاهلة ضد الفنان إدريس الروخ، وهو يحتفي وينتشي بخروج فيلمه الروائي الطويل الأول في مساره الفني المعنون ب "جرادة مالحة" إلى القاعات بمختلف المدن المغربية، خروج جعل بعضهم يصاب بسعار الكلاب، ويذهب للبحث في مقتنياته وصوره القديمة التي يحتفظ بها لمشاهدتها كل ليلة، أو أي لحظة، يحس فيها بالكبت، ويسعى من خلالها لممارسة ثقافة الكف، وإرواء العطش، وتجفيف ينابيع الفقد، فقد الروح الحرة، والتشبث بنبض الروح العائشة في الحضيض البعيدة على أن تكون منسجمة مع الذات والمجتمع.
أن يتم شن حملة على فنان مغربي، أضحى اليوم في المغرب ضرورة فنية، بالنظر لممارساته الإبداعية، ولحضوره الوازن في المسرح والسينما والتلفزيون، والكتابة اليومية الخالقة للجدل، والمكرسة للفعل النقدي البناء القادر على هز عروش الأبالسة وتجار الدين ومرتزقة الصحافة والإعلام. يعني أن هذا المبدع قد أوجعهم وأصابهم في مقتل مما أفقدهم الصواب ودفع بهم إلى ركوب موجة الغل، وارتكاب الأخطاء التي تدينهم وتفضحهم أمام الله والمجتمع الكبير، المجتمع الصاحي لهم والفاهم لمؤامراتهم، وتكشفهم كإمعات لا يفهمون غير لغة الضرب من تحت الحزام والجلوس على شوك أشجار الصبار....
ل"جرادة مالحة"، السارحة في جنان الصالحة، كل المجد والحبور، ولصاحبها إدريس الروخ كل آيات الحب والتقدير والتضامن ضد همج العصر، الهمج الذين لا يستطيعون التفريق بين الواقع وما يشاهدون على الشاشة، الهمج الذين لا يملكون أدنى شرف للخروج والمواجهة وجها لوجه، ويلجأون بذل ذلك لأساليب شعبوية جد مقيتة، تشبه أسلوب ذلك الذي يجبن أمام خصمه فيضطر للعنه في السر، وأن "يعطيه" الأصبع المغطى تحت الجلباب، وعندما يختلي بنفسه، أو يقف أمام شلته من فئران المجاري يتفاخر بالشجاعة وإحراج الخصم. لهذا ومن أجل هذا وكل هذا، نهمس في أذانهم، أنهم مهما فعلوا لن يستطيعوا ايقاف شروق الشمس أو وزحف خضرة فصل الربيع، وسأقول كما قال أبا عمار، ذات تحدي للصهاينة وأزلامهم من صحافة العار: 
"يا جبل ما يهزك ريح". 
كل التضامن مع با إدريس. وانتهى الكلام وسدات مدام، مع التشديد على االسلام وكل من يحب السلام....