الجمعة 3 مايو 2024
فن وثقافة

من المسؤول عن تدمير الأغنية المغربية وتسويق الفن الرديء؟!

من المسؤول عن تدمير الأغنية المغربية وتسويق الفن الرديء؟! الفنانة نعيمة سميح تتوسط الفنان عبد الهادي بلخياط (يمينا) والفنان عبد الوهاب الدكالي (يسارا)
رجاء... أعيدوا لنا الزمن الجميل!!
في السابق في الجيل الذهبي للأغنية المغربية، صناعة "نجم" كانت تستغرق سنوات من العرق والمثابرة والتضحيات، لذلك كانت الفنانات والفنانون يعدون على رؤوس الأصابع. لكن قبل أن يقدم نفسه إلى الجمهور  يكون ذلك "الفنان" قد بلغ مرحلة متقدمة من النضج الفني والوعي بأنّ لا مجال لارتكاب الحماقات بعد هذا الماراطون كي يصنع اسمه، والأمثلة الكثيرة على الأسماء الفنية الخالدة التي تركت بصماتها وأعداد أغانيها تتفوق على أعداد فضائحها، إذا كانت هناك فضيحة بالمرة، لأن الوعي الذي تحدثنا عنه كان يدفع الفنان إلى تقاسم الأطباق الفنية مع الجمهور وانتهى الكلام.

في العالم الجديد، بعد اكتشاف "مارك زوكربيرج" للكوكب الأزرق، وانفتاح القنوات الفضائية على "تلفزيون الواقع"، وغزو الإعلانات "المزعجة" بيوتنا، وسيطرة "اليوتوب" على منصات وسائط التواصل السمعي-البصري، تسرّبت هذه "المسوخ" التي نشاهدها اليوم، وانسلخ الذوق الفني من كل القيم الجميلة والضوابط الصارمة التي كانت تجعل من ولادة نجم تشبه الولادة "القيصيرية". ما نشاهده اليوم هي "أجنّة" مشوهة، وأطفال "أنابيب" الصرف الصحي، وعاهات "اليوتوب" التي استبدلت "شهقات" الإعجاب بأزرار الإعجاب. من هنا تغير مفهوم صناعة النجم، وتغير الذوق من طبق "الطاجين" الذي كان يطبخ على نار هادئة وبداخله جميع التوابل وأنواع الخضروات المرتبة طبقات، إلى وجبات "الفاست فود" كل مكوناتها نيئة ومن مركبات كيماوية "مسرطنة". لذا التهمت "السرطانات" الأغنية المغربية، فأصبحنا أمام "عاهات" و"مانكانات" وأصوات غنائية من "الجنس الثالث". ولأن الفضاء لا يتسع لوجودهم/هن جميعا، نشبت حروب ضروس بينهم/هن من أجل البقاء، ومبارزات بالألسن وليس الأصوات. التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت "مزاراع دجاج" تفقس يوميا المئات من "الصّيصان" غير مكتملة النمو. ولا داعي لذكر الأسماء التي تثير الخجل.

ما يقال عن الأغنية المغربية ينطبق على برامج "تفقيس" الكوميديين، بمناسبة انطلاق برامج تلفزيونية "هجينة" أنتجت "عاهات" فنية بألسن طويلة لا حناجر ذهبية!!.

نعم، التلفزيون والإذاعة الوطنية يسألان وبشدة عن تخريب الأغنية الملتزمة والهادفة والذوق العام، بخيانة دورهما في تمويل وسويق البرامج الفنية التي تعيد للأغنية المغربية إشراقاتها وأصالتها، بمختلف ألوانها ولهجاتها، في حين لعبت التلفزة والإذاعة الوطنية دورا حاسما في الترويج للميوعة وإشهار الأغاني الهابطة، ولا داعي لذكر الأمثلة. التلفويون والإذاعة ومختلف وسائط الاتصال الحكومية خانت ذلك الزمن الجميل الذي كنا نتقاسم فيه إنجازات الفنانين. ننتظر إبداعاتهم بصبر جميل. اليوم انقلبت الآية، أصبح التلفزيون ينافس  مواقع التواصل في التسويق لـ "الوقاحة" وبث صور المؤخرات والأردافهن والقفاطين والمجوهرات. اختفى الإبداع في زحمة الأصوات الرديئة التي أصبحت تتنافس على  تسويق التفاهة والقبح بدل الجمال.

رحم لله ذلك التلفزيون وتلك الإذاعة التي كانت تحتفي بزمن العمالقة الذين كانوا يخجلون من نشر حياتهم الشخصية.
فسحقا لزمن "الأقزام" وفن "المراحيض"!!.
 
تفاصيل أوفى في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"