محمد مسعاد: أنا والصحراء
أستعيد الآن، كأن الذاكرة تصلّي في صمتها، وجه أبي – رحمة الله عليه – وهو يعود من المسيرة الخضراء. كان الغبار يلتصق بجبينه كإكليل، وكان الضوء يسكن في عينيه كأنهما شرفتان على الوطن. كنت في الثامنة من عمري، صغيرًا بما يكفي لأرى العالم من قامته العالية، وكبيرًا بما يكفي لأفهم أن الرمل ليس جغرافيا، بل نَسَبٌ روحيّ، وأن الصحراء، حين تنادي، لا تنادي المكان، بل الدم الذي يسري فينا منذ البدء. قال لي أبي، بصوتٍ ...
