الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: ليلة القبض على دعوة .. إفتتاح سينما صحاري  بأكادير

يوسف غريب: ليلة القبض على دعوة .. إفتتاح سينما صحاري  بأكادير يوسف غريب
إلى حدود مساء الأحد 5 يونيو لا أحد يعرف أن المدينة على موعد ثقافي مناسباتيّ  يتعلق بالدعاية لقاعة عمومية مستحدثة من ركام سينما صحارى  ( سابقا).. 
ورغم أن راديو المدينة إشتغل باكرا صبيحة الإثنين 6 يونيو  يحمل أخبار الإفتتاح الثاني لهذه القاعة على الساعة الثامنة مساءً..فهو في نفس الوقت ينبّه عموم الراغبين في  الدخول إلى القاعة مع إشتراط  الحصول على الگود أو الرقم السري.. ولم يصل منتصف النهار حتى إشتغلت كل الأرقام الهاتفية هنا.. وهناك.. مع إستعراض لائحة المعارف القريبة إلى صناع هذا الگود السري.. وبدأت التدخلات والإحراجات…وأصبح مع مرور الوقت زوالاً الحصول على دعوة الحضور إمتيازاً وحضوة ومكانة إجتماعية.. ومع إقتراب وقت الإفتتاح..إنطلقت عملية الحراسة المشدّدة مع متاريس ومراقبة دقيقة وعلى مرتين..
كان إمتياز..لأن لا حديث في الهاتف أو مع الأصدقاء إلاّ عن هذا السؤال (  واش عندك شي دعوة الحضور أسى فلان!!؟) وكان أيضا سلطة في يد من يملكون عملية التوزيع وفي احترام تام للتراتبية من ذاك الأعلى الذي صنع الگود السري، وهو يخاطبهم بأغلط  الأيمان أن لا دخول إلاّ بالدعوة البيضاء.. ( ومني وجبد) هي التعليمات التي احترمت من طرف بقية الرؤساء أسفل القائمة مدنيّين وغيرهم.. وحافظ الجميع على السرّيّة تطبيقاً للأوامر والتعليمات.. وبدأت عملية توزيع الغنيمة على الأوفياء والأقارب ( وهادوا دياولنا.. وهادوا خدامين معانا.. وهادوا كيصفقوا لينا..) وحيث أن الگود السرّي حصلت عليه من طرف الشاعر محمّد واگراگ أحد المبدعين الذين شاركوا في التحفة الفنية التى أطرها وقادها الصديق الموسيقار إدريس المالومي تحت عنوان ( تمغرا)...لأقف على حقيقة جدّ مؤلمة وغير مفهومة بل تخلق الكثير من الشكوك والإرتيات.. منها ان الگود السري / الدعوة إلى حفل الإفتتاح صادر عن الشركتين المكلفين بإنجاز أوراش التهيئة الحضرية تحت إشراف الولاية طبعاً..
واستفسرت  عن سر غياب الجماعة الحضرية صاحبة الملكية كما روّج لنا أثناء الإفتتاح الأول من طرف الرئيس السيد عزيز أخنوش.. لأجد أن هذه المؤسسة الدستورية لا تختلف عن محطة للإخبار والتنفيذ.. مما يدفع إلى توسيع النقاش العمومي حول حدود وصلاحيات هذه الشركات وهذا التوغل والتغول.. يدفع إلى هذا التراخي والتنازل عن اختصاصات ممثلي الساكنة داخل المجلس الحضري للمدينة.. 
وهو ما يفرض أيضاً  على السلطة الولائية والوصية الدفع بالمؤسسة كي تمارس سلطتها دفاعاً وتحصيناً لمشروعنا الديمقراطي، والدفع به نحو التطوير والإرتقاء به.. فالشركة مؤسسة ربحية موجودة تحت سلطة القانونية والمعنوية للجماعة الحضرية لأكادير.. 
وإن يتم تغييب هذه الأخيرة  حتّى في  الدعوة إلى حفل قاعة عمومية هي في ملكيتها أصلاً..  (اوكما  يعتقد..)  ففي الأمر ما يدعو إلى الكثير من الإستغراب والغموض.. من نتائجه أن هذه السرية المفرطة في عملية توزيع الدعوات وبعلّتها.. حتّى شبّه الأمر بليلة القبض على الدعوة..من نتائجه هذا الحضور الباهت جدّاً.. وبكراسي أغلببتها فارغة.. لأكتشف أن لا معنى لهذه السلطةوالحزم والإستعلاء التي استعملها البعض قرب الباب وعلى جوانب القاعة كان الحضور وبقلته داخل فضاء لم يساعد بالمرّة على لحظة التتبع والتركيز لمختلف فقرات الحفل، ساهم المنظمون أنفسهم على خلق الفوضى خلال تناوبهم على فتح باب القاعة وبما يحدث ذلك من تشويش على البروڨا الموسيقية.. إلى جانب الأجهزة الصوتية.. زاد من ذلك كلّه طبيعة الكراسي التي لا تساعد على الجلوس لأكثر من نصف ساعة.. هي القاعة العمومية  التي تم إفتتاحها اليوم.. وقد لا نختلف على أيّ إسم لها.. الإ ان تسمّى سنيما صحارى..
ففي ذلك تحريف للذاكرة والتاريخ.. فكل المعالم تغيّرت بدءاً بالباب..
لم يبق من البناية إلاّ ذاك الدرج الإسمنتي الدائري المؤدي إلى قاعة ( البروجيكسيون)  
لم يتركوا  غير  هذا الرسم من معلمة ثقافية لم تعد قائمة اليوم.. وسنتحوّل كأجيال هذه المدينة تحت ضغط الذكرى والتذكر إلى البكاء والتحسر على الأطلال لحظة مرورونا هناك.. 
نبك ونتحسّر على قاعة تعلمنا فيها ابجديات قراءة الشريط السينمائي عبر الأندية السنيمائية منذ ثمانينات القرن الماضي.. 
نبك ونتحسّر على قاعة اختزلت الكثير من فرحنا الجماعي وشغبنا التلاميذي.. نبك ونتحسّر على حالة مدينة أسوأ ما يمكن أن يصيبها  هي أن تدبّر  من اشخاص لا تعني لهم اي شئ ولا يعرفون معنى الإنتماء إلى المكان وتاريخ المكان.. بل وان يصل إلى مستقبل المكان. وهم بهذه الصفةيستطيعون ان يقبلوا بهدوء تغيير معالم المكان.. وتدمير ذاكرته..هي حسرتنا الجماعية في هذه المدينة.