الأربعاء 8 مايو 2024
كتاب الرأي

الحسن زهور: "تانيت" آلهة الحب والخصوبة والحرب الأمازيغية القديمة"

الحسن زهور: "تانيت" آلهة الحب والخصوبة والحرب الأمازيغية القديمة" الحسن زهور
"تانيت" إلهة الحب والخصوبة والحرب ،يقول هيرودوت بأنها ابنة الإله الأمازيغي "بوسيدون"أخذها اليونان من الأمازيغ واتخذوها إلهة لهم باسم أثينا ( وهي عاصمة اليونان اليوم).
يقول هيرودوت بان مولدها كان في بحيرة تريطونيس بتونس حاليا( وإسم تونس مأخوذة من هذه البحيرة)، وكان يقام لها إحتفال من طرف الأمازونيات الأمازيغيات المحاربات، حيث  يلبسن أجمل ما لديهن ويقدمن عليهن ملكتهن في هذا الإحتفال ( أجملهن) وهي على عربة مزينة(2) وقبل أن يطفن سبع مرات حول البحيرة التي يعتقد أن الإلهة"تانيت" ولدت فيها: "تتوزع فيه الفتيات إلى مجموعتين تتصارعان بالحجارة والعصي ويقولون إنهم ورثوا هذه الممارسات التي أسسها أجدادهم تكريما للربة التي ولدت في بلدهم والتي نسميها نحن الإغريق أثينا، وإذا حدث أن إحدى الفتيات ماتت متأثرة بجراحها خلال الصراع، فإن ذلك دليل على أن عذريتها مزيفة.."(2) ثم يطفن بالبحيرة تتقدمهن أجملهن وهي على عربتها المزينة. 
بقيت عبادتها في بعض الطقوس والإحتفالات الأمازيغية بالمغرب إلى الآن، فمثلا إحتفال " تاغنجا" تحمل فيها الفتيات المحتفلات عروسا مزينة من قصب أو ما شابهه على شكل رمز الإلهة تانيت ، طلبا للمطر  أي للخصب والخصوبة (3)..
كما لهذه الإلهة إمتداد في بعض الطقوس الأمازيغية مثل إحتفال "لالّا تاغلا" بإمي أكادير (فم الحصن) الذي كانت تحتفل به الفتيات يوم عيد المولد النبوي إعتقادا منهن أن " لالّا تاغلا" تجلب الزواج للمحتفلات بها (الحب والخصوبة مثل الإلهة تانيت). و" لالا تاغلا" لها قبر فوق ربوة وسط الحقول البورية خارج البلدة ما يزال إلى الآن لكن الإحتفال زال واندثر منذ نهاية الخمسينات.وكان الإحتفال يقام على شكل حفل يبدأبالإستعداد من داخل القرية بقرع الدفوف من طرف الفتيات والفتية( الشباب غير المتزوج)، وعندما يجتمع الفريقان يتوجه الجمع خارج البلدة حيث توجد الربوة التي بها قبر "لالا تاغلا"( لالا تاغلا هي النعجة التي لم تلد بعد)، وعندما يصل  الجمع قرب الربوة حيث الحقول البورية ينقسم إلى فريقين، فريق الفتيات وفريق الفتية (الشباب)، فيتعاركون بحبات الحنظل التي تنمو في هذه الحقول، ثم يتشابكون بالأيدي ( الفتى والفتاة)، ويحاول كل متعارك أن يسقط  رفيقته أرضا أو العكس، ويعتقد أن من جرحت اثناء إسقاطها لن ترى الإحتفال في العام الموالي( ؤر استيد ئسوتل ؤسگاس).
وبعد الإنتهاء من طقس العراك بين الجنسين، تنتقل الفتيات إلى قبر " لالا تاغلا" وهو فوق الربوة ، فيقفن على قبرها ، وتدق كل فتاة حصوات صغيرة (حملتها معها ) فوق حجرة وضعت على القبر مرددات " لالا تاغلا ؤر نري ليتيهال نم" اي ( لالا تاغلا لا نريد ان تتزوجي )(4).
وبعد الإنتهاء من هذا الطقس تنزل الفتيات حيث ينتظرهن الفتية للقيام بحفلة أحواش وهو الطقس الأخير، وعند الإنقضاء من هذا الطقس يرجع الجميع إلى القرية، وكل فتاة تأمل أن تلبي "لالا تاغلا" طلبها أي الزواج.وكان هذا الإحتفال يقام في ئمي ؤگادير (فم الحصن ) إلى الخمسينات من القرن الماضي.وهذا الإحتفال شبيه إلى حد كبير بالإحتفال الذي كان يقام للإلهة "تانيت" كما ذكره هيرودوت.
هوامش:
1- يشير هيرودوت إلى أن نساء الامازيغ في بعض القبائل يقدن العربات أثناء الحرب.( الفقرة 193، كتاب أحاديث هيرودوت حول الليبيين(الأمازيغ)، ترجمة وتعليق د. مصطفى أعشي، منشورات المعهد الملكي،2009، ص 96).
2- هيرودوت، فقرة 180 الكتاب الرابع، ( المرجع السابق ص 56).
3- رمز "تانيت"في الصورة تشبه " تاغنجا".
4- راوية هذا الطقس الاحتفالي هي فاضمةالبشير أم محمد أوگدماين من إمي أگادير، توفيت رحمة الله عليها في أواخر التسعينات، روت لي هذا الطقس في بداية التسعينات وهي في السبعينات من عمرها آنذاك