الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

برنامج " مدارات " يضيء سيرة الشاعر علي الصقلي كاتب كلمات النشيد الوطني المغربي

برنامج " مدارات " يضيء سيرة الشاعر علي الصقلي كاتب  كلمات النشيد الوطني المغربي الراحل الشاعر علي الصقلي
ضمن سلسلة حلقاته حول جيل الرواد والاعلام في الثقافة المغربية الحديثة، خصص برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية من الرباط، حلقته الاخيرة للاديب المغربي الراحل مولاي علي الصقلي، قدم خلالها معد ومقدم البرنامج الإعلامي عبدالاله التهاني، لمحات من سيرته الأدبية الحافلة، في مجال الشعر  والشعر المسرحي، وأدب الاطفال والتأليف المدرسي،  وهو الشاعر الذي ارتبط اسمه بإبداع كلمات النشيد الوطني الرسمي للمغرب. 

وقال الزميل عبدالاله التهاني في مستهل هذه الحلقة،  إن قصائد علي الصقلي هي جوهرة من جواهر الشعر الحديث في المغرب، سواء من حيث تجديد اللغة أو الرؤية، أو من حيث جمالية وكثافة الصورة الشعرية، مبرزا أنه  كتب في مختلف الأغراض الشعرية مثل الوطنيات  والقوميات، وفي الشعر الديني، كما في الغزل والمناجاة الروحية، وكذا في شعر الحب والمدائح السلطانية، وفي الرثاء  والإخوانيات والمداعبات  والمساجلات، فضلا عن معارضاته  لغيره من الشعراء العرب ، سواء أكانوا من الأقدمين أو من المحدثين.

واستعرض معد ومقدم البرنامج، كتابات الأساتذة مصطفى الجوهري ونجاة المريني ومحمد احميدة، حول جوانب مختلفة في تجربة هذا الشاعر الفذ، متوقفا عند الجهد الأدبي والتوثيقي الذي بذله الباحث الدكتور مصطفى الجوهري في هذا الباب، واصفا إياه بأنه أشرف بكثير من الحرص والصبر والتدقيق، على طبع وإصدار كتابين مهمين، يضمان دراسات ومقالات بحثية وشهادات وانطباعات، حول شخصية الأديب المغربي مولاي علي الصقلي.

 وأبرز الزميل التهاني بأن  الأمر يتعلق  بالكتاب الأول الصادر سنة 2016 تحت عنوان : " علي الصقلي أمير الشعراء " ، ضمن منشورات النادي الجراري الذي يرأسه عميد الدراسات الأدببية في المغرب عباس الجراري، مضيفا أن هذا الكتاب يضم أعمال الندوة الأدبية التي نظمها النادي الجراري سنة 2014، بتنسيق مع جمعية رباط الفتح بالرباط، تكريما للشاعر مولاي علي الصقلي، حيث صدر  بتقديم من الاستاذ العميد عباس الجراري.

وأشار معد ومقدم البرنامج إلى كتاب ثان حول الشاعر الراحل، يعود الفضل للاستاذ الدكتور مصطفى الجوهري، في تنسيق مواده ومحتوياته وطبعه ، مشيرا إلى أنه صدر في نونبر 2019 تحت عنوان: " الشاعر مولاي علي الصقلي، أبحاث وشهادات "، وذلك بتنسيق بين "نادي لأربعاء" الذي أسسه وكان يرأسه الشاعر الراحل  مولاي علي الصقلي نفسه، والنادي الجراري، وجمعية رباط الفتح بالرباط، مبرزا أن  ما تضمنه هذان الكتابات التوثيقيان معا، يشكل مادة أدبية على غاية الأهمية من شأنها أن تخلد ذكرى الاديب الراحل علي الصقلي، باعتباره ثاني أكبر شعراء القصيدة الكلاسيكية الجديدة في تاريخ المغرب الحديث ، إلى جانب الشاعر الرائد محمد الحلوي رحمه الله.

وفي ذات السياق، سجل الزميل عبدالإله التهاني، أن الشاعر مولاي علي الصقلي، يعتبر منتوجا خالصا للمدرسة المغربية الأصيلة، إذ  رأى النور بمدينة فاس عاصمة العلم والعرفان عام 1929، وبها تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي على يد فقهائها الأجلاء، حيث تمكن من حفظ القرآن الكريم، وهو في يفاعة الصبا ، وتوج مساره الدراسي بنيل شهادة العالمية من جامعة القرويين بفاس، حيث تخرج منها سنة 1951 ، وأصبح على الفور واحدا من نخبة المدرسين الشباب بها.

واعتبر الزميل عبدالاله التهاني أن مواهب مولاي علي الصقلي  الأدبية وسمعته الوطنية،  وما بات ينشره من قصائد ،  قد تعدت حدود فاس، وهو بعد شاب في مقتبل العمر، الامر الذي جعل الملك المغفور له محمد الخامس، يختاره سنة 1956 ليكون ضمن فريق العمل بالديوان الملكي بالرباط، حيث تولى مهام الكتابة والتحرير،  واستمر في عمله ذاك الى غاية 1961، لينتقل بعدها الى وزارة الشؤون الخارجية للعمل في الحقل الدبلوماسي المغربي ، كمستشار ثقافي بسفارات المغرب في عدد من الدول العربية.

وأضاف معد ومقدم البرنامج يقول، بأنه بانتهاء هذه المرحلة من حياته المهنية، سيعود الشاعر مولاي علي الصقلي إلى فضائه الرحب والواسع، وهو مجال التربية والتعليم، حيث زاول التدريس ثم التفتيش التربوي، قبل أن يعين عام 1971 مفتشا عاما للتربية ويساهم الى جانب ذلك في وضع العديد من المناهج الدراسية الخاصة بالتعليم الابتدائي والثانوي، وكذا مناهج التكوين في مراكز التكوين التربوي بالمغرب.
 
وأستحضر الزميل عبدالاله التهاني، ما حظي به هذا الاديب الراحل  من تكريمات، حيث كان قد  حصل على عدة جوائز وأوسمة ثقافية رفيعة في المغرب وفي دول عربية، ومن ومن أبرزها جائزة المغرب الكبرى للآداب سنة 1982 عن مسرحيته الشعرية " المعركة الكبرى " ثم جائزة الملك فيصل العالمية عام 1991 ، عن كتاب له في موضوع أدب الأطفال.
 
واستطرد الزميل التهاني يقول بأن للأديب الراحل إنتاجا وفيرا، يضم الشعر والمسرح  الشعري ،والقصة والتآليف المدرسية الخاصة بالأطفال والناشئين ، مسجلا في هذا الصدد، أنه رغم ضخامة ووفرة إنتاجه الشعري ، والذي تجاوز 40 ديوانا، إلا أن ما نشره وأصدره  منه، يعتبر قليلا جدا،  ومن ذلك  ديوانه "بين صديقين " الذي يضم سجالاته الشعرية مع صديقه الشاعر المغربي الراحل محمد الحلوي، حيث كان قد أصدره سنة 2014 ، إكراما لروح هذا الشاعر بعد مرور 10 سنوات على وفاته، ثم نشر بعد ذلك ديوانا بعنوان " مقتطفات من وحي خواطر " ، صدر الجزء الأول منه سنة 2015 والجزء الثاني سنة 2016.
 
وقال الزميل التهاني بأن الدواوين الأخرى للشاعر الصقلي، والتي تتجاوز حسب الدكتور مصطفى الجوهري أربعين ديوانا ، فإنها لا تزال مخطوطة، وتتوزع بين هواجس ومناجاة شخصية ، وتوسلات دينية ، ومدائح وإخوانيات ومداعبات، ومساجلات ومرثيات وما إلى ذلك، مشيرا إلى العديد من  النصوص الشعرية الاخرى التي كتبها مولاي علي الصقلي، وتحولت  إلى أغان  على يد كبار الملحنين المغاربة، وفي طليعتهم المرحوم عبد القادر الراشدي ، الذي جمعته به صداقة خاصة وحميمية.

وتوقف الزميل التهاني عند كتابات المرحوم مولاي علي الصقلي في صنف أدب الأطفال ، مشيرا إلى دواوينه المطبوعة، وهي: ( أنغام طائرة - من أنغام البراعم - ريحان وألحان -  مسامير ومزامير ) .
وقد  ختم الزميل عبدالإله التهاني هذه الحلقة من برنامج "مدارات "، بقراءة لمختارات من شعر مولاي علي الصقلي، ولاسيما بعض نصوصه الشعرية  الممتعة  التي كتبها في التوسل الديني، وحب الوطن، والمناجاة الروحية، والوجدانيات والغزل.