الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

جمال العسري: أخنوش .. بين رئاسة الحكومة ورئاسة أكبر شركات محروقات بالمغرب

جمال العسري: أخنوش .. بين رئاسة الحكومة ورئاسة أكبر شركات محروقات بالمغرب جمال العسري
عزيز أخنوش .. رئيس الحكومة .. أهو وزير سياسي ... أم وزير تقنوقراطي ؟؟؟
عزيز أخنوش ... بين لهيب ارتفاع الأسعار ... و اتساع هامش الأرباح ...
بعد مرور حوالي نصف سنة على تولي " عزيز أخنوش " رئيس حزب " التجمع الوطني للأحرار " رئاسة الحكومة ، بصفته السياسية و باعتباره رئيس الحزب الذي أريد له أن يحتل المرتبة الأولى في الانتخابات الأخيرة ، قفزت اليوم مجموعة من الأسئلة الكبرى أو الألغاز المحيرة: هل لدينا حكومة سياسية؟ هل يمكن اعتبار " عزيز أخنوش " سياسيا يرأس حكومة أم هو تقنوقراطي يرأس الحكومة؟ و بالتالي هل نحن أمام حكومة سياسية أم حكومة تقنوقراطية؟
بالملاحظة الأولية ستبدو هذه الأسئلة خارج الإطار، مادام أن حكومتنا تضم ثلاثة أحزاب سياسية، بل تضم الأمناء العامين الثلاثة لهذه الأحزاب. وعليه فالبديهي أننا أمام حكومة سياسية .
لكن المشكلة أعمق من ذلك، المشكلة يطرحها أساسا رئيس هذه الحكومة " عزيز أخنوش"، أحد الأمناء العامين الثلاثة. فجل المتابعين لخرجات وتصريحات ومداخلات وتدخلات رئيس حكومتنا الأمين العام، يخرجون بخلاصة لا يتناطح حول عنزان كما تقول الأعراب، خلاصة مفادها أن رئيس الحكومة السياسي لا علاقة له بالسياسة، ولا بمداخلها، ولا بمواضيعها. كل خرجاته لا تجد فيها طعما و لا رائحة للسياسة بما في ذلك التصريح الحكومي. فالمستمع له أو القارئ له سيجد عناوين سياسية بدون أفكار أو مقترحات سياسية. ثم في خرجته الإعلامية وحواره عقب المائة يوم من ترأسه للحكومة، لم يتطرق البتة لأمور السياسة وقضاياها سواء ما ارتبط بالإصلاحات الدستورية أو السياسية أو ما تعلق بالحريات والاعتقالات والمحاكمات أو ما تعلق بمسألة الحقوق وعلى رأسها حقوق الإنسان، وما تعلق بالديمقراطية عموما ...
و هذا ما يجعلنا نقول أن " عزيز أخنوش " يترأس الحكومة بصفته تقنوقراطي، رجل أعمال، أحد أغنى أغنياء المغرب، و أننا أمام رئيس حكومة شبيه بالتقنقراط الذين سبقوه ك "كريم العمراني " و " إدريس جطو "، وإن لم يصل البتة لهما. و هذا يجعلنا أمام إشكال أكبر و أخطر من مجرد كوننا أمام رئيس حكومة تقنوقراطي، و هذا الإشكال هو إشكال " تضارب المصالح " و إشكال " استغلال النفوذ " أو على الأصح " استغلال المعلومة ".  فأخنوش إضافة لرئاسته لحزب التحمع الوطني للأحرار، فهو رئيس لمجموعة من الشركات الكبرى بالمغرب، وعلى رأسها إحدى أكبر شركة المحروقات بالوطن، وجميعنا يعلم الاتهامات الكبرى الموجهة لهذه الشركات، واتهامها بالتربح عن طريق الاحتكار و خرق قواعد التنافس. بل هذه الاتهامات لم تبق مجرد اتهامات بعدما أصدر مجلس المنافسة قرارا في حقها وهو القرار الذي تم الطعن فيه. ومع ذلك فالبنسبة للأغلبية الساحقة للمواطنات
والمواطنين التهمة ثابتة، خاصة مع توالي التقارير عن ملايير الأرباح التي تحققها هذه الشركات التي يصدق عليها وصف " تجار الحروب ". و مع سلبية الحكومة و رئيسها، رئيس أكبر شركة للمحروقات بالمغرب، الذي لم يتخذ لا هو ولا حكومته أي قرار لوقف ارتفاع أسعار المحروقات، ولا قرارا للتقليل من أرباح شركاتها، بل وقف مشاهدا مراقبا متفرجا مبررا لهذا الارتفاع، أو على الأصح وقف وهو يفرك يديه فرحا سعيدا بالملايين التي تدخل صندوقه يوميا.
وهنا بدأت تطفو على السطح أصوات الاحتجاج، احتجاجا على تضارب المصالح، بين مصلحة رئاسة الحكومة وما تقتضيه من التفكير في مصالح وشؤون المواطنين، ومصلحة رئيس شركة وما تقتضيه من التفكير في رفع الأرباح، وبين هذه و تلك. 
وفي غياب رؤية سياسية واضحة لرئيس حكومتنا، يتضح جليا أننا أمام رئيس بعيد كل البعد عن السياسة وعالمها، قريب كل القرب من التجارة وعالمها. و هنا لا تفوتنا الإشارة إلى الخرجة الأخيرة لرئيس الحكومة الأسبق " عبد الإله بنكيران "، وهو يلمح بوضوح إلى إمكانية استغلال " أخنوش " للسلطة و للمعلومة من خلال حديثه عن قرار قطع الغاز الجزائري عن المغرب، و هو القرار الذي احتج أخنوش على عدم إخباره مسبقا به كوزير للحكومة. فكان رد رئبي الحكومة الأسبق إن الإخبار المسبق به كان سيجعله يستفيد كرئيس لشركة تعمل في مجال الغاز. 
والآن ننتهي للسؤال الأكبر : هل حان وقت الاستغناء عن أخنوش؟ هل لازال صالحا لمهام رئاسة الحكومة؟ هل نستمر في حكومة تتضارب مصالح رئيسها؟ هل يستقيم الوضع بين رئيس حكومة يخسر شعبيته ورئيس شركة تزداد أرباحه؟ بين رئيس حكومة يتقلص رصيده الشعبي ورئيس شركة شركة يتضخم رصيده البنكي؟ 
ألم يحن الوقت للتخلص من رئيس حكومة أصبح يشكل عبئا على الدولة وعلى السياسة و على الحكومة؟ ألم يحن الوقت لإغلاق للانتهاء من هذه التجربة ذات الوجهين السياسي في صورة التقنوقراطي والتقنوقراطي في صورة السياسي؟ 
فتجربة " أخنوش " تجربة فريدة، لا مثيل لها، فأبدا أخنوش ليس هو كريم العمراني ولا هو إدريس جطو، هو فقط إحدى غرائب و عجائب بلاد المغرب.
 
جمال العسري/ عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد