الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

كريم مولاي: دعوة لوحدة المعارضة لإنقاذ الجزائر

كريم مولاي: دعوة لوحدة المعارضة لإنقاذ الجزائر كريم مولاي
مرة أخرى يختار نظام الحكم في الجزائر أن يعرقل بيان إدانة دولي للأعمال الإجرامية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي هذه الأيام في المسجد الأقصى الشريف، فقط لرفضه الاعتراف بأن المغرب الذي يرأس لجنة القدس سيكون جزءا من الأطراف الموقعة على ذلك..
أفهم أن يكون للنظام الجزائري حزازيات من المغرب، لأسباب متعددة ليس هنا مجال الحديث عنها، ولكنني لم أستطع أن أستوعب أن نظاما يرفع شعار الانتصار لفلسطين، يعرقل إدانة دولية فقط لخلاف بيني مع المغرب يدرك الجميع أنه خلاف مصطنع ولا مبرر له، إلا الانتصار للذات..
أردت الانطلاق من هذا الموقف الخاص بالقضية الفلسطينية التي لا يختلف جزائريان عن أنها من أعدل القضايا في عالمنا، وأنه لا يوجد جزائري واحد يمكنه أن يجاهر بالعداء لفلسطين، بالنظر إلى مخلفات الاستعمار الفرنسي البغيض في الجزائر. حتى أؤكد الحقيقة الأولى، وهي أن مصالح عصابة الحكم عندنا تعلو على كل القضايا حتى لو كانت فلسطين..
معيار نظام الحكم في الجزائر، هو في نهاية المطاف تحقيق مصالح ونفوذ القيادات العسكرية والمالية، بما لا يخالف مصالح الدول الكبرى، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
وفي هذا الإطار كانت مبادرته في الأشهر الأخيرة لاستقطاب أو قل لاصطياد ما تبقى من رموز المعارضة في الداخل والخارج، بالترغيب حينا عبر شعار المصالحة الوطنية والترهيب أحيانا أخرى عبر التهديد بالملاحقات القضائية لمن هم في الداخل، والتضييق على أهالي المعارضين الموجدين في الخارج، ونموذج القيادي في حركة رشاد محمد العربي زيتوت، الذي تم اعتقال شقيقه الأصغر أخيرا خير دليل على ذلك..
وإذا كانت هذه الأساليب السياسية والقضائية معهودة في سياق العلاقات المتوترة التي تحكم عادة أنظمة الحكم العربية مع معارضاتها، فإن ما امتازت به مخابرات نظام الحكم في الجزائر، هو قدرتها على الاختراق وتوظيف إطارات شبابية ذكية في الوصول إلى المعارضة في الخارج، بغية جرها لمخالفات قانونية قد تعرضها للمساءلة القضائية في الدول التي يقيمون بها، أو عبر بث الفرقة بين قيادات المعارضة الجزائرية، التي تمكنت في الآونة الأخيرة من تطوير عملها السياسي والحقوقي، ولفت أنظار المنظمات الحقوقية ومراكز القرار الدولية إلى حجم الانتهاكات التي يتعرض لها النشطاء الحقوقيون والسياسيون في الجزائر، فضلا عن أن حرية التعبير تعرف تراجعا خطيرا..
وهذه حقيقة جلية يدركها الجميع، وقد تجلت مؤخرا في الضغوط الكبيرة التي جرت على النظام الجزائري للإفراج عن عشرات المعتقلين ممن شاركوا في الحراك الشعبي المطالب بالانتقال الديمقراطي.. وهي خطوة جاءت بالتزامن مع الزيارة التي كان قد أداها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الجزائر ولقائه بالرئيس تبون.. الذي كان قد تلقى مطالب من منظمات حقوقية جزائرية بضرورة فتح ملف حقوق الإنسان والحريات مع القيادات الجزائرية.
ومع أنني لا أؤمن بالخارج لتحصيل الحقوق في الداخل، إذ أن الداء لا يقتلعه إلا المتضرر به أولا، والجزائريون هم المتضرر الأول والأخير بنظام الاستبداد، وهو ما يستوجب وحدة المعارضة الجزائرية وتعاليها فوق الحسابات الشخصية الضيقة، من أجل مصالح الجزائر أولا والجزائريين ثانيا، حتى لا تألهم حيتان أمواج المتوسط والمحيط الأطلسي وهم يحاولون الهروب من ظلم ذوي القربى.. وهي دعوة أوجهها لكل الشرفاء من أبناء الجزائر، من أجل وحدة الصف من أجل هدف واحد، وهو وقف تفكيك البلاد واستنزاف طاقاتها وبيع الأوهام للشعب الجزائري ولأنصار القضايا العادلة في العالم.