الجمعة 3 مايو 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: هل يحقق مرشح اليساري جان لوك ميلانشون المفاجأة؟

يوسف لهلالي: هل يحقق مرشح اليساري جان لوك ميلانشون المفاجأة؟ يوسف لهلالي

هل يتأهل مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الى الدور الثاني لمواجهة الرئيس إيمانويل ماكرون؟ وهل يصبح سفينة نوح التي تنقد اليسار الفرنسي الذي اختفى من الساحة السياسية، هذا ما عكسته أحد استطلاعات الرأي التي قامت بها جريدة ليبيراسيون هذا الأسبوع، وهو ما دفع المرشح الى رفع وثيرة حملته الانتخابية، وهي دينامية يصبوا من ورائها الى ضمان تأهله لدور الثاني في هذه الانتخابات، وهو موقع تمنحه اغلب التوقعات لمارين لوبين والتي ستنافسه بقوة على هذه المرتبة حسب اغلب الدراسات. إذا لم يتجاوب ناخبوا اليسار مع هذا المرشح. وهو ما يمكن ان يكون في صالح مرشح اليسار الذي يمكن ان يستفيد من سلوك التصويت "النافع" الذي برز في اخر الاستطلاعات، وهي استطلاعات ابرزت تراجع الرئيس المنتهية عهدته بشكل كبير وتقدم مارين لوبين وكذلك جون لوك ميلونشون.

هذا الحزب أيضا يراهن على الأقليات داخل المجتمع الفرنسي من المغاربيين والافارقة والأقلية المسلمة بصفة عامة، باعتبار المرشح الوحيد الذي دافع عن الإسلام كمكون من مكونات المجتمع الفرنسي، ودافع عن الهجرة والمهاجرين ودورهم أيضا في المجتمع الفرنسي. ولم يتردد في مواجهة الأحزاب المتطرفة والإعلاميين الفرنسيين المقربين من هذه التيارات، وعدد الفيديوهات التي تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي بينت تشبت هذا المرشح بمبادئ المساواة والحرية التي نسيها اغلب المتنافسين خاصة من اليمين واليمين المتطرف. ميلانشون يعطي دائما نموذج عائلته الصغيرة التي عاشت بالمغرب، الذي ازداد به، وهو الذي ينتمي لعائلة كاتوليكية. وكيف كان التسامح مع التعدد الدينية والتعايش بين مختلف الأقليات بهذه المدينة المغربية نموج يدعو الى الاقتداء به.

هذا التقدم الذي حققه جان لوك ميلانشون او مارين لوبين في هذا الأسبوع، جعل الشك والارتباك يخالج فريق الرئيس المرشح، وزاد هو الاخر من تعبأة أنصاره من اجل التصويت، خاصة ان هذه الانتخابات ستكون صعبة ومليئة بالمفاجئات، لان حوالي تلث الناخبين الفرنسيين لم يفصحوا بعد حول اختيارهم في هذه الانتخابات، ولا يعرفون بعد لمن يمنحون صوتهم في هذا السباق الذي يضم 12 مرشحا في حلبة السباق من اجل قصر الاليزيه.

عزز زعيم اليسار الراديكالي  جان لوك ميلانشون موقعه في المرتبة الثالثة  بنسبة 17،5 بالمئة من نوايا التصويت، يأمل في اختراق صفوف هذا الثنائي، مؤكدا أن سيناريو دورة ثانية بين ماكرون ولوبن "لن يحصل" هذه المرة.بل اخر الاستطلاعات قبل الصمت الانتخابي بفرنسا بينت ان فارق النقط بين مارين ماكرون تقلص كثيرا وتصاعدت نسبة ميلونشون أيضا في حين تراجع باقي المرشحين، وهو ما يعني ان عددا من الناخبين تبنوا استراتيجية التصويت النافع.
مرشح اليسار يواجه لثالت مرة مارين لوبين، وهو السياسي الوحيد تقريبا الذي يصارع اليمين المتطرف وزعيمته على مستوى الأفكار والمبادئ أكثر من باقي مكونات اليسار الفرنسي. مند انتخابات 2012 ، وسبق ان واجهه في الانتخابات التشريعية "بهيني بومو"، هذه المدينة العمالية للمناجم بالشمال وخسر الرهان ـوهو ما يعني ان اليمين المتطرف عوض اليسار بالأحواض المنجمية بشمال فرنسا.

في سنة 2016 بعد تأسيس فرنسا الابية، قام ابن طنجة بمواجهة لوبين على مستوى الرموز، من خلال اعتماد حضور لرايات الوطنية وترديد النشيد الوطني الفرنسي في كل تجمعاته حتى لا تحتكرلوبين ذلك، المواجهة انتهت مرة أخرى لصالح لوبين، وتأهلت الى الدور الثاني سنة 2017 بفارق 600 ألف صوت فقط لصالحها لتواجه ماكرون في الدور الثاني.

هل يتحول ميلانشون الى سفينة نوح لليسار الفرنسي، هذا السؤال بدأ يتردد هذا الأسبوع، وبدأت بعض الدعوات لتصويت النافع في أوساط اليسار، وعدم تشتيت الأصوات بين باقي ممثلي اليسار الاخرين سواء مع الاشتراكية ان هيدالغو، او زعيم الخضر يانيك جادو، اوفليب  بوتو  وارطو عن اليسار المتطرف.

طبعا، داخل اليسار وخاصة داخل عائلته الاشتراكية هناك من يعتبره مسؤولا عن الازمة السياسية التي عاشها المشهد السياسي والذي انتهى بتراجع الأحزاب الكبرى سواء فيي اليمين او اليسار.

وهو ليس غريب عن المشهد حيث غادر الحزب الاشتراكي سنة 2008 ليؤسس حزب فرنسا الابية سنة 2016 وتمكن من المشاركة في الانتخابات الرئاسية والحصول على نتائج محترمة كأول حزب باليسار وهو المرتبة التي كانت تعود للاشتراكيين في العقود الأخيرة. اليوم العائق امامه هو صورة السياسي اليساري الراديكالي التي تلاحقه وسط الراي العام الفرنسي التي يمكن ان تكون عائقا في مروره بسهولة الى الدور الثاني لهذه الانتخابات.

هذه الازمة او التحول في المشهد السياسي هو ازمة عابرة ام تحول في المشهد السياسي سواء بالنسبة لليمين او بالنسبة لليسار، ميلونشون يعترف انه جزء من هذا التحول مند ان غادر الحزب الاشتراكي، ويعتبر ان هناك تحول في المشهد السياسي بفرنسا وان الراديكالية هي جزء من المشهد وهو ما يؤاخذه عليه خصومه.

ويعول جون ليك ميلونشون على الأقليات الأجنبية خاصة المسلمة في هذه الانتخابات، وهي اقلية صوتت لصالح الرئيس المنتهية صلاحيته ايمانويل ماكرون والذي كان له موقف ليبرالي حول الهجرة وحول الإسلام في الانتخابات السابقة، ليتحول موقفه عندما تحمل المسؤولية الى موقف جد محافظ، وتحالف مع شخصيات يمينية محافظة أيضا وأصدر قانون النزعة الانفصالية، لأنه اليوم يراهن اكثر على أصوات هذه الفئة من الفرنسيين من اجل النجاح في عهدة رئاسية ثانية.

وأمام هذا التحول سوف تتأرجح أصوات هذه الفئة من الفرنسيين من أصول مهاجرة ومسلمة بين العزوف عن التصويت او التصويت على مرشحي اليسار خاصة الذي له خطاب متسامح حول الديانان، وهو ممثل فرنسا الابية جون لوك ميلانشون.

مجموع هذه التوقعات سوف يجيب عليها الفرنسيون في الدور الأول لهذه الانتخابات يوم الاحد المقبل.