الجمعة 3 مايو 2024
كتاب الرأي

مصطفى المتوكل الساحلي: الصيام كركن من أركان الاسلام وكضرورة بسبب الخصاص

مصطفى المتوكل الساحلي: الصيام كركن من أركان الاسلام وكضرورة بسبب الخصاص مصطفى المتوكل الساحلي
الأمة الإسلامية تصوم شهر رمضان برؤية هلاله وتنهيه بولادة شوال، والصيام ركن من أركان الاسلام ، ويصوم البعض من الناس الأيام البيض وكل إثنين وخميس وعاشوراء و.. وما يعنينا هنا هو الصيام بمعنى الامتناع الجزئي عن الأكل والعديد من ضرورات العيش السليم والذي ليس من الأركان ولا السنن ولا المندوبات ، بل لأنه نتيجة لسياسات معتمدة منتجة لأوضاع اقتصادية واجتماعية توسع مجالات صيام الفقراء والمساكين والكادحين والمشردين...الذين واللواتي يمتنعون مضطرين عن تناول أغلب الأطعمة والأشربة والألبسة طوال "السنة"، إن منهم اللواتي والذين لم يجدوا عملا ولا دخل لهم ، أو أجورهم هزيلة ، أو يمارسون حرفا ومهنا عائداتها لا تستطيع حتى الاستجابة للحاجيات الدنيا لاستمرار عملهم، إنهم الذين ضاقت بهم الأرض بما رحبت ومنعتهم عزة النفس أن يمدوا أيديهم لمن هب ودب ممن يسرت لهم الأوضاع أن يصبحوا أغنياء وأثرياء. إنهم الذين إن مرضوا لا يستطيعون تحمل مصاريف التطبيب، والذين لا سلطة لهم ولا نفوذ ولا تنظيم لتسمع كلمتهم ومطالبهم ومعاناتهم مع الفقر المدقع. إنهم الذين يتألمون لأحوالهم أكثر مما يفرحون عندما يفتكرهم قريب أو "محسن" بصدقة أو عطية.
إنهم الطبقة الشعبية الكادحة التي يستغل فقرها في أزمنة الانتخابات والحروب والجفاف والمجاعات، وبحفلات إحسانيه باسم مآدب الرحمن، أو مواسم الأولياء والصالحين، أو للترحم على أرواح آباء وأمهات وأقرباء، إنهم الذين تستغل أوضاعهم البئيسة لجمع التبرعات لهم ولأبنائهم للعلاج أو شراء أدوات المتمدرس وتوزيع ألبسة مستعملة في مناسبات مختلفة ..
إنهم الذين يصومون السنة كلها رغم تناولهم لما تيسر من الطعام على هزالته. ويفترشون ويتغطون بما لا يمنع بردا ولا يحمي عظما في بيت لا تتوفر فيه شروط سكن لائق لفرد ناهيك عن أسرة متعددة الأبناء والتي قد تكون غرفة واحدة ومرحاض مشترك و لاربط بالماء ولا الكهرباء ...
إن غايات هذا الشهر الفضيل لا تعني إطلاقا أن يشعر فقط الأغنياء ومن في حمكهم بجوع الفقراء والمحتاجين ليتضامنوا معهم. ولا يعني تكريس الفقر والعوز والبؤس الاجتماعي كي يحصل "المتصدق" أو" المحسن " على مكان في الجنة وأن يحظى برضى الخالق، فليس من أهداف الإسلام الإبقاء على الفقر وأسبابه كي لا ينقطع الأجر عن المتصدقين، وكأن الفقراء خلقوا ليفوز الأثرياء بخيرات الدنيا والآخرة ..
إن حفظ كرامة أبناء آدم وعزتهم و مكانتهم الانسانية التي وهبها الله لهم دون تمييز أو سياسة طبقية تتسبب في التفقير وتتستر على نتائجها وتداعياتها بالإحسان الذي يفرز وضعية لا تسر من يرى آثارها على الأفراد والمجتمع ..
لهذا فأفضل صيام في كل أشهر السنة هو أن تصوم السياسات عن كل القرارات والتوجهات التي تزيد الفقراء فقرا والأغنياء ثراء، وأن يكون للناس نصيب مما سخره الله لهم من ثروات وخيرات تغنيهم عن التسول وانتظار الصدقات وأن يعيشوا مكرمين منعمين: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا .) الإسراء