الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد بنطلحة: تراتيل هذيان

محمد بنطلحة: تراتيل هذيان محمد بنطلحة الدكالي
أن تكون رجل دولة معناه أن تتمتع بعقلية الحكم والقدرة على حل المشاكل والتأثير في سير الأحداث المحلية والدولية، وأن تكون ذا ثقافة عامة تخولك سرعة البديهة وسرعة الربط والقدرة على التحليل وأن تكون لك رؤيا استشرافية لما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع، بل وتتنبأ بالأحداث قبل وقوعها.
انه الحس الاستباقي والخيال السياسي المبني على أسس صلبة، أما أن تطلق الكلام على عواهنه وتبدأ في سرد خيالات وأوهام تصل حد الخرف فتلك ببساطة تراتيل هذيان.
ما معنى الركوب على الحقائق التاريخية والسياسية والادعاء أنك تمثل بلدا فريدا في تميزه وتجربته الديمقراطية وأنكم تحترمون الحدود وسيادة الدول وتنشدون الأمن والسلم والأمان؟ بينما ضربتم الرقم القياسي وكما تشهد على ذلك المنظمات الحقوقية الدولية في التعذيب الممنهج للشعب المغلوب على أمره وقمع الحراك الشعبي المطالب فقط بحياة كريمة، كما أن نظامكم يتخذ من عداوة أقرب جيرانه عقيدة وايديولوجية ثابتة؟
ما معنى أنه لا أطماع لكم في تراب المنطقة وأنتم تحضنون حركة انفصالية خلقتموها من العدم وتنفقون عليها ملايير الدولارات من أجل أن تكون حصاة في نعل جيرانكم كما صرح بذلك كبيركم الذي علمكم سحر العداوة والدجل والنفاق؟
ألم تحترم ذكاء محدثك وهو المنتمي الى مدرسة ديبلوماسية رائدة والى دولة عملاقة تعرف الخبايا والسرائر وما لاتعلمون...!! وأنت تدعي أنكم البلد الوحيد في محاربة الفساد؟ بينما التقارير الدولية تسجل عندكم أرقاما قياسية في النهب والفساد وتجويع الشعب المقهور؟ وعن أي مشروع هيكلي تتحدث وعن أي ثورة زراعية تحلم بأنها ستغذي افريقيا وربما ساكنة الكواكب الأخرى؟ بينما طوابير الجياع تشهدها أغلب مدنكم وقراكم من أجل رغيف خبز أو لتر حليب أو زيت ...كان عليك أن تحدث ضيفك مثلا أنكم تستعدون لدخول موسوعة" غينيس" من جراء كثرة الطوابير وطولها أو أنكم ستخططون أن تجعلوها تراثا لاماديا في مشروع تقدمونه الى اليونسكو...والأجمل سيدي في رسالة الغفران أنكم قفزتم على حقائق التاريخ والجغرافيا وقارنتم أنفسكم بثورة بلد كبير وأجد أنه قد تناسيت ذكر المرسوم..!!
سيدي نعلم أنكم ديمقراطيون حتى النخاع وأنكم لستم حالمين، لكن رجاء لا تلوث شعار المناضل" مارتن لوتر كينغ" الذي أطلق عليه اسم " لدي حلم" لأنه حلم الصادقين غير المخادعين الذين يتوددون على حساب القضية الفلسطينية.
سيدي رجاء وأنت تستقبل ضيوفك ألا توغل في اللامعنى أثناء حديثك وألا تسترسل في كلام لا يشبه الكلام وفي نسج أساطير لا يثق بها حتى الأطفال فما بالك وأنت أمام مدرسة سياسية تقوم على البراغماتية والواقعية اكتفت في حوارها معكم بمجموع 105 كلمة في حين أن خطبتكم العصماء وصلت الى مجموع 2519 كلمة حسب النص الذي نشرته وزارة خارجيتهم.
وفي الأخير أقول لك سيدي أنك تمتلك خيالا جامحا وقدرة كبيرة على السرد والحكي الممزوج بأحلام جميلة لذا رجاء..رجاء خيالاتك العسلية نريدها أن تتحول مكتوبة الى سيناريو فني والى مشروع مسلسل رمضاني ينسي شعبكم المقهور ضنك العيش وسوء الأحوال...ويحلق بنا جميعا نحن سكان القارة الافريقية في انتظار سلة خبز وديمقراطية توزع علينا بالمجان...