الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

عماد عادل: هذا ما سكت عنه الوزير لقجع في تبرير غلاء المحروقات..

عماد عادل: هذا ما سكت عنه الوزير لقجع في تبرير غلاء المحروقات.. عماد عادل
واهمٌ من يعتقد أن حكومة أخنوش تعدم الحلول السياسية وتضيق عليها الهوامش المالية والتقنية لمواجهة المنحى التصاعدي لأسعار النفط في السوق الدولي، ولتداعياته الكارثية على جيوب المواطنين في السوق الداخلي…
ولعل الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، الذي خرج مؤخرا ليذكر المغاربة بأن “برميل النفط وصل إلى مستوى هو الأعلى له منذ سنة 2014، ليستقر في 97 دولارا”، وبأن «حاجز 10 دراهم للتر الواحد من المحروقات تم تجاوزه في نونبر 2021، وتم تسجيل تزايد السعر بشكل متوالي ليصل اليوم إلى أكثر من 10.9»، يعلم أكثر من غيره، أن السعر الذي يشتري به المواطن المغربي مادة الغازوال في محطات الوقود لا يعكس تماما حقيقة تطور سعر البرميل في الأسواق الدولية، وأن هناك هوامش مبالغ فيها، بين السعر الصافي للغازوال عند وصوله للموانئ المغربية (أقل من 6 دراهم بسعر الصرف الحالي) وبين السعر الذي يباع به للمستهلك النهائي ( أكثر من 11 درهما).
ما لم يقله السيد فوزي لقجع في ندوته الصحفية الأخيرة، هو أن تركيبة أسعار المحروقات بالشكل المطبقة به في المغرب، أصبحت منذ ـ تحرير أسعار المحروقات2015 – تراعي مصالح المستوردين والموزعين ومصالح الخزينة العامة ومديرية الضرائب، أكثر مما تراعي جيوب المواطنين، فخزينة الدولة تجني في كل لتر من الغازوال 3.60 دراهم على شكل الضريبة على القيمة المضافة TVA والرسم الداخلي على الاستهلاك TIC، بينما يبتلع المستوردون والموزعون أزيد من 1.50 درهم عن كل لتر من الغازوال يبيعونه للمستهلك النهائي، ما يعني أن 40 في المائة من سعر الغازوال في المغرب تتقاسمه الدولة مع الموزعين، وهي نسبة تبقى جد مرتفعة إذا ما أخذنا في الاعتبار معدل الدخل الفردي في البلاد، والذي يعد الأضعف إقليميا ولا يتجاوز إجمالا حوالي 21,5 ألف درهم سنويا.
لقد ارتكبت حكومة بنكيران خطأ فادحا عندما قررت تحرير أسعار المحروقات دون أن تربطه بتدابير موازية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين في حالة ما قفزت الأسعار الدولية لبرميل النفط إلى مستوى يفوق طاقة المستهلك المغربي، كما ارتكبت خطأ أفظع حين ظلت تدفن رأسها في الرمل كالنعامة في تواطؤ مكشوف ولامبالاة مبيتة إزاء ضياع المصفاة الوحيدة التي كانت تؤمن للمملكة احتياطاتها الاستراتيجية من المحروقات بأسعار معقولة، والتي ضاعت معها صناعة التكرير الوطنية التي كانت مفخرة لبلد غير منتج للنفط… وبسبب غياب مصفاة وطنية للتكرير، يضطر المغرب، عن طريق الموزعين، إلى استيراد المواد النفطية المكررة والجاهزة للاستهلاك بأسعار باهظة، وهو ما جعل الفاتورة الطاقية للمغرب، خلال العام الماضي، ترتفع بحوالي 25.8 مليار درهم بعدما فاقت في نهاية دجنبر الأخير 75.6 مليار درهم عوض 49.8 مليار درهم في نفس التاريخ من العام السابق، مسجلة بذلك زيادة معدلها 51.6 في المائة.
وهاهي ذي حكومة أخنوش اليوم تعيد نفس سياسة النعامة، وتدفن رأسها في الرمال تاركة المواطنين أمام هذه الفواتير الثقيلة التي يؤدونها من جيوبهم، بينما تكتفي الدولة بتضريبهم بالرسم الداخلي على استهلاك الطاقة (ربحت منه 16.7 مليار درهم برسم 2021 (فيما يجني الموزعون أضعاف هذا الرقم على شكل هوامش ربح خيالية (تقرير مجلس المنافسة فضح 17 مليار درهم) …
ما خلصت إليه دراسة مجلس المنافسة المثيرة للجدل، كشفت أن لوبي المحروقات في المغرب يكاد يكون أقوى من الحكومة ومن البرلمان ومن مجلس المنافسة. والمغاربة الذين اكتوت جيوبهم بالزيادات الفاحشة ينتظرون اليوم أكثر من أي وقت مضى، قرارات سياسية جريئة لحمايتهم من براتين السوق المتوحشة (سواء عبر تسقيف الأسعار أو عبر تخفيف العبء الضريبي ظرفيا عن استهلاك المحروقات).. ولعل السيد الوزير أدرى بالهوامش المالية التي يمكن اللجوء إليها لوقف ضرب القدرة الشرائية لعموم المواطنين وخصوصا البسطاء.