الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد بومعيز: الغلاء "المعري"!

أحمد بومعيز: الغلاء "المعري"! أحمد بومعيز

يبدو أن أشهر عسل الحكومة بلغت نهايتها مبكرا وبسرعة لم يتوقعها حتى أكبر المتشائمين وأكثر المنتقدين...

ويبدو أن هندسة التشكيلة الحكومية وحصرها في ثلاثة أحزاب باتت معيقا بدل أن تكون قوة..

ويبدو أن التواصل إبان الحملات الانتخابية يختلف جذريا عن تواصل أحزاب الحكومة وهي تدبر قطاعات الشأن العام بالفعل وعلى أرض الواقع..

ويبدو أن الوعود التي قطعتها الأحزاب المشكلة للحكومة، وخصوصا حزب الحمامة ستبقى وعودا في انتظار " كودو"..

كما يبدو أن الحمام طار وبقي "اللقط"..

 

قد تكون لصعوبة وخصوصيات مسار التدبير الحكومي بالمغرب أسبابا بنيوية حاولت الأحزاب المشكلة للحكومة التغاضي عنها وتجاوز التطرق لها في فترة حملتها وبرامجها، أو خلال الحديث عن برامجها..

وقد تكون الظرفية الحالية لوحدها عائقا موضوعيا لعرقلة الأداء الحكومي الذي لم يكد ينطلق أصلا..

وهنا، وارتباطا بالظرفية، والتي تطرح بمثابة المعطى الموضوعي الراهن، وكعنصر أساس للتأثير على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، فلا جدال في التأثير الذي أحدثه جائحة كورونا على قطاعات كانت لها الأولوية والامتياز في الإنعاش والدينامية الاقتصادية، كالسياحة والخدمات المرتبطة بها، ولا جدال في كون قلة التساقطات المطرية هذه السنة جعل من السنة الفلاحية رسميا سنة جفاف، وما سيترتب عنه من تدهور وتردي في الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالوسط والمجال القروي اعتبارا أن المغرب بلد قروي حتى لا نقول بلدا فلاحيا...

كما لا يمكن أن ننكر تقلبات الأسواق الدولية وتأثيرها على أسعار المواد الأساسية والغذائية والزيوت والمحروقات..

لكن رغم هذه الخطوط المكونة للظرفية، وكل  العناصر المتداخلة والمرتبطة بها، هذا كله لا يعني، ولا يلغي بالمرة، مسؤولية الحكومة في التفاعل والتعامل مع ذات الظرفية كما هي راهنا، ومع نبض الشارع الذي بدأ يستغيث، حتى لا نقول يستنكر ويغلي ويحتج، ضد وضعيات الهشاشة الاجتماعية، وضد موجة الغلاء التي بدت وأضحت أكثر شدة وقسوة مما يعتقد المحللون والسياسيون الأكثر تفاؤلا.

والآن، والشارع والأسر والمواطن، وجها لوجه أمام واقع الأسواق، وأمام أسعار المواد والخدمات الملتهبة، بات يبحث، وبالضرورة القصوى عن أجوبة واقعية وملموسة، قبل البحث عن فارق السعر أو الثمن الاجمالي لاقتناء أساسيات المعيش..

والأجوبة يجب أن تمتلكها الحكومة.

ويجب أن تقدمها الحكومة لكل أفراد الشعب. ويجب على الحكومة أن تقدم الحلول.

ويجب أن تباشر عمل القرب في التواصل وفي التدابير الواقعية والمباشرة والمستعجلة..

 

وهنا لا بأس في استدراك بسيط، ونبش خفيف في ذاكرة المهتمين بالشأن الحكومي، لنذكر بمضمون الخطاب وبآليات التواصل كما وكيفا، والتي سبقت تشكيل الحكومة إبان الحملات الانتخابية الأخيرة:

- ألم يكن حزب الحمامة يعد المواطن بالخير الوافر وبالعيش الرغيد، في كل محتويات خطاب الحملات والبرامج الانتخابية، وفي خطاب يكاد يكون طوباويا، ولم يراع التوقعات الموضوعية، ومحدودية الموارد؟

- ألم يكن مرشحو الحزب الأول انتخابيا، يخاطبون ويطلون ويتواصلون مع المواطنين، والذين كانوا آنذاك طابور أصوات وارقاما محتملة في الصناديق، كانوا يطلون علينا ويخرجون لنا من الهواتف والشاشات والأسواق والمتاجر والصالات وحتى الحمامات.. ويصلون إلينا أينما كنا ويخاطبوننا في كل دقيقة وفي كل مكان، وعبر كل وسائل التواصل والاتصال والإيصال، وكانوا أقرب لنا من أنفسنا وأنفاسنا؟

- ألم يكونوا يعلنون جهرا أنهم أقرب من القرب، ويشرحون كل برامجهم بإطناب؟

- ألم يعملوا على احتكار هندسة تدبير المجالس والجماعات الترابية لهم ولأغلبتهم الواعدة والمترددة، إذ أغلقوا الأبواب أمام التحالفات الأخرى، فيما اصطلح عليه في القاموس السياسي المستحدث  بالتغول؟

- ألم يكونوا على علم بإمكانيات واحتمالات التراجع في منسوب الثقة الذي منحه المواطنون لهم؟

- ألم يأخذوا الدرس والعبرة من موجة التصويت العقابي الذي عصف بحزب العدالة والتنمية؟

- ألم يأخذوا في اعتبارهم مزاجية الشارع؟؟!!

 

والآن، والحكومة في ورطة مركبة، من تداعيات كورونا إلى الجفاف ألى موجة الغلاء:

ألا يمكن للحكومة أن تأخذ المواطنين "على قد عقلهم" وتشرح لهم بهدوء وبساطة، وباستعمال آليات ووسائط الحملات الانتخابية التي كانت تعتمدها وتستعملها قبل تنصيبها أن:

الأسواق الدولية في تقلب واضطراب مما يؤثر على أسعار المواد!؟

وأن تحرير سوق وأثمنة المحروقات التي فتحتها حكومة بنكيران بدأنا في قطف وأكل ثمارها المرة!!؟؟

وأن تدابير القرب لم تكن إشهارا في الفايسبوك؟!

وأن الحكومة في خدمة المواطن، وأن المواطن صوت للأحزاب كي تدبر أمر معيشه لا أمر أطرها ومشاريعهم؟!

وأن الجفاف بات يشكل قاعدة في المغرب وليس استثناء!؟

وأن المغرب بلد قروي وليس بلدا فلاحيا؟!!

وأن عمل الحكومة يتم وفق منهجية، ويتطلب السرعة والنجاعة والالتقاىية في التدخلات والمشاريع والبرامج!؟

 

والآن أيضا:

ألا تظن الحكومة أن في هندستها الحالية خطورة على مكوناتها وأحزابها الثلاث. وقد تكون معروضة ومعرضة لنكسة انتخابية أو غضبة اجتماعية، وهي تضع بيضها كله في سلة التدبير، حكومة ومجالس جهات وجماعات ترابية.. وباقي المؤسسات...؟!!

والآن أيضا:

ألا تخاف الحكومة على نفسها، وعلى أحزابها الثلاثة، وعلى أطرها، وعلى مشاريعهم، وعلى مشاريعها... من موجة الغلاء "المعري"، بعد أن باتت هي ذاتها حكومة "معرية، عريانة" أمام المواطنين المصوتين عليها وغير المصوتين!!!؟؟