الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: " مسامر الميدة".. كائنات خارج قانون ومنطق الهيكلة

إدريس المغلشي: " مسامر الميدة".. كائنات خارج قانون ومنطق الهيكلة إدريس المغلشي
عنوان ملغوم وبليغ يكتسب الصفتين معا لكونه حمال أوجه وتستطيع أن  تضعه في مواقع كثيرة ليؤدي معاني غنية  بالدلالات. لكن الأهم أن تتسلح به لفضح بعض خفافيش الظلام الذين يصعب تحديد عددهم وادوارهم حيث يتناسلون بشكل رهيب فهم موجودون في كل مكان، أينما وليت وجهك تجد بعضا منهم .لم يوجدوا بالصدفة بل هم عينة تتوارث هذه المهمة أبا عن جد، سلالة عائلية تسلم المشعل للخلف لضمان الاستمرارية والحفاط على النسل والزرع والضرع.

قبل الغوص في ميكانيزمات وبنية هذا الاخطبوط المحتل لكل دواليب الإدارات بمختلف تلاوينها وأدوارها ، حري بنا ان نفصح عن سياق استدعاء العنوان وماهيته ودلالاته ودواعيه.

"مسامر الميدة" لفظة تأتي في سياق التعبير عن استحالة التغيير وعن سرمدية بقاء لوبي فاسد متحكم في مفاصل  ادارة من الداخل يعيق تطورها ويحد من مسارها الطبيعي. إنه تعبير حين نروم تفكيك شفرات ذاك الكائن الغريب في مفرداته ومعانيه والذي نجده على الصورة التالية.

كلنا يعلم الدور الرئيسي والحميمي  للمائدة باعتبارها تحتضن حاجياتنا الأساسية من أكل بالدرجة الأولى كما تستطيع احتضان نقاشاتنا الأساسية واتفاقاتنا واختلافنا حول مواضيع كثيرة مهمة وأخرى تافهة في نفس الوقت. إلا أن المسامير مع مادة الغراء هي لوحدها الكفيلة بتماسك الخشب وبقاء المائدة في صورة جيدة حتى تؤدي دورها الرئيسي.

لكن حين يصيبها التلف وتتقادم وتغيب عنها الصيانة وتغتصب مقدراتها وتهدر في مجالات اخرى دون أن تلقى العناية اللازمة، تصبح مهترئة مجرد هيكل او صورة شكلية، واقفة لكنها لاتؤدي دورها الذي من أجله صنعت لأن الأساس ضاع في سياق الإهمال ولم تنج سوى المسامير لوحدهامحافظة على مكانها دون التعويل عليها للمساهمة في متانتها وقد تسقط الأرجل تباعا كلها او بعضها.وتبقى تؤدي دورها ولو بصورة مشوهة.

الإدارة هي الأخرى تعيش نفس الصورة بين وضعها الطبيعي والصوري على الورق وعلاقتها بتطبيق القوانين والمساط . "مسامر الميدة "كائنات خارج قانون ومنطق الهيكلة لكنهم مؤثرون بالتشويش والعرقلة لضمان بقائهم. هم سماسرة ومرتزقة يقتاتون من الأزمة ويبيعون الوهم، جيوب مقاومة لكل إصلاح، تشكل احتياطا لإحباط كل محاولة من الداخل. 

كيف يمكن اكتشاف هذه العينة؟ 
حين تغيب عن قطاع معين مؤشرات الإنجاز مرفوقة بالنتائج الإيجابية. ويحتل الخطاب المرتكز على لغة الخشب وكثرة التبريرات مسنودا بصحافة متواطئة تجيد تنميق الكلام وإخفاء الحقيقة مع الدراسات والتقارير ذات التشخيص الموضوعي، وتختفي مظاهر ومبادرات إيقاف النزيف لمحاسبة المسؤولين، فأعلم أنك في ضيافة "مسامر الميدة " ومعها اقرأ السلام على الكفاءة والنجاعة لأنك أمام فساد مستشري واضح تحميه الجهة المعلومة.