الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: يا فقراء الجزائر.. انتبهوا.. فكرة القدم ليست عقيدة

يوسف غريب: يا فقراء الجزائر.. انتبهوا.. فكرة القدم ليست عقيدة يوسف غريب

أهنئ كل جزائري وأب عائلة يصادف ولده أثناء خروجه فجرا وقد عاد من الفرحة الكبرى بمناسبة تتويج فريقه الوطني بكأس العرب.. وهو يسابق الخطو لحجز مكانه بالطابور للتتويج بمنشة حليب أو يكاد..

أهنّئ كل فقراء هذا الوطن المختطف بهزيمة هذه الانتصارات الوهمية التي استغلّها بشكل مفضوح الجنرالات هناك لتغطية على هذه المفارقة الاجتماعية للمواطن الذي يجري وراء اللحاق بالزيت بهذا الطابور يمينا.. والخبز وغيره في الطابور الآخر يساراً..

أهنّئ خروجكم -إلى حدّ ما- سالمين من هذه الحملة الإعلامية المكثفة التي تقصفكم يوميّا بأخبار المنتخب الوطني وبعناوين مضحكة حد الشفقة.. منها أن بعض تلامذة من البلد المضيف غابوا عن المدرسة من أجل أخذ صورة مع اللاعب محرز.. أو المدرب بلماضي يقصف الصحفيين بكلمات نارية.. بل وحتى تصوير ما يتناول اللاعبون أثناء التدريب.. كحبات الموز وعريش ثمر وقنينات مياه.. ونوازل أخرى انفرد بها المشهد الإعلامي منذ انطلاقة البطولة الإفريقية..

الأمر ليس صدفة أو عبث.. فتاريخ الأنظمة العسكرية شاهدة على بشاعة استغلال الرياضة وخاصة كرة القدم لتسويق انتصارات وهمية ضد عدو وهمي..

هو المشهد نفسه يتكرّر مع آخر نظام عسكري بالقارة الإفريقية.. الباحث عن الشرعية الداخلية وسط أرجل اللاعبين...

وليس غباء من الجنرال شنقريحة أن يحتضن كأس العرب وبفرح طفولي باسم وبريء..

فقد انتصر هذا البارون الكبير أن يروج لمخدر جديد تحت اسم (عقيدة كرة القدم).. تجعل فقراء الجزائر اليوم يقبلون وبكل وثوقية أن هزيمة فريقهم هي مؤامرة خارجية.. وأن جهاز الاستخبارات لبلدهم توصلوا بمعلومات تفيد قيام المخزن الصهيوني بما يسمى بالتنويم المغناطيسي عن بعد لجل اللاعبين كما جاء على لسان وكالة الأنباء الجزائرية بصفحتها بالفايس بوك...

لقد صدق من قال بأن الأنظمة العسكرية لا تبني دولاً.. والواضح في هذا البلد الجار أنها لم تبن بلداً فحسب.. بل دمّرت شعباً بكامله.. وعبر التلفزة الرسمية للبلاد هذه المرّة وهي تستضيف وبشكل عادي وطبيعي شخصاً ادّعت أنّه من الرقابة قدّم لعموم المؤمنين بالعقيدة الكروية رأيه في الهزيمة التي تعود أسبابها إلى مؤثرات السحر والترجيح الشيطاني (كما جاءت على لسانه).. بل اطمئن جمهور الفقاقير هناك بالعمل إلى جانب بلماضي لإعداد ما يلزم بطلان هذا السحر في القادم من المقابلات....

عاجز عن فهم ما وقع ويقع هناك.. لكنّى قادر أن أقول بأن الجنرالات أدلجوا شعبا بكامله.. وجعلوه يرفض هزيمة فريقه الوطني.. ويقبل بكل خضوع واستسلام ومذلة الانتظار طويلا في الطوابير من أجل لتر زيت.. أو كسرة خبز وخشنة حليب...

لذلك حين هنأته بالهزيمة في الميدان الرياضي فمن أجل أن يبحث عن فريق وطني قادر على هزم ودحر كل الخصائص المهول في المواد الغذائية.. في حده الأدنى على الأقل..

لأن الجنرال شنقريحة وعصابته ككل بارونات العالم لا دين لهم ولا وطن...