مصطفى العراقي لم يشهد تاريخ البشرية حجم الكذب أكثر مما تعرفه اليوم .. هنا في هذا الفضاء الأزرق مثلا وهو احد مراتع الكذب يعرض الكذابون بضاعتهم ..يعرضونها معلومات زائفة أو صور أو شذرات لا تمت للحقيقة بصلة ... هنا مثل ما يتم الكذب على الناس الاحياء منهم والاموات هناك الكذب الذاتي أي أن ينشر الكذابون ادعاءات توحي وكأنهم أبطال أحداث ومناسبات ، أصدقاء مقربون ، صناع أو فاعلون رئيسيون فيها ... هناك أشخاص يقومون بتبييض ماضيهم ويضعون عليه مساحيق وتوابل ويرممون فضائحهم بالكذب..
يكذبون يكذبون يكذبون...
هناك ساسة ونقابيون لهم كذابون رهن الإشارة واشباه مثقفين ومنتحلي صفة الابداع لهم بلاطهم من الكذبة ...كذبة يغسلون الساسة من فسادهم ويعيدون كتابة تاريخهم العفن الذي عفنه سلوكهم وممارساتهم ويدثرونهم بالتأليه والأسطرة... هناك ممونون للكذب يوفرون لك كذابين ويعدون طبخات في عين المكان أو محمولة يقدمها هؤلاء الساسة ونقابيين و....في مناسبات عامة أو خاصة..
ساسة يحاربون خصومهم بالكذب .. يزرعون في خطاباتهم ألوانا من الكذب...ويعبدون الطرق الى الزعامة والمناصب بجثث كذب .. وأدعياء المقاومة في زمن المقاومة يبتدعون معارك وعمليات كاذبة...حتى وإن كانوا مجرد أطفال وقتها..
يكذبون يكذبون يكذبون وهم على دراية أو جهل بمقولة أحد منظري النازية :"اكذب اكذب اكذب حتى يصدقك الناس".
هناك من يحول الثواني الى دقائق والدقائق الى ساعات وأيام يمطط لقاء عابرا أو صدفة مع شخصية في مناسبة أو مصعد أو ندوة وينسج تفاصيل وهمية وكأنه حاور هذه الشخصية وتجاذب معها هموم هذا العالم وقضاياه ..
هناك من شاءت الصدفة أن يكون في إطار صورة أو أنه التقط مع شخصية صورة ليعود اليها ويدعي أن وشائج صداقة ربطته بهذه الشخصية وكان من المقربين اليها بل وأحد مستشاريها...
هناك من يكذب على التاريخ والجغرافيا والسياسة والابداع...وقد يروي لك تفاصيل أزقة مدن ودهاليز منظمات ومنصات تجمعات ووقائع جلسات ...
يوميا بل كل لحظة يتم إلقاء ملايين من حيثان الكذب في بحار ومحيطات هذا الفضاء الأزرق وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي. لتسبح وتبحث عن ضحايا يستقبلون ويبثون الأكاذيب مثل أعمدة الاستقبال والبث التي تنتشر باليابسة ..
إننا في زمن وباء الكذب الذي يستعصي إيجاد لقاح ناجع له..
