الخميس 28 مارس 2024
في الصميم

من الجنس مقابل النقط إلى الجنس مقابل الوزارة!

من الجنس مقابل النقط إلى الجنس مقابل الوزارة! عبد الرحيم أريري

بدل أن تكون الجامعة المغربية منبتا لإنتاج العلم وإنارة الطريق لصانعي القرار في كل الحقول المعرفية، أضحت مصنعا لإنتاج الفضائح. فبعد فضيحة الجنس مقابل النقط، وفضيحة المال مقابل الماستر، وفضيحة الدكتوراه مقابل الإنزال الحزبي، ها نحن نعيش اليوم فضيحة أخطر وأفظع، ألا وهي «الجنس مقابل الوزارة»، إن جاز لنا استعمال هذا التعبير.

 

فوزيرة التضامن، عواطف حيار، القادمة من «الحرم الجامعي» بحكم أنها كانت رئيسة جامعة الحسن الثاني بالبيضاء، بدل أن تعمل على إعادة البريق للجامعة عبر إبراز «حنة يديها» في تدبير جيد ومغاير للوزارة بشكل يحمل قيمة مضافة ويجعل المرء يفتخر بالجامعة المغربية، إذا بالوزيرة حيار تنقل الفساد المستشري بالجامعة إلى الحكومة وتزيد «الخل على الخميرة» بوزارة التضامن بالتطاول على النصوص القانونية والمراسيم المنظمة للعمل الإداري، بل وبالتطاول على الأعراف والأخلاق التي ينبغي أن تسود تدبير المرفق العام.

 

استقدام عواطف حيار لزوجها ليساعدها في مهامها الحكومية كان سيعد مقبولا من الناحية القانونية (وليست الأخلاقية) إذا تم حصر مهام زوج الوزيرة في استشارة أو تكليف بمهمة بديوان الوزيرة، لكن أن يتم إسقاط زوج عواطف حيار ليصبح هو «الكل في الكل» في الوزارة، ويحل محل الكاتب العام والمدراء المركزيين، بالاستناد إلى «قرار تكليف»، فهذا هو قمة العبث واحتقار ذكاء المرتفقين، وينهض كمبرر يعري عن زيف الشعارات التي رفعتها الحكومة بشأن تخليق المرفق العام والقطع مع الفساد ومنطق العائلة والوزيعة الحزبية والقبلية.

 

لن نستحضر هنا البياضات التي كانت تميز عمل الدواوين الوزارية منذ استقلال المغرب، وكيف تدخل المشرع من بعد لتحصين التعيين فيها والتعويضات المخولة لأعضائها، ولن نتوقف عند معايير التعيين في الدواوين كما كانت في السابق وخضوعها (أي المعايير) لشرط الاستحقاق والكفاءة والولاء طبعا لقناعة الوزير، وكيف تحولت الدواوين الوزارية في العشرية الماضية واليوم إلى مضخة «لتبليص» الإخوة والأصدقاء و«طيابي العنب» بالأحزاب في أفق «دك أوتادهم» بالوزارة بتعيينهم في منصب مفتش عام أو مدير مركزي عقب انتهاء المهام الحكومية للوزير، ولكن نستحضر أن الحكومة المحلية تضم وزيرين سبق أن تحملا مسؤولية رئاسة جامعة (حيار بوصفها رئيسة جامعة الحسن الثاني وعبد اللطيف ميراوي بوصفه رئيسا سابقا لجامعة القاضي عياض بمراكش)، وكان من المفروض أن ينعكس تعيينهما على التصريح الحكومي بما يؤمن حق المغرب في ولوج الرادار الجامعي العالمي، عبر تسيطر حزمة من الإجراءات التي تروم تعزيز البحث العلمي ورفع نسبة براءات الاختراع التي يتعين على الباحثين والمهندسين المغاربة بالمعاهد والمدارس العليا والكليات إنتاجها سنويا، فضلا عن تحديد سقف لعدد البحوث العلمية الرزينة الواجب نشرها في مجلات ومراكز بحوث معترف بها من طرف الوسط العلمي عالميا وبلغات متعددة، حتى يتم إدخال المغرب إلى النادي الكوني في البحث العلمي. كما كان مأمولا أيضا من تعيينهما أن يتم تحديد كناش تحملات بجدولة زمنية وبأغلفة مالية محددة تلتزم بها الحكومة لتحقيق هذا المبتغى.

 

لكن، للأسف، بدل أن يتم تحسين نسل تدبير المرفق العام والحرص على طمأنة الرأي العام المغربي بأن الجامعة المغربية مازالت بخير، إذا بالوزيرة عواطف حيار تبرز أنه لا يوجد فرق بين «بارميطة» شعارها «الروج قليل والليل طويل»، وبين وزيرة كانت رئيسة جامعة شعارها: "جيبوه ليا، جيبوه ليا، جيبوه ليا يخوي بزطامو علي!"