بسبب الفساد ينسف المغرب في كل سنة، خمس قناطر بكلفة 500 مليون درهم (أي بمعدل 100 مليون للقنطرة الوحدة) بشكل يحرم المغاربة من الحق في التنقل بالمناطق المجاورة للأودية أو الجبلية، أو بملتقيات الطرق المزدحمة بشكل رهيب بكبريات المدن بالمملكة.
وحسب المعطيات المنشورة بمختلف وسائل الإعلام المغربية، فإن وزارة التجهيز لوحدها خسرت دعاوى أمام المحاكم في العشرية الماضية في ظروف ملتبسة، بشكل جعل الخزينة العامة تسدد 5 ملايير درهم كتعويض (أي 500 مليار سنتيم)، وذلك خلال الفترة التي تناوب فيها كل من عبد العزيز الرباح وعبد القادر عمارة على رأس الوزارة (2021/2011) تحت لون حزب البيجيدي، وهو مايفيد إهدار 500 مليون درهم كل عام.
هذا المبلغ الباهظ جدا الذي خسرته الخزينة العامة بسبب تهاون وزارة التجهيز في تحصين حقوق المغاربة وضعف متابعتها للمساطر القضائية، حرم الشعب المغربي من بناء ما يعادل 50 قنطرة كبرى، كان بالإمكان تشييدها على الأودية والجبال او في المدن المكتظة، لتسهيل تنقل السلع والأفراد من جهة، وتسريع وتيرة فك العزلة عن العديد من الأقاليم بالأحواض الجبلية من جهة ثانية.
والمثير للغثيان، أن الأصوات العديدة التي ارتفعت بالجنوب الشرقي للمملكة من أجل إنجاز نفق تيشكا لفك العزلة عن أقاليم:
ورزازات وزاكورة وتنغير والراشيدية، كانت تواجهها حكومة بنكيران والعثماني بغياب الموارد المالية، علما أن كلفة بناء نفق تيشكا حددها خبراء في حدود 6 ملايير درهم، وهو تقريبا نفس المبلغ الذي سددته وزارة التجهير في شكل غرامات وأتعاب وتعويضات بعد خسارة الوزارة للعشرات من الأحكام القضائية لأسباب تافهة.
وهنا ينتصب السؤال الحارق: ما السبب الذي جعل وزارة التجهيز تهدر كل هذه الملايير في دعاوى قضائية؟ هل هناك تواطؤ بين مسؤولين بالوزارة وتجار الدعاوى بالمحاكم، أم هي غرامات مستحقة فعلا؟ ولماذا يتكرر في كل عام مسلسل جر وزارة التجهيز إلى المحاكم رغم مرور 66 عاما على استقلال المغرب؟ ألم تكتسب الوزارة بعد، رشدا قانونيا لتحصين العقود والمعاملات المالية والإدارية من كل فخ؟ ألا تتوفر وزارة التجهيزة على مديريات قانونية وأقسام المنازعات؟ ألا تستند الوزارة (بمقتضى عقود) إلى استشارة محامين مفروض فيهم مواكبة الوزارة في الدعاوى القضائية للانتصار للخزينة العامة؟ ألا يوجد بدواوين الوزراء مستشارون وخبراء قانونيون لضمان أمن قانوني للعقود؟ ألا تتوفر الدولة على وكالة قضائية مهمتها الوحيدة هي حماية المرفق العام من نهش ماله عن طريق التحايل وتغريمه بتسونامي من الأحكام؟
المغرب ليس فقيرا بالشكل الذي يقدمه لنا المسؤولون، بقدر ما هو بلد حوله الفاسدون إلى بقرة حلوب يمصون ضرعها ضدا على انتظارات وحاجيات المغاربة الأساسية. وإلا من يقنعنا أن 500 مليار سنتيم هي مجرد "بقشيش" دفعته وزارة التجهيز "في سبيل الله"!!