في كل جلسة تجمعني مع أصدقاء إلا ويطرح علي السؤال التالي: كيف تفسر تناسل تحرشات عسكر العصابة بالجزائر ضد المغرب في الآونة الأخيرة؟
شخصيا لا أعتبر عدوان وتحرشات جار السوء ضد بلادنا بالشيء الجديد، بالنظر إلى أن المنطق الذي يؤطر تعاملي مع عداء كوريا الشرقية للمغرب يرتكز على منطق فيزيائي. ففي الزلزال لما تحدث الهزة الزلزالية الأولى يكون دمار وخسارات كبيرة، لكن ذلك لا يعني أن الزلزال يتوقف، بل تبقى الهزات الارتدادية مستمرة في الزمن وفي الحوض الجغرافي لمدة معينة.
شخصيا لا أعتبر عدوان وتحرشات جار السوء ضد بلادنا بالشيء الجديد، بالنظر إلى أن المنطق الذي يؤطر تعاملي مع عداء كوريا الشرقية للمغرب يرتكز على منطق فيزيائي. ففي الزلزال لما تحدث الهزة الزلزالية الأولى يكون دمار وخسارات كبيرة، لكن ذلك لا يعني أن الزلزال يتوقف، بل تبقى الهزات الارتدادية مستمرة في الزمن وفي الحوض الجغرافي لمدة معينة.
نفس الظاهرة يمكن إسقاطها على علاقتنا بدولة العصابة بالشرق، إذ أن الهزة الزلزالية الرئيسية حدثت عام 1975 حين احتضنت الجزائر جبهة البوليساريو ومولتها وسلحتها ضد المغرب، بل وقامت عام 1976 باقتطاع جزء من «ترابها» ومنحه لخلق «دولة الجمهورية الصحراوية» الوهمية، وهذا وضع شاذ جدا في العالم. إذ رغم وجود 63 نزاعا ترابيا بمختلف بقاع المعمور لم نلاحظ أن دولة تمنح قطعة من أرضها للإعلان عن تأسيس دولة أخرى! بل كل ما نعاينه هو احتمال تدريب «حركات التحرر» أو احتضان «حكومات المنفى» أو تمويل كوادرها من طرف هذه الدولة أو تلك. إلا أن الجزائر وإمعانا في إشهار عقيدة الكراهية نحو المغرب والمغاربة، أبت إلا أن تكون النشاز.
تأسيسا على هذه البؤرة الزلزالية التي حدثت عام 1975، ظلت علاقة المغرب والجزائر موسومة بزلازل ارتدادية طوال 46 سنة. الجديد الذي حدث اليوم هو أن منحنى الهزات الارتدادية تزايدت حدته منذ نونبر 2020، تاريخ تطهير معبر الكركرات من طرف القوات المسلحة الملكية في عملية أمنية سلسلة واحترافية مكنت من تأمين المعبر بين المغرب وإفريقيا من جهة، وسمحت للمغرب بدق آخر مسمار في نعش كوريا الشرقية عبر إتمام المقطع الصغير من الجدار الأمني لإحكام الطوق نهائيا ضد الجزائر وعصابة البوليساريو من جهة ثانية. هذه الحدة في الزلازل الارتدادية ستزداد بعد إعلان الإدارة الأمريكية في دجنبر 2020 - في عهد ترامب - عن قرارها التاريخي القاضي بالاعتراف التام للسيادة المغربية على كامل ترابه من طنجة إلى الكويرة.
وبالتالي فالمطلوب من المغرب والمغاربة هو الإبقاء على جمرة التعبئة متقدة ومشتعلة لمواجهة المخاطر. فبمثل ما تبقى اليابان معبأة (قيادة وشعبا) لمواجهة أي هزة زلزالية طبيعية، وهو ما يظهر في تمثل كافة اليابانيين وتشبعهم بالامتثال لقواعد التعامل مع الزلازل (الاحتماء تحت الطاولات، الابتعاد عن الأسقف، التجمع في نقط بالهواء الطلق، التدريب على الإسعاف الأولية لمساعدة مواطنيهم المتضررين...إلخ)، علينا نحن المغاربة كذلك أن نعزز الجبهة الداخلية وتحصينها ضد الخطر الزلزالي الجيواستراتيجي الذي يهدد أمن المغرب القومي كل يوم من الشرق.
لا ليس هذا فحسب، المغرب مطالب اليوم بأن يضاعف من مستوى التعبئة الداخلية لكون المخاطر ازدادت بفعل متغيرين اثنين.
الأول: يتمثل في الاعتراف الأمريكي بالصحراء المغربية مما أغاض كوريا الشرقية التي استيقظت عصابتها من السبات فوجدت «مول المليح باع وراح». إذ في الوقت الذي كان العسكر منشغلا هناك بشلل بوتفليقة وبمن سيخلفه وبالحراك الاجتماعي لشعب الجزائر، كان المغرب يطبخ على نار هادئة إنضاج قرار الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما أثمر مخرجات الاتفاق الثلاثي في دجنبر 2020.
المتغير الثاني: يتجلى في انزعاج محور الشر «ألمانيا- فرنسا» من تقارب المغرب مع محور واشنطن ولندن، إذ لم تستسغ ألمانيا وفرنسا أن يتحول المغرب إلى قوة جهوية صاعدة (لاحظوا بأن معظم الدول العربية تعرف تمزقات أو حروبا أهلية أو صراعات دموية).
من هنا محاولة برلين وباريز إشعال وقود التوتر لإلهاء المغرب عن مساره التنموي، بل وقد يكون من المشروع التساؤل: ألا تكون ألمانيا وفرنسا هما «من ينغز» الجزائر ويقدمان لها فتاوى التحرش بالمغرب!؟.