الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
جالية

قضية محمد عبد الهادي.. حين يتم اغتيال الحقيقة من طرف فرنسا

قضية محمد عبد الهادي.. حين يتم اغتيال الحقيقة من طرف فرنسا

بثت قناة فرانس 2، يوم السبت 2 أكتوبر 2021، حلقة من البرنامج الاستقصائي المخصص عادة لملفات الجرائم  Au bout de l'enquête، وقد أثارت الحلقة، التي سبق بثها في أبريل الماضي، قضية تفضح تخاذل جهاز العدالة الفرنسية، وتكذب ما يسمى شعارات الجمهورية من حرية ومساواة وأخوة؛ ويتعلق الأمر بقضية محمد عبد الهادي (27 سنة، من أصول جزائرية). وكان قد وصل إلى فرنسا سنة 1980 رفقة أسرته المكونة من 9 أطفال ليلتحق بأبيه المهاجر قبلهم. وظل يعيش هناك، وتحديدا بمنطقة بوجولي، قريبا من مدينة ليون، إلى أن اختفى سنة 2001 مما دفع الأسرة إلى وضع شكاية لم تعرها السلطات المختصة أي اهتمام. وكذلك ظل الأمر إلى حدود سنة 2008 حيث ظهرت فتاة، كانت زميلة محمد خلال مرحلة الدراسة لتقول إنها التقت بالمختفي مما جعل الأسرة تضع شكاية ثانية. لكن السلطات ذات الاختصاص أغلقت الملف على اعتبار أن لا ضرورة لذلك ما دام المبحوث عنه راشدا وحيا يرزق. ومرة أخرى تنسى القضية. لكن في سنة 2015 تظهر امرأة شاهدة تعطي فكرة عن وجود قتلة وضحية. فتح الملف فتم الإقرار بأن المختفي كان ضحية جريمة قتل ارتكبها أب وابنيه في قضية خلاف قيل إنه حول السرقة، وقيل إنه حول المخدرات(؟).

 

هذا وقد اعترف القتلة بتورطهم في الجريمة، وبإخفائهم الضحية في إحدى الغابات المجاورة. إثر ذلك طالب دفاع الأسرة بإعادة فتح الملف ليتم اعتقال القتلة. ثم فجأة يعاد النظر في الملف ليتم التأكد بأن مصالح ما تدخلت من أجل إتلاف المحاضر، وكل وثائق القضية، وهو المعطى الذي استندت عليه "العدالة" في مارس 2018 لإطلاق سراح القتلة بدعوى غياب الملف. مما دفع الأسرة إلى الاحتجاج، وإلى اتخاذ القرار بخوض حملة إعلامية لتعريف المجتمع الفرنسي بتخاذل جهازهم القضائي، وإلى بحث كل السبل لجعل الملف قضية رأي عام. هكذا طرقوا كل الأبواب وحين تأكدوا بأن المؤامرة قائمة، وبأنهم عازمون على ألا تمر تلك المؤامرة قرروا، يوم 14 شتنبر 2020، نقل القضية إلى المحكمة الدولية لحقوق الإنسان، وإلى الآن لا يزال الملف معلقا باعتباره وصمة عار في سيرة القضاء الفرنسي و"فضيحة القرن قضائيا"  كما أشارت إلى ذلك الصفحة المخصصة لهذه القضية على صفحة الفيسبوك.

 

ولا تزال الأسرة إلى اليوم تنتظر كشف الحقيقة، والنخبة الفرنسية التي تتدعي أنها من سلالة فلاسفة الأنوار لا تزال صامتة عن هذه الخيانة، والعقل الفرنسي لا يزال يسمح بأن يجرى على أرض فرنسا مسلسل عبثي يعترف فيها القتلة بالجريمة ويودعون السجن، ثم يفرج عنهم لاعتبار ما يسمى "غياب الأدلة".

 

إنها فرنسا المنافقة المخادعة حين تغتال الحقيقة، وتستسلم إلى غريزة كراهية الآخرين.

 

رشيدة، أخت الضحية محمد عبد الهادي، صرحت في البرنامج الذي شاركت فيه رفقة محامي الأسرة وأحد الصحافيين بمدينة ليون وبعض رفاق الضحية: "سأذهب إلى النهاية. أعرف ما فعلوا. لن ينعموا بالسلام ما دمت على قيد الحياة !"