الأحد 24 نوفمبر 2024
في الصميم

حكومة أخنوش ..حكومة الفرصة الأخيرة!!

حكومة أخنوش ..حكومة الفرصة الأخيرة!! عبد الرحيم أريري
المغاربة سئموا من ازدواجية الخطاب والنفاق والأكاذيب، لذا عاقبوا، بل وانتقموا من "البيجيدي" يوم 8 شتنبر2021. أكثر المتشائمين كان لا يتوقع "تفتيت" حزب العدالة والتنمية ويتبدّد كدخان. ومن سخرية القدر سوف يصطفّ الحزبان "اللدودان" في المعارضة: الوردة والمصباح. 
من هو كاتب السيناريو "العبقري" الذي يمكنه تخيّل هذه الأحداث "السوريالية"، ونرى حزب "البلطجي" - على حد قول بنكيران - يضع يده في يد سعد الدين العثماني الذي ارتدّ عن استقالته "السياسية".
السياسة في المغرب تسير بلا "بوصلة"، والمصالح الحزبية تشبه لعبة "القمار"، الحزب "الشيوعي" يلبس زعيمه عباءة الأصولي وسبحته ويقود وفدا للحج، والأصولي يرتد عن قيمه ومبادئه، يخلع اللحية، يمزق الحجاب، يطوي العباءة ويبحث عمن تساعده على القذف، ويلبس الكوسطار !!
في هذا السياق الملتبس و"حربائية" الأحزاب وتداخل الألوان'، وذوبان المسافات بين "اليمين" و"اليسار"، اختارت صناديق الاقتراع "جلد" البيجيدي وانتخاب عزيز أخنوش ليقود "تيتانيك" الحكومة وانتشالها من الغرق.
لماذا كان "بروفيل" أخنوش هو "المختار"؟ 
هناك عدة اعتبارات: 
أولا: احترام الملك للوثيقة الدستورية، واختيار رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات. لذا أخنوش اختارته صناديق الاقتراع ولم ينزل من مظلة.
ثانيا: أخنوش رجل ذو مال ورجل أعمال ناجح، والمغرب في حاجة إلى "تاجر" حقيقي ينقل نجاح تدبير مقاولاته إلى نجاح في تدبير شؤون الدولة لخلق الثروة بالبلاد وإنعاش الاستثمار ورفع الناتج الداخلي الخام ومضاعفة حجم الصادرات، لا إلى "تاجر يبزنس بالدين" لتعطيل الاقتصاد والتسبب في احتباس تنموي. أخنوش أمامه "صفقة" لا تعوض بثمن، هي "حكومة" ووطن يلعق جراحه. أخنوش أمامه خمس سنوات لوضع قطار التنمية في سكته الصحيحة، وإصلاح ما أفسده الأصوليون في عشرية سوداء، فرغم أنه كان مشاركا في الحكومات السابقة، إلا أن هامش التحرك كان ضيقا بسبب دسائس الأصوليين ومكرهم، عكس الحال اليوم، فهو الآمر والناهي في حكومة مقلصة العدد في الأحزاب ومتجانسة في التصور والبرنامج، ثم وهذا هو الأهم: هي حكومة مسنودة بملك مشغول بهاجسين: تحقيق الإنصاف المجالي والعدالة بين المغاربة في الانتفاع من ثروات الوطن، وهي حكومة مسنودة بأغلبية مريحة بغرفتي البرلمان. 
ثالثا: المغرب يعيش تكالبا خارجيا بعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على كامل ترابه من طنجة إلى لكويرة، مع ارتفاع سعار عصابة الجزائر، و"تقلاز" فرنسا للمغرب من "تحت الجلابة"، وغدر إسبانيا، وحقارة حكومة ألمانيا ودناءة سلطات هولندا. طعنات الغدر الموجهة إلى المغرب تحتاج إلى حكومة فعالة منسجمة مركزيا وجهويا ومحليا. 
رابعا: تقليص التحالف الحكومي إلى ثلاثة أحزاب هي التي تصدرت صناديق الاقتراع، دليل على احترام إرادة الناخبين، وتطبيق برامجهم، عكس ما كنا نراه من "خيلوطة" و"عرّام التشيش"!! وهي مؤشرات على بداية تقعيد أعراف سياسية جديدة، وتطلع إلى مغرب مزدهر يسير على خطى دول أفلحت في تمزيق شرنقاتها مثل ماليزيا وسنغافورة وتركيا وكوريا الجنوبية مثلا.. إذ في ظرف 10 سنوات، أو أقل وأكثر، انبعثت هذه الدول من الرماد وردمت الفقر والجهل في مجتمعاتها، وقلصت الفوارق بين فئات شعوبها وتمكنت من تحقيق عدالة مجالية ببلدانها، وتحولت إلى دول صاعدة، بل ومنها من أضحى قوة إقليمية محترمة. 
المغرب، بعد تنصيب حكومة أخنوش، ملزم وجوبا باستحضار نماذج ماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتركيا، ليستلهم منها الوصفة لتحقيق الوثبة التنموية المرجوة، حتى يطوي المغرب التخلف والفقر والفوارق والأمية، ويشطب عليها من القاموس ومن الهندسة الحكومية والإدارية. 
أمام حكومة أخنوش تحدي اختيار بروفيل وزراء من عيار ثقيل وأن تكون  لهم الكفاءة اللازمة لتدبير القطاعات المسنودة إليهم( وليس تحويل الحكومة إلى "كريمة"، لإرضاء الأسر والعائلات والقيادات الحزبية لجبر الخواطر).
أمام حكومة أخنوش خمس سنوات للزيادة في الجرعة لوضع خارطة طريق تنقل المغرب من التخلف إلى التنمية. 
أمام أخنوش فرصة تاريخية ليدون اسمه في التاريخ، ليقود حكومة قوية تسير بالسرعة التي يمشي بها الملك محمد السادس وتتماشى إيقاعاتها مع الطموحات المشروعة للمغاربة.
هذا هو المغرب الذي نريده، وهذه هي حكومة "الإنقاذ" التي وضع فيها المغاربة ثقتهم حتى لا نفقد الأمل في المستقبل.