بصرف النظر عن الاختلاف الواضح بين قيادات البيجيدي بخصوص «البوتفليقية» التي يريد عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، فرضها على أتباع المصباح في مؤتمرهم الوطني القادم، فإن ورقة «الولاية الثالثة» تعتبر، في رأي المراقبين، ضربة قاتلة للديمقراطية الداخلية لهذا الحزب الذي يعيش أسوأ أيامه على الإطلاق منذ تأسيسه.
فبينما يدفع المنادون بـ «الولاية الثالثة» في اتجاه تثبيت بنكيران ودعم استمراره على رأس الحزب كشكل من أشكال الممانعة للحفاظ على «الرصيد الشعبي» الذي راكمه بمهاراته الخطابية والمسرحية والتنكيتية وعفاريته وتماسيحه المشهود له بها، يرى آخرون من داخل البيجيدي أنهم ليسوا «عبدة أصنام»، و«أن من كان يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات»، مبرزين أن التشبث بإعادة ترشيح بنكران لولاية ثالثة هو تكريس للتوجه الاستبدادي داخل حزب المصباح والحيلولة دون دوران النخب وتداول الاجيال على القيادة.
وتطرح الرغبة في تجديد الالتزام السياسي مع صاحب التماسيح لولاية ثالثة بشكل مبكر (قبل انعقاد المؤتمر)، ودون أية اعتبارات للوضع السياسي العام ومدى قدرته الفعلية على مواجهة تحديات ما بعد «الفشل الحكومي»، موقفا استباقيا لمواجهة «جناح الوزراء» ومنعهم من الهيمنة على التنظيم، للإبقاء على «الإشعاع الحزبي»، أولا؛ ولتأجيل قتل «الزعيم» خوفا من عدم قدرة الحزب على التكيف مع هذا المتغير الذي بإمكانه أن يفرض كلفة سياسية جديدة على الحزب، ثانيا؛ أما ثالثا، فخوفا من توسع المعارضة الداخلية التي بدأت مع الفشل الذريع في تشكيل الحكومة، ولم تنته مع الضعف الذي أبان عنه رئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني.
إن الدعوة إلى ترشيح بنكيران لولاية ثالثة رغم هشاشة وضعه السياسي، تتجاوز بكثير الواقع الحزبي الداخلي، خصوصاً أنها مرتبطة بمبدأ كهنوتي يقوم على «تقديس البشر»، وذلك في شخصنة المؤسّسات وقدسنة الزعامات وأصنمة الهويات. وهو ما نقف عليه في مختلف النظريات المرتبطة بعلم الاجتماع الديني، أي تلك التي تشير الى ارتباط الدين بالسياسات واقتران القداسة بالزعامات، وهو الواقع الذي يعزز «المجتمع القطيعي» النابع من تصور مفاده أن الأفراد والجماعات المحكومة في «التنظيمات الدينية المتخلفة» (حالة البيجيدي) من العجز والسلبية لدرجة أنها تفتقر لأي مظهر من مظاهر الحكمة المعرفية أو الرشاد الاخلاقي، ولذلك فهي بحاجة إلى زعيم يقيم مملكة الله فوق أرضه. وهذا يطرح أكثر من تساؤل:
ما فائدة الحديث عن الديمقراطية إذا البيجيدي ميالا إلى «تأبيد» الزعامات السياسية التي بتفردها المصطنع تتخطى حواجز الواقع و تتجاوز حدود المجتمع؟
ما فائدة المجلس الوطني والمؤتمر الوطني والأجهزة الحزبية الأخرى إذا كان البيجيديون كلهم عاجزين عن تأمين «القانون الأساسي للحزب» وتأمين مبدأ التداول على الزعامة؟
ما فائدة «القيادة الحزبية» كمؤسسة قائمة الذات في ظل أتباع يهيمون بشخصية الزعيم ويعتبرونه كالتمّيمة السحرية التي ستصد عنهم الشرور والمفاسد؟
إن الولاية الثالثة التي يسعى بعض البيجيديين إلى تمكين أمينهم العام منها تسهم في تشجيع «البوتفليقية» وخلق وتهيئة الأجواء المناسبة لصيرورة الزعامة الكاريزمية، لأن لا أحد يمكنه الحيلولة دون السقوط في «الولاية الرابعة» أو «الولاية الخامسة» أو «الزعامة المؤبدة». كما أنها لم تنبع من الفراغ ولم تظهر من العدم بقدر ماهي مشروطة بظروف خاصة وأوضاع استثنائية مرتبطة بظروف إعفاء عبد الإله بنكيران من رئاسة الحكومة، وأيضا بوقوع الحزب في كل ما يرفضه أمينه العام بعنجهية متعاظمة لا تقيم وزنا لإكراهات بناء الأغلبية..
لا أحد ينكر أن البيجيديين يعيشون حالة استثنائية ونقاشا محتدما حول من سيكون على رأس الحزب خلال الولاية المقبلة، ولا أحد ينكر الآن أن الديمقراطية الداخلية داخل هذا الحزب ستعيش اختبارا حقيقيا في لحظة المؤتمر الوطني الذي سيضع الجميع أمام أمرين، إما أنه حزب سياسي ديمقراطي، وإما أنه مجرد «زاوية» يُعْبَدُ فيها الزعيم المستبد الذي ينتفع كثيرا من امتداد الأزمة، ليمارس عمله في صناعة أسطورته، كما يعمل بصيغة مشرعنة (سلطة المؤتمر)، على تهويل صورته الرمزية في العقل و من خلال صورته المرئية في وسائل الإعلام.
هذا هو الرهان الذي ستحسم فيه لحظة المؤتمر الوطني القام لحزب المصباح!!
شريط «الحروب الكلامية» بين الإخوان - الأعداء !
ابريل 2017
l نقاشات حادة في صفوف حزب العدالة والتنمية على خلفية تعيين العثماني رييسا للحكومة خلفا للمعفي بنكيران، الخلاف انتقل للأمانة العامة. وزيادة التطاحن الداخلي بعد تشكيل الحكومة. وبدء الحملة الدعائية للمطالبة بتغيير قوانين الحزب والتمديد لبنكيران لولاية ثالثة على رأس الأمانة العامة للحزب.
l عبد الصمد سكال، رئيس جهة الرباط، دعا الى وضع مسافة مع حكومة العثماني، والاشتغال على الحد الأدنى من الخسائر والتحضير الجيد للمرحلة المقبلة.
l بنكيران يقاطع لقاء الأمانة العامة المخصص لاختيار وزراء الحزب ويفوض لنائبه سليمان العمراني وسعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني، كامل الصلاحيات.
l مواجهة حادة فيسبوكية بين عبد العالي حامي الدين المحسوب على تيار بنكيران، ومصطفى بابا المحسوب على تيار عزيز رباح، حول شخصية بنكيران.
l بنكيران يدعو أنصاره لعدم الاحتجاج على ما وصفوه تنازلات الأمانة العامة في مفاوضات تشكيل الحكومة، والتهدئة وعدم التظاهر، وهو الموقف الذي اتخذه سليمان العمراني، بالقول إن الاحتجاج لا موجب له الآن، فضلا عن أنه أسلوب خاطئ في هذا السياق الدقيق، ومن حق برلمان الحزب أن يحاسب الأمانة العامة في كل قراراتها.
l سخط في وسط بعض فئات شبيبة العدالة والتنمية، بعد متع الاحتجاج وتعطيل انعقاد المجلس الوطني لمناقشة سياق ومآلات تشكيل حكومة العثماني بعد إعفاء بنكيران.
l اعضاء من شبيبة البيجيدي يصفون محمد يتيم بـ«يتيم آية الله التبريري»، وذلك على خلفية تبريره لإعفاء بنكيران، اعتبروه طعنة سياسية في ظهر بنكيران، وقال احد الشباب، ان يتيم وظف سلطة الدين لتكميم الأفواه، وهو يصف معارضي العثماني بالخوارج.
ماي 2017
l بنكيران، يتوجه لأداء مناسك العمرة، مباشرة بعد تعيين حكومة العثماني.
l الأمانة العامة لحزب المصباح تصدر بلاغا في غياب بنكيران، تدعو فيه اعضاء الحزب لـ«اليقظة وروح المسؤولية وحسن تدبير الاختلاف، وتفويت الفرصة على المتربصين بالحزب».
l انتقال الصراع بين العثماني وبنكيران الى الجهات والأقاليم، واستغلال غياب بنكيران عن ارض الوطن لحشد التأييد لحكومة العثماني.
l بنكيران يصرح بأنه لن يعتزل العمل السياسي، وذلك على إثر راحة نفسية قضاها بالديار المقدسة بالسعودية.
l البرلمانية آمنة ماء العينين تتهم زميلها الرباح بالنميمة في حقها، هذا الأخير حسب ماء العينين، قال لبعض الإخوان في غيابها: «إن كانت ترفض حكومة الإهانة، لماذا قبلت أن تكون نائبة رئيس مجلس النواب، لأن الإهانة بدأت مع انتخاب المالكي..».
l عبد العالي حامي الدين، يتهم العثماني بممارسة التدليس المؤدي إلى التضليل خلال مشاورات تشكيل الحكومة.
يوليوز 2017
l شبيبة العدالة والتنمية، تصطف إلى جانب بنكيران لاستمراره في قيادة الحزب لولاية ثالثة «باعتباره أملا لفئات واسعة من الشعب».
l آمنة ماء العينين، تشدد على أن أخطر ما يمكن ان يقع لحزب العدالة والتنمية هو خفوت صوت النقد المسؤول بدعوى الحفاظ على التنظيم.
l المجلس الوطني لحزب «المصباح»، يدعو لتجاوز تداعيات المرحلة السابقة من خلال امتلاك قراءة جماعية وتقييم شامل للمرحلة الفاصلة بين المؤتمرين السابع والثامن، مؤكدا أن مؤسسات الحزب تعد الفضاء الأنسب لأي تقييم لعمل الحزب وتوجهاته وقراراته، وكذا أهمية واولوية المحافظة على التماسك التنظيمي للحزب.
l شبيبة العدالة والتنمية تهاجم الرميد بتبرير المقاربة الأمنية وتبييضها في أحداث الريف، وتتهم حكومة العثماني بتسطير نكسة حقوقية، كما تلقى وزراء الحزب انتقادا لاذعا من قبل الشبيبة.
l بنكيران يقول: «إن مهمتي انتهت، اللهم إذا وقع شيء غير معلوم، أو كان للإخوة رأي آخر قد يطالبون ويرون مصلحتهم، وقتها سيكون كلام آخر».
l أصوات داخل حزب العدالة والتنمية، تعتبر أن تعديل القانون الداخلي لولاية ثالثة لبنكيران، يشكل ضربة موجعة للحزب الذي ظل يتغنى بالديمقراطية الداخلية، وانه لن تنفع التبريرات والإبداع في تسويقها لإقناع الأعضاء بحاجة المرحلة السياسية الى مثل بنكيران.
l تعزيز الأمانة العامة للحزب بأربعة أعضاء، يثير خلافات بين الأعضاء، ويخلف حروبا كلامية، وأفادت تسريبات أن يتيم اتهم بنكيران بالانتقام من الدولة عن طريق الحزب، وهذا الأخير هو الخاسر.
غشت 2017
l بنكيران يرفض التطرق للصراعات التي يعرفها حزبه قبل انعقاد مؤتمره الوطني في دجنبر 2017، خلال انعقاد ملتقى شبيبته.
l بنكيران يؤكد أن المجلس الوطني للحزب هو سيد نفسه في تقرير استمراره لولاية ثالثة على راس الحزب، مؤكدا في كلمته أمام مناضلي حزبه في الخارج، أن الحزب يمر باضطرابات جوية عالية.
l بنكيران يلمح لرغبته في ولاية ثالثة في لقاء جمعه بالمستفيدين من مخيم الشباب القومي العربي بالمحمدية، حيث قال: «حين تشعر أن الواجب لا يزال يناديك تحاول أن تغالب نفسك، وحين ترى أن هناك أشخاصا صادقين ومخلصين صمدوا حتى النهاية، تقول لماذا لا أكون مثلهم».
l بنكيران يعتبر ما تعرض له من إطاحة من رئاسة الحكومة، ليس أمرا عاديا، بل مؤامرة شارك فيها أهل الدار.
l محمد يتيم، يشن هجوما ضد ملتقى شبيبة العدالة والتنمية، معتبرا إياه لم يسلم من بعض الهفوات والانزلاقات وبأن حزبه لم يدع يوما بأنه حزب ثوري أو راديكالي، مؤاخذا المشاركين في ملتقى الشبيبة بأنهم لن يجدوا في حزبه ما افتقدوه في اليسار.
l يوسف الرطمي، أحد المستفيدين من العفو على خلفية الإشادة باغتيال السفير الروسي في الحادث الإرهابي بتركيا، ينتقد محمد يتيم معتبرا إياه لم يقم لا بواجب التضامن ولا الزيارة واصفا كلامه بأنه زعيق.
l البرلمانية آمنة ماء العينين، تعتذر للمشاركين في الملتقى، ملمحة إلى أن يتيم يريد أن يهدم ما بناه بنكيران من تقارب إسلامي يساري ليبرالي شعبي.
مواقف قادة «البيجيدي» حول منح «الزعامة الخالدة» لبنكيران
l «نحن لا نغير القوانين حسب الأشخاص، فالعمل داخل حزبنا، غير مرتبط بمنطق المسؤولية، وابن كيران حي يرزق ويعمل، وإذا ارتأت مؤسسات الحزب التمديد لبنكيران، فسألتزم بذلك».
لحسن الداودي، عضو الأمانة العامة للحزب
l «يمنع القانون الداخلي للحزب ان نقوم بالتعبئة لأي شخص، فكل واحد يعبر عن رأيه ولدينا آراء متعددة، فلسنا عبدة للأصنام، ولسنا نسخة طبق الأصل، وما يحكم حزبنا هو القوانين وليس التيارات، ما يحكمنا والقرارات التي تتخذ داخل المؤسسات نلتزم بها..»
عزيز الرباح، عضو الأمانة العامة للحزب
l «النقاش حول التمديد لولاية ثالثة لبنكيران، هو حق لكل الأعضاء بشكل مجرد، لكن ليس هذا وقته وليست تلك فضاءاته، ويمكن أن يفتح النقاش في وقت لاحق عندما نكون بصدد تعديل النظام الأساسي، حينها سيطرح في مؤسسات الحزب، وليس في فضاء آخر.. من يحاولون النفخ في الخلافات الداخلية، وتصوير الأمر وكأن الحزب مقبل على صراع بين أجنحة، لن يبقى من قوته شيئا، سيطول انتظارهم وتخيب أمالهم».
سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية
l «من واجب الأمين العام في الوقت الراهن أن يحرص على وحدة الحزب وعلى استيعابه للوضع السياسي في الوقت نفسه وعلى السير الطبيعي لمؤسسات الحزب، وعلى عاتقه عبء ثقيل يتعلق بإيصال الحزب في كامل قوته للمؤتمر الوطني وليس العكس، وان يحرص أيضا على استمراره حزب مؤسسات أيضا».
عبد اللطيف برحو، نائب برلماني
l «نحذر بنكيران من مغبة إحياء فكر وروح وسلوك مشيخة عبد الكريم مطيع مؤسس الشبيبة الإسلامية.. من يحب بنكيران يقول له الحقيقة كما هي لا كما يجب أن يسمعها، وإذا أغرى بعض الحواريين بنكيران بالرجوع الى بعض أخلاق «المطيعية» وهي الشك حتى في المقربين منه، سوف يبقى زعيما من دون شك، لكن لمرحلة فقط، وسوف يسهم من دون شك في هدم كل ما بناه في أربعين سنة في لحظة واحدة».
امحمد الهلالي، عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح
l «ما آل إليه الوضع داخل حزب العدالة والتنمية، مقلق بالنسبة إلينا، لأنه لم يحدث مثله في تاريخ الحزب، خصوصا تعطل بعض مؤسساته عن الانعقاد أو اتخاذ القرارات المناسبة رغم الاختلافات التي قد تكون في التقدير والاجتهاد.. الحزب يمر بصعوبات تحتاج إلى مزيد من التبصر والحكمة والتعقل..»
عبد الرحيم شيخي رئيس حركة التوحيد والإصلاح
l «بنكيران رجل دولة كبير ووطني غيور على بلده، لكنه في غنى عن المدح والإطراء، فهذه من المهلكات، هو بحاجة لمن يبصره بعيوبه، إن وجدت، وأخطائه، التي تلازم أي اجتهاد بشري، هو اليوم في مفترق الطرق.. لقد التزمنا الديمقراطية في الحزب، والمرجعية الإسلامية، وكلاهما يناقض ثقافة المشيخة والزعامة الخالدة»
احمد الشقيري الديني، عضو سابق في الأمانة العامة
l «القانون الأساسي ليس قرآنا منزلا، ومقتضياته خاضعة للنقاش والتداول والمراجعة والحذف، وهذا كله سوف نناقشه.. لقد خسرنا شوطا، ولكن المباراة لم تنته بعد».
خالد البوقرعي، الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية
l «تعيين حكومة العثماني لاعلاقة له بالدستور وإرادة الشعب، والدولة العميقة هي التي أفرزتها.. والمطلوب اليوم هو مواجهة الدولة العميقة..»
عبد العزيز أفتاتي، قيادي في «البيجيدي»
محمد أمحجور، المدير المركزي السابق لمقر الحزب في الرباط
لا للشرك الإصلاحي والسياسي.. ما ظهر منه وما بطن…
لا أخفيكم سرا إذا أخبرتكم أن بلاغ المكتب الوطني للشبيبة العدالة والتنمية قد شد انتباهي كثيرا بما تضمنه من تفاعل مع الوضع السياسي والتنظيمي الذي يعيشه الحزب. وأكثر ما شد انتباهي فيه هو الفقرة التي تم فيها الحديث عن الأخ عبد الإله بنكيران، وخاصة بعد أن تم تحويلها إلى ملصق صمم وعمم ليتم تداوله على الفايسبوك وغيره من الوسائط.
فأن تجتمع هيئة من حجم المكتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية وتصدر بيانا يطالب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بالاستمرار في ممارسة أدواره الوطنية حالا ومستقبلا فهذا أمر مرغوب فيه ومطلوب ولا أظن أن حوله خلاف أو اختلاف. لكن أن يتم ربط هذا الدور باعتبار الأخ عبد الإله بنكيران ?أملا لفئات واسعة من الشعب المغربي التي آمنت بمنطق الإصلاح في ظل الاستقرار، ? فهذا في رأيي الشخصي تعليل مبالغ فيه، بل هو خطأ منهجي كبير.
فما معنى أن يصبح «شخص» مهما علا مقامه أملا لفئات واسعة للشعب؟! متى كنا نرفع مسؤولينا إلى درجة ربط الأمل بهم وجودا وعدما؟ ولماذا يصلح حزب العدالة والتنمية إن انزاح الأمل عنه والتصق بأمينه العام؟! وماذا سيقع لنا وللفئات الواسعة من الشعب المغربي إن أخطا الزعيم أو زاغ؟! أو ليس كل ابن آدم خطاء؟! أم أنه لا يخطئ؟! ثم ماذا لو مات أو «قتل»؟! هل سيموت معه الأمل؟! أم سيقتل ما آمنا به من منطق الإصلاح في ظل الاستقرار؟! وما نحن فاعلون بسنة كونية وشرعية مضطردة لا تحابي ولا تجامل: «وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا». فهل سننقلب على أعقابنا وننقض غزلنا ونفرق جمعنا ؟! وهل دورنا الإصلاحي والسياسي يدور وجودا وعدما مع السي عبد الإله؟! أيصدق عقلا أن تنهار كل آمال الإصلاح التي نحتناها طوال عقود من زمننا الإصلاحي المديد من بين فرث ودم منهجا إصلاحيا سائغا فاعلا مؤثرا متعاليا عن الأشخاص كانوا من كانوا مع حفظ مقاماتهم وإسهاماتهم وأدوارهم، والتي ما ينبغي لها أن تصل مهما كبرت إلى مقام التماهي والتطابق معهم.
إن أسوأ فخ يمكن أن يسقط في شركه أبناء وبنات العدالة والتنمية هو أن ?يشخصنوا? أزمتهم، فيبحثون في أنفسهم عن من يحفظ «بيضة التنظيم» ومن يكسرها، ومن منا أكثر وفاء «للخط السياسي» ومن منا أكثر «خيانة» لهذا الخط. وبالمناسبة متى كانت سياستنا ومواقفنا «خطا»؟!! سنبحث أيضا عن من منا أكثر وفاء «للشعب» ومن أكثرنا خيانة له. سنبحث كذلك عمن حفظ «العهد» ومن منا أضاعه ولربما «باعه». سنبحث دون شك عمن يحفظ «روح» 7 أكتوبر ومن كان حظه منها «جثة عفنة» لا يدري أيحفظها على وهن أم يدسها في التراب؟! سنبحث أيضا عن المبررين المرتعشين وسننقب عن الصامدين من غير المبررين… وختاما سنبحث عن ?المنقذ من الضلال? الذي سيملأ حزبنا هدى ورحمة ويذهب عنه الغم والحزن.
قد يبدو ما ذكرته مبالغة، لكن صدقوني هو منطق مقدماته تفضي إلى هاته النتائج قد تبدأ بأمور نستصغرها لكن مآلها واحد «حينما تغيب الفكرة يبزغ الصنم»… والفكرة اليوم هي أسئلة منهجية إصلاحية وسياسية وتنظيمية تقتضي إجابة جماعية وفية لمنهجنا الإصلاحي العام، ومنسجمة مع قواعد اجتماعنا واشتغالنا.
السؤال الكبير اليوم هو ما الذي وقع ليتحول نصرنا الانتخابي الباهر إلى شبه نصر أو هزيمة سياسية أربكت قيادتنا وزرعت الشك في صفوفنا وأضعفت منسوب الثقة فيما بيننا وجعلتنا في حيرة من أمرنا؟! وما هو حجم الضرر الذي لحق بمشروعنا الإصلاحي العام؟! وأهم من ذلك سؤال الوجهة والدور في مستقبل الأيام؟! في هذا السياق المنهجي الجماعي وفي مخرجاته النهائية يطرح سؤال الدور الذي يمكن أن يقوم به رجل استثنائي وقيادة تاريخية كبيرة ومعطاءة من حجم سي عبد الإله بنكيران، وفق تقدير جماعي متحرر من الآصار والأغلال، آصار «امل الشعب» وأغلال «القائد الذي لا بديل له»، وحينها إذا قدرنا لسي عبد الإله أن يكون في الساقة فليكن في الساقة وإذا قدرنا أن يكون في الحراسة فليكن في الحراسة، وما نقص ذلك من زعامته شيء، فالزعامة رزق من الله يهبه من يشاء من عباده..
امحمد جبرون، عضو حركة التوحيد والإصلاح
التمديد لبنكيران هو اختيار المواجهة مع الدولة
1- «إن التمديد لبنكيران يعني من الناحية الثقافية خروجا عما استقرت عليه الممارسة التنظيمية لهذا التيار من الإسلاميين، والذي ظهر في تناقض تام مع فكرة الزعامة الشخصية والمشيخة والقيادة الفردية..؛
2 - إن التمديد لبنكيران يعني اختيار المواجهة والصدام مع الدولة، لأنه أمسى وببساطة رمزا لخيار المواجهة، وبهذا الاعتبار لم يعد مرغوبا فيه، واختياره مكلف مستقبلا ولا أظن عاقلا داخل الحزب سيضحي بكل المكتسبات التي تحققت ويتشبث بالأستاذ بنكيران؛
3 - إن حركة التوحيد والإصلاح، الشريك الاستراتيجي للحزب، والتي تؤثر بشكل أو بآخر في قرارات الحزب واختياراته الاستراتيجية ليست مع تغيير القوانين لأجل الأشخاص، حيث كانت تراهن ومنذ تأسيسها على القيادة التشاركية وعبقرية الجماعة بدل الفرد، ولن تكون مع الولاية الثالثة، ولها من الوسائل والآليات للتعبير عن هذه الاختيارات؛
4 - إن الأستاذ بنكيران ليس خيارا إصلاحيا واضحا، مدركا لمطالبه، بل هو قوة خامة، واندفاع سياسي غير محدد الوجهة. ومن ثم، فالذين يتشبثون اليوم ببنكيران لا يتشبثون بخيار إصلاحي واضح، وأفق قابل للتحقق، بل يتشبثون بهذا الاندفاع في شخصه، فهل الأستاذ بنكيران أكثر نضالا لأجل الديمقراطية من غيره؟ هل يقترح حلولا لأسئلة الحزب والدولة أفضل من غيره؟ لا أظن ذلك سواء كخطاب أو ممارسة، وبالتالي يكون التشبث به بمثابة نوع من المماحكة القاتلة ليس إلا..!».