الأحد 24 نوفمبر 2024
في الصميم

في الحاجة لطي سنوات الرصاص مع سكان المناطق الجبلية

في الحاجة لطي سنوات الرصاص مع سكان المناطق الجبلية عبد الرحيم أريري

لما دخل الاستعمار إلى المغرب وقرر نقل العاصمة من فاس إلى الرباط لتجنب التشويش عليه من طرف نخبة حضرية متمرسة وعالمة، كان لذلك القرار أثر سلبي لأنه خلف ندوبا على التراب الوطني. إذ أن نقل العاصمة من فاس إلى الرباط، كان إيذانا بخلق أكبر تكتل سكاني على الواجهة الأطلسية للمغرب.

 

هذا التكتل سيتعزز أكثر بقرار الاستعمار خلق ميناء بالدار البيضاء لتصدير الخيرات المنهوبة من داخل المغرب، مما سيتيح (على مر السنوات) خلق تكتل اقتصادي وسياسي بالشريط الممتد من القنيطرة إلى أسفي، على حساب باقي التراب الوطني، وخاصة على حساب المدن الداخلية والجبلية.

 

الاهتمام بالواجهة الأطلسية بالمغرب ظل سلوكا يميز مختلف السياسات العمومية لمرحلة ما بعد الاستعمار، فوقعت الفجوة بين مغربين: مغرب تتركز فيه البنيات التحتية الطرقية والمينائية والمائية والجامعية والطبية والترفيهية والاقتصادية، ومغرب يفتقر إلى أبسط مسلك يربطه بطريق جهوية ولو محفرة أو بطريق وطنية ولو متآكلة.

 

فمع كل موسم برد يستيقظ المواطن على فواجع ومآسي يعيشها حوالي ثلث المغاربة بالشريط الجبلي، الممتد من جبال الريف إلى سفوح جبال ورزازات، مرورا بشفشاون وتازة ووزان وإفران وبني ملال وخنيفرة وميدلت وأزيلال والحوز وتارودانت ، وهي فواجع تحتد حين يستحضر المرء ضيق ذات اليد لدى الغالبة العظمى من سكان هذه الأحواض الجبلية من جهة، وغياب شبكة طرقية ملائمة تفتح شهية الناس للتنقل والاستثمار والاستقرار بهذه الأحواض من جهة ثانية.

 

لقد قلناها مرارا وتكرارا: المغرب في حاجة إلى ردم سياسة ليوطي ردمة نهائية لإنقاذ سكان الشريط الجبلي من ذل السؤال وتسول «مانطة» و"طارو ديال الزيت"، كلما حل الصقيع والبرد.

 

إن المجال الجبلي يحتاج إلى وضع خطة جريئة وذات سقف زمني معقول (لا يتعدى خمسة أعوام) ترتكز (أي الخطة) على ثلاث ركائز أساسية:

الركيزة الأولى، تتمحور حول تمتيع مدن الجبل (من الحسيمة إلى تخوم ورزازات) بأوطوروت تمر عبر صفرو وبني ملال وخنيفرة، مع ربط هذه الأوطوروت بالواجهة الأطلسية؛

الركيزة الثانية، تهم ربط هذا الشريط الجبلي بخطوط السكك الحديدية؛

الركيزة الثالثة، تتجلى في خلق أقطاب حضرية جديدة تستجيب للطلب المتزايد على التمدن من جهة، وتلبي الخصاص الفظيع في هذه المناطق من جهة ثانية، علما أن المغرب ككل يعرف كل سنة توافد ما بين 450 ألف و500 ألف نسمة على الوسط الحضري، وهي هجرة قادمة بالأساس من المراكز والقرى المنسية بهذا الشريط المنسي.

 

فرجاء، احرصوا على مصالحة المغرب مع ترابه وردوا الاعتبار لساكنة الشريط الجبلي!