الجمعة 26 إبريل 2024
في الصميم

..وهل يغضب الملك؟!

..وهل يغضب الملك؟! عبد الرحيم أريري
إذا أسقطنا جائحة كورونا، نجد أن أهم موضوع شغل الرأي العام المغربي، مؤخرا، يتجلى في ما اصطلح عليه إعلاميا بـ "غضبة الملك محمد السادس على مسؤولين بسبب خروقات تعميرية بساحل المضيق".
لن ندخل هنا في تفاصيل المشروع المذكور، وهل احترم الضوابط والمساطر القانونية؛ وما حجم الخروقات المرتكبة، لأن المقام لايسمح بذلك.
لكن بالمقابل نود أن نتوقف عند انسياق جزء كبير من النخب الحزبية والسياسية وراء هذا "الاصطلاح الإعلامي" المتمثل في وجود "غضب ملكي" يخص مشروعا ما بالمضيق.
الملك دستوريا هو رئيس الدولة، وهو رمز أهم مؤسسة في النظام المغربي، ألا وهي المؤسسة الملكية. وبالتالي فحين نقول المؤسسة الملكية، فمعنى ذلك أن هذه المؤسسة تشتغل بمنطق الدولة والقانون وليس بمنطق الأعصاب أو الغضب.
والمؤسسة الملكية ليست قوقعة خاوية، بل هي تنظيم مركب يضم ديوانا ملكيا ومستشارين ولجنا وخبراء وخلايا تفكير ومختصين في كل قضية. وهؤلاء يهيئون التقارير والأرضيات والسيناريوهات التي تساعد الملك، بوصفه رئيس الدولة، لاتخاذ القرار الذي يخدم المصلحة العامة.
تأسيسا على ذلك. فالملك لما يتخذ قرارا، تعلق الأمر بمشروع المضيق أو مارينا الدارالبيضاء أو منارة المتوسط أو مشروع تاغازوت أو ورش أبي رقراق( يا للصدف كل هذه المشاريع تهم التهيئة الساحلية)، فإن قراراته لا تكون وليدة المزاج والغضب، بل تكون قرارات ناضجة ومطبوخة على نار هادئة ومسنودة بالمعطيات والوقائع الدامغة والنصوص وما تضمنته كنانيش التحملات.
الصحافة المغربية حين تلجأ لاستعمال مصطلح"غضبة ملكية"، فهو استعمال يدخل في باب الإثارة المشروعة، وتسعى من خلاله هذه الجريدة أو تلك، إلى خلخة المتلقي لتعبئته فقط وتنبيهه إلى أن في الأمر جللا ما. لكن بما أن جزءا كبيرا من نخبتنا معطوبة ومحدودة التفكير، نجد هذه النخبة تركن إلى القراءة السطحية ذات البعد الواحد وتلوك بدورها أن الملك غاضب. وتناست هذه النخب المتكلسة، أن الدستور، الذي يعد الوثيقة المرجعية لتأطير عمل السلط الثلاث، "رسم الملعب" لكل فاعل ولكل مؤسسة دستورية، ووضع الإدارة تحت سلطة رئيس الحكومة والوزراء: من مديريات مركزية ومفتشيات للتعمير ووكالات حضرية وأقسام التعمير بالعمالات والأقاليم والجماعات الترابية ومفتشيات للإدارة الترابية والمالية وغيرها من الآليات المفروض أن تشتغل بما يخدم الصالح العام وتجويد عيش السكان وضمان الحق في ساحل جميل وعمران جيد.
لكن لما تتعطل الحكومة وإدارتها في ممارسة ماهو منوط بها، يتدخل الملك، ليس لتوزيع الغضب أو إشهاره، بل يتدخل بموجب صفته كرئيس للدولة لوقف فظاعة معينة بهذه العمالة أو ذاك الإقليم بناء على تقارير "مغرزة" وطافحة بالأعطاب والاختلالات.
وياليت الوزراء والولاة والعمال والمدراء والرؤساء استوعبوا الدرس الملكي، لترسيخ دولة المؤسسات ودولة القانون بالمغرب.