السبت 20 إبريل 2024
فن وثقافة

رشيدة بنمسعود تعلن في "مدرات" التهاني: "كل الشروط متوفرة لنجعل من المغرب منارة ثقافية"

رشيدة بنمسعود تعلن في "مدرات" التهاني: "كل الشروط متوفرة لنجعل من المغرب منارة ثقافية" الكاتبة رشيدة بنمسعود والزميل عبد الإله التهاني

كعادتها تتابع جريدة "أنفاس بريس"، أسبوعيا، برنامج "مدارات"، الذي يعده ويقدمه الزميل عبد الإله التهاني، حيث استضاف ليلة السبت 9 ماي 2020، الكاتبة والباحثة رشيدة بنمسعود، في حوار حول خصوصيات الكتابة النسائية في المغرب والمشرق، والوضع الثقافي المغربي وتحولاته، وكذا انطباعاتها حول شخصيات مغربية، أغنت رصيد المعرفة والإبداع في المغرب؛ بحكم أن الباحثة والأستاذة الجامعية رشيدة بن مسعود صوت نسائي مغربي، عرف بحضوره القوي في المشهد الثقافي، من خلال تراكماتها الإبداعية في الكتابة النسائية، حيث أغنت الخزانة المغربية بالعشرات من الأبحاث والدراسات والمقالات.

 

ففي سياق حديثها، بـ "مدارات"، عن الفترة التي يمر منها المغرب، وصفتها رشيدة بنمسعود بـ "التجربة غير المسبوقة في التاريخ بسبب جائحة كورونا التي كشفت عن مبادرات حكيمة استباقية ورائدة، وعززت حضور مكونات المجتمع المغربي المتميز بمبادرات شبابية إنسانية رائعة".

 

وعن موضوع المرأة والكتابة وإسهاماتها في الحركية الإبداعية، أكدت الكاتبة رشيد بنمسعود على أن "تخصصها قادها إلى الاهتمام والتركيز على المرأة كموضوع للكتابة"، خصوصا وأنها لاحظت بعين الباحثة والناقدة أن "التراث الثقافي يزخر بأحكام جاهزة تنقص من المرأة، ومكانتها الإنسانية، والحيلولة دون امتلاكها لسلطة الكلمة ..لكي لا تلتحق بالركب الحضاري، ولكي لا تبرز طاقاتها الإبداعية".

 

وعززت مرافعتها عن المرأة، وهي تستحضر بقلق مواقف بعض الشعراء والواعظين، التي اعتبرتها "دعوة صريحة منهم إلى حجب المرأة في المنزل لتقوم بأعمال البيت والتربية فقط، وإبعادها عن الكتابة والإبداع.. وإبقائها كذلك وسط الأمية والجهالة". هذه الأحكام والمواقف اعتبرتها بن مسعود "أحكاما مجحفة في حق المرأة، وهي التي شجعتني لمعرفة العقلية الثقافية الذكورية".

 

وفي سياق متصل فتح الزميل عبد الإله التهاني نافذة لنقاش موضوع المحاكمات الأدبية التي تعرضت لها المرأة المبدعة، حيث اعتبرت رشيدة بنمسعود أن "كل ما تعرض له الرجل المثقف والمفكر الذي يخوض في الدين والسياسة من اتهامات، تعرضت لها المرأة المثقفة والمفكرة كذلك إلى درجة استعمال أسلحة المنع والتجريم ضد كتاباتها".

 

هذه الحرب المعلنة على المرأة الكاتبة والمفكرة غير المتكافئة ستفرض عليها التخفي وراء أسماء مستعارة في الكتابة "الكتابة باسم مستعار ظاهرة استوقفتني من خلال تموضع المرأة بين الظهور والتخفي، وهي ظاهرة مشتركة بين مجموعة من الكاتبات بالمغرب والعالم العربي (مليكة الفاسي التي استعملت اسم باحثة الحاضرة، وزينب فهمي التي استعملت اسم رفيقة الطبيعة، وفاطمة المرنيسي التي استعملت اسم فاطمة أيت صالح، والدكتورة عائشة عبد الرحمان التي استعملت اسم بنت الشاطئ...)"، توضح الباحثة بنمسعود التي اعتبرت بأن الكتابة باسم مستعار تكشف على أن "المرأة المبدعة والكاتبة المثقفة، قد عانت معاناة مركبة، اختلط فيها الحيف الاقتصادي والتشريعي والاجتماعي".

 

وعلى مستوى البدايات الأولى إبداعيا، بصيغة المؤنث، سواء على مستوى الكتابة أو التشكيل والعلوم الإنسانية أو الدراسات القانونية أو في العلوم السياسية، أكدت الباحثة رشيدة بنمسعود على أن "البدايات انطلقت مع الكاتبة مليكة الفاسي، وفاطمة الرازي، وخناثة بنونة، لكن هذه الانطلاقة في الكتابة تميزت بظاهرة التوقف أو الانقطاع عن الكتابة عند حدود إصدار الكتاب الأول".

 

وأوضحت نفس المتحدثة كون أن فترة السبعينيات والثمانينات قد "تميزت بمحدودية الكاتبات من الأسماء النسائية، مع العلم أن المرأة قد امتلكت سلطة الكلمة والمغامرة في الكتابة، خصوصا أن المرحلة برز فيها وعي نسائي جديد، بعد اقتحام المرأة لمجال التعليم، وتم التركيز في هذه المرحلة على النهوض بقضايا النساء الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية ومطلب إقرار التغيير المجتمعي". وفي هذا السياق سجلت رشيدة بنمسعود  كون أن "النقد الأدبي لا يهتم بالمنتوج النسائي ولا يكشف عليه، رغم العديد من الأصوات النسائية التي تواصل الانتاج بشكل يرقى إلى مستوى الحضور النسائي في المجالات السياسية والثقافية... لقد عرف الوعي النسائي حركية متميزة حيث تعددت الأسماء والمنتوج".

 

واعتبرت الكاتبة رشيدة بنمسعود أن الأستاذ علال الفاسي "من القامات الرفيعة التي أسست المشهد المغربي سياسيا وثقافيا، وهو نموذج للمفكر والكاتب السلفي الوطني المتنور الذي كان وسيطا بين المرأة والدفاع عن مصالحها وحقوقها وأخذها بعين الاعتبار. علال الفاسي الرجل الذي دافع على ملف المساواة بين الرجل والمرأة وانحاز إلى قضايا النساء ومناصرتهن، من أجل النهوض بقضايا المرأة لأنها محور التغيير المجتمعي. وهو الذي آمن بدور المثقف والمرأة المثقفة في التغيير".

 

واستحضرت في سياق الحديث عن رجالات الفكر والسياسة الذين ناضلوا من أجل حقوق المرأة عدة أسماء من بينها "علال الفاسي والمهدي بن بركة ومحمد الحجوي..."، حيث اعتبرت مرحلتهم بفترة "انتقالية من أجل تكسير القبضة الذكورية، وتعميق المسألة النسائية وحقوقها المشروعة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية".

 

وشددت رشيدة بنمسعود في برنامج "مدارات" على أن "الثقافة كانت ومازالت مسألة أساسية. لذلك فالنهوض بالثقافة حاليا أصبح ضرورة ملحة، لأن للثقافة أدوار كثيرة ومتعددة في تغذية الفكر وتنمية الوعي والمساهمة في المجال الاقتصادي والاجتماعي". مضيفة أن "المغرب يعيش حركية ثقافية مهمة نظرا لما يعيشه العالم العربي من انتكاسات"، وأن  "الشروط متوفرة لنجعل من المغرب منارة ثقافية".

 

وسجلت بأسف التأخر الحاصل على مستوى إخراج "المجلس الوطني للغات والثقافة من أجل صياغة استراتيجية وتصور متكامل للنهوض بالثقافة ووضع سياسة ثقافية وطينة".

 

كما لم يفت رشيدة بنمسعود الحديث عن الإرادة السياسية التي يمكن أن تترجم مجموعة من المفاهيم الثقافية التي جاءت نتيجة مكتسبات سياسية، والمرتبطة بتكافؤ الفرص والمناصفة والحكامة، والتي يمكن تحصينها من خلال تعزيز الشأن الثقافي اليومي في علاقة مع المؤسسات المنتخبة ومفهوم الجهوية المتقدمة والقوانين المؤطرة ذات الصلة.